أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} (طه: ٣٦) . ومثلى، على وزن: فعلى، تَأْنِيث الأمثل. قَوْله: (تَقول بدينكم) ، تَفْسِير لقَوْله: بطريقتكم المثلى، يَعْنِي: يُرِيد مُوسَى وَهَارُون أَن يذهبا بدينكم الْمُسْتَقيم، وَقيل: بسنتكم ودينكم وَمَا أَنْتُم عَلَيْهِ، وَقيل: أَرَادَا أهل طريقتكم المثلى، وهم بَنو إِسْرَائِيل لقَوْل مُوسَى: أرسل معي بني إِسْرَائِيل، وَقيل: الطَّرِيقَة اسْم لوجوه النَّاس وأشرافهم الَّذين هم قدوة لغَيرهم. فَيُقَال: هم طَريقَة قَومهمْ، وَقَالَ الشّعبِيّ: مَعْنَاهُ ويصرفا وُجُوه النَّاس إِلَيْهِمَا. وَقَالَ الزّجاج: يَعْنِي المثلى والأمثل ذُو الْفضل الَّذِي بِهِ يسْتَحق أَن يُقَال: هَذَا مثل لِقَوْمِهِ.
ثُمَّ ائْتُوا صَفَّاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فاجمعوا كيدكم ثمَّ ائْتُوا صفا وَقد أَفْلح الْيَوْم من استعلى} (طه: ٤٦) . الْخطاب لقوم فِرْعَوْن من السَّحَرَة يَعْنِي: ائْتُوا جَمِيعًا، وَقيل: صُفُوفا لِأَنَّهُ أهيب فِي صُدُور الرائين، رُوِيَ أَن الْحَسْرَة كَانُوا سبعين ألفا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم حَبل وعصا، وَقد أَقبلُوا إقبالة وَاحِدَة.
يُقالُ هَلْ أتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ يَعْنِي الْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ
قَائِل هَذَا التَّفْسِير أَبُو عُبَيْدَة، فَإِنَّهُ قَالَ: المُرَاد من قَوْله: صفا، يَعْنِي: الْمصلى والمجتمع، وَعَن بعض الْعَرَب الفصحاء: مَا اسْتَطَعْت أَن آتِي الصَّفّ أمس، يَعْنِي: الْمصلى، وَوجه صِحَّته أَن يَجْعَل صفا علما لمصلى بِعَيْنِه فَأمروا بِأَن يأتوه أَو يُرَاد ائْتُوا مصلى من الْمُصَليَات.
فأوْجَسَ أضْمَرَ خَوْفاً فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ خِيفَةِ لِكَسْرَةِ الخَاءِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فأوجس مِنْهُم خيفة} (طه: ٧٦) . وَفسّر أوجس بقوله: أضمر خوفًا. قَوْله: فَذَهَبت الْوَاو من خيفة لكسرة الْخَاء. قلت: اصْطِلَاح أهل التصريف أَن يُقَال: أصل خيفة خوفة، فقلبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا.
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ علَى جُذُوعِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولأصلبنَّكُم فِي جُذُوع النّخل} (طه: ١٧) . وَأَشَارَ بقوله: على جُذُوع، أَن كلمة: فِي، فِي قَوْله: {فِي جُذُوع النّخل} (طه: ١٧) . بِمَعْنى: على، للاستعلاء، وَقَالَ: هم صلبوا الْعَبْدي فِي جُذُوع نَخْلَة.
خَطْبُكَ بالُكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَ فَمَا خَطبك يَا سامري} (طه: ٥٩) . وَفسّر: خَطبك بقوله: بالك، وقصته مَشْهُورَة ملخصها: أَن مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل على السامري، واسْمه مُوسَى بن ظفر، الَّذِي {أخرج لَهُم عجلاً جسداً لَهُ خوار فَقَالَ هَذَا إِلَهكُم وإل هـ مُوسَى} (طه: ٨٨) . قَالَ لَهُ: مَا خَطبك؟ أَي: مَا شَأْنك وحالك الَّذِي دعَاك وحملك على مَا صنعت؟ .
مِساسَ مَصْدَرُ ماسَّه مِساساً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس} (طه: ٧٩) . أَي: قَالَ مُوسَى للسامري: فَاذْهَبْ من بَيْننَا فَإِن لَك فِي الْحَيَاة، أَي: مَا دمت حَيا أَن تَقول: لَا مساس، أَي: لَا أمِس وَلَا أُمَس، وَهُوَ مصدر: ماسه يماسه مماسة ومساساً، فعاقبه الله فِي الدُّنْيَا بالعقوبة الَّتِي لَا شَيْء أَشد مِنْهَا، وَلَا أوحش وَذَلِكَ أَنه منع من مُخَالطَة النَّاس منعا كلياً، وَحرم عَلَيْهِم ملاقاته ومكالمته ومبايعته ومواجهته، وَإِذا اتّفق أَن يماس أحدا رجلا أَو امْرَأَة، حم الماس والممسوس، فتحامى النَّاس وتحاموه وَكَانَ يَصِيح: لَا مساس، وَعَن قَتَادَة: أَن بقاياهم الْيَوْم يَقُولُونَ: لَا مساس.
لَنَنْسِفَنَّهُ لَنُذْرِيَنَّهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لنحرقنه ثمَّ لننسفنه فِي اليم نسفاً} (طه: ٧٩) . وَفسّر قَوْله: لننسفنه، بقوله: لنذرينه من التذرية فِي اليم،