حُكيَ أَن مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَخذ الْعجل فذبحه فَسَالَ مِنْهُ الدَّم لِأَنَّهُ كَانَ قد صَار لَحْمًا ودماً، ثمَّ أحرقه بالنَّار وذراه فِي اليم.
الضَّحى الحَرُّ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى} (طه: ٩١١) . وَفسّر الضُّحَى بِالْحرِّ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذَا خطاب لآدَم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَمعنى: لَا تظمأ: لَا تعطش فِيهَا، أَي: فِي الْجنَّة وَلَا تضحى أَي: وَلَا تشرق للشمس فيؤذيك حرهَا، وَقيل: لَا يصيبك حر الشَّمْس إِذْ لَيْسَ فِيهَا شمس، وَذكر هَذَا هُنَا غير مُنَاسِب لِأَنَّهُ فِي قَضِيَّة آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلَا تعلق لَهُ بِقصَّة مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قُصِّيهِ اتَّبِعِي أثَرَهُ وقَدْ يَكُونُ أنْ تَقُصَّ الكَلَامَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَت لأخته قصيه} (الْقَصَص: ١١) . وَفسّر: قصيه، بقوله: اتبعي أَثَره، هَكَذَا فسره أهل التَّفْسِير، وَيُقَال: مَعْنَاهُ استعلمي خَبره، وَهُوَ خطاب لأخت مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من أمهَا، وَاسم أُخْته: مَرْيَم بنت عمرَان، وافقها فِي ذَلِك: مَرْيَم بنت عمرَان أم عِيسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: (وَقد يكون) إِلَى آخِره من جِهَة البُخَارِيّ، أَي: قد يكون معنى القص من: قصّ الْكَلَام، كَمَا فِي قَوْله: {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} (يُوسُف: ٣) .
عنْ جُنُبٍ عنْ بُعْد
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فبصرت بِهِ عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ} (الْقَصَص: ١١) . وَفسّر قَوْله: عَن جنب بقوله: عَن بعد، أَي: بصرت أُخْت مُوسَى مُوسَى عَن بعد، وَالْحَال أَن قوم فِرْعَوْن لَا يعلمُونَ بهَا.
وعَنْ جنابَةٍ وعنِ اجْتِنابٍ واحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى: عَن جنب، وَعَن جَنَابَة وَعَن اجْتِنَاب وَاحِد، فَيُقَال: مَا يأتينا إلَاّ عَن جَنَابَة وَاجْتنَاب، وأصل معنى هَذِه الْمَادَّة يدل على الْبعد، وَمِنْه سمي الْجنب: لبعده عَن الصَّلَاة وَعَن قِرَاءَة الْقُرْآن.
قَالَ مُجاهِدٌ عَلى قَدَرٍ عَلى مَوْعِدٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَبثت سِنِين فِي أهل مَدين ثمَّ جِئْت على قدر يَا مُوسَى} (طه: ٠٤) . وَفسّر قَوْله: على قدر، بقوله: على موعد، وَقيل: على قدر: أَي جِئْت لميقات قدرته لمجيئك قبل خلقك، وَكَانَ مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكث عِنْد شُعَيْب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي مَدين ثمانياً وَعشْرين سنة، عشر سِنِين مِنْهَا مهر امْرَأَته صفورا بنت شُعَيْب، ثمَّ أَقَامَ بعده ثَمَانِيَة عشر سنة عِنْده حَتَّى ولد لَهُ فِي مَدين، ثمَّ جَاءَ على قدر.
لَا تَنِيَا لَا تَضْعُفَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنيا فِي ذكري إذهبا إِلَى فِرْعَوْن إِنَّه طَغى} (طه: ٢٤) . وَفسّر قَوْله تَعَالَى: لَا تنيا، بقوله: لَا تضعفا، يَعْنِي: لَا تفترَّا، من: ونى يني ونياً، وَهُوَ الضعْف والفتور، وَالْخطاب فِيهِ لمُوسَى وَهَارُون.
مَكانَاً سِوًى مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك موعداً لَا نخلفه نَحن وَلَا أَنْت مَكَانا سوى} (طه: ٨٥) . وَفسّر قَوْله: مَكَانا سوى، بقوله: منصف بَينهم، قَرَأَ ابْن عَامر وَعَاصِم وَحَمْزَة بِضَم السِّين، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، قيل: مَعْنَاهُ سوياً لَا سَاتِر فِيهِ، وَقيل: مَكَانا عدلا بَيْننَا وَبَيْنك، وَعَن ابْن عَبَّاس مثل مَا فسره بقوله: منصف بَينهم أَي: بَين الْفَرِيقَيْنِ، أَي: يَسْتَوِي مسافته بَين الْفَرِيقَيْنِ فَتكون مَسَافَة كل فريق إِلَيْهِ كمسافة الْفَرِيق الآخر.
يَبَساً يابِساً