للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُرَيْرَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَأى عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ رَجُلاً يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ سَرَقْتَ قَالَ كَلَاّ وَالله الَّذِي لَا إلَهَ إلَاّ هُوَ فَقَالَ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّه وكَذَّبْتُ عَيْنِي.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَهَمَّام، بتَشْديد الْمِيم: ابْن مُنَبّه.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن رَافع.

قَوْله: (سرقت) ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: ظَاهر هَذَا أَنه خبر جازم عَمَّا فعل الرجل من السّرقَة، لِأَنَّهُ رَآهُ أَخذ مَالا من حرز فِي خُفْيَة، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون مستفهماً لَهُ عَن تَحْقِيق ذَلِك، فَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام. قلت: رَأَيْت فِي بعض النّسخ الصَّحِيحَة: أسرقت؟ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام، ورد بِأَنَّهُ بعيد مَعَ جزم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَن عِيسَى رأى رجلا يسرق، وَقيل: يحْتَمل حل الْأَخْذ لهَذَا الرجل بِوَجْه من الْوُجُوه، ورد بِالْجَزْمِ الْمَذْكُور. قَوْله: (كلا) ، نفي للسرقة، ثمَّ أكده بقوله: (وَالله الَّذِي لَا إِلَه إلَاّ هُوَ) ، هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني: إلَاّ هُوَ، وَفِي رِوَايَة غَيره: إِلَّا الله، وَفِي رِوَايَة ابْن طهْمَان عِنْد النَّسَائِيّ، قَالَ: لَا وَالَّذِي لَا إِلَه إلَاّ هُوَ. قَوْله: (آمَنت بِاللَّه) أَي: صدقت من حلف بِاللَّه وكذبت مَا ظهر لي من كَون الْأَخْذ الْمَذْكُور سَرقَة، فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون الرجل أَخذ مَاله فِيهِ حق أَو مَا أذن لَهُ صَاحبه فِي أَخذه، أَو أَخذه ليقلبه وَينظر فِيهِ، وَلم يقْصد الْغَصْب والاستيلاء. قَوْله: (وكذبت عَيْني) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وكذبت نَفسِي، وَفِي رِوَايَة ابْن طهْمَان: وكذبت بَصرِي، وَقَالَ ابْن التِّين: قَالَ عِيسَى ذَلِك على الْمُبَالغَة فِي تَصْدِيق الْحَالِف، وَقيل: أَرَادَ بالتصديق والتكذيب ظَاهر الحكم لَا بَاطِن الْأَمر، وإلَاّ فالمشاهدة أَعلَى الْيَقِين، فَكيف يصدق عينه أَو يكذب قَول الْمُدَّعِي؟ .

وَفِيه: دَلِيل على دَرْء الْحَد بِالشُّبْهَةِ، وعَلى منع الْقَضَاء بِالْعلمِ. وَالرَّاجِح عِنْد الْمَالِكِيَّة والحنابلة مَنعه مُطلقًا، وَعند الشَّافِعِيَّة جَوَازه إلَاّ فِي الْحُدُود.

٥٤٤٣ - حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله عنِ ابنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ عَلى المِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقولُ لَا تُطْرُونِي كَما أطْرَتِ النَّصارَى ابنَ مَرْيَمَ فإنَّمَا أنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ الله ورسُولُهُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ابْن مَرْيَم) عَلَيْهِمَا السَّلَام. والْحميدِي عبد الله بن الزبير بن عِيسَى ونسبته إِلَى أحد أجداده، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبيد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.

والْحَدِيث طرف من حَدِيث السَّقِيفَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن أَحْمد بن منيع وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن وَغَيرهمَا، كلهم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة.

قَوْله: (لَا تطروني) ، بِضَم التَّاء، من الإطراء وَهُوَ المديح بِالْبَاطِلِ، تَقول: أطريت فلَانا: مدحته فأفرطت فِي مدحه. وَقيل: الإطراء مُجَاوزَة الْحَد فِي الْمَدْح وَالْكذب فِيهِ. قَوْله: (كَمَا أطرت النَّصَارَى) ، أَي: فِي دَعوَاهُم فِي عِيسَى بالإل هِية وَغير ذَلِك. قَوْله: (فَإِنَّمَا أَنا عَبده) إِلَى آخِره من هضمه نَفسه وإظهاره التَّوَاضُع.

٦٤٤٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ أخْبَرَنَا عَبْدُ الله أخبرَنا صالِحُ بنُ حَيٍّ أنَّ رَجُلاً مِنْ أهْلِ خُرَاسانَ قَالَ لِ لشَّعْبِيِّ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ أخْبرني أبُو بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أدَّبَ الرَّجُلُ أمَتَهُ فأحْسَنَ تأدِيبَهَا وعَلَّمَهَا فأحْسَنَ تَعْلِيمَها ثُمَّ أَعْتَقَهَا فتَزَوَّجَهَا كانَ لَهُ أجْرَانِ وإذَا آمَنَ بِعِيسَى ثُمَّ آمَنَ بِي فلَهُ أجْرَانِ والعَبْدُ إذَا اتَّقى رَبَّهُ وأطَاعَ مَوَالِيَهُ فلَهُ أجْرَانِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَإِذا آمن بِعِيسَى) . وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَصَالح بن حَيّ بن صَالح بن مُسلم الْهَمدَانِي، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل، وَأَبُو بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: اسْمه الْحَارِث، وَقيل غير ذَلِك، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب تَعْلِيم الرجل أمته وَفِي الْعتْق وَفِي الْجِهَاد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

قَوْله: (من أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>