أوْلادُ عَلَاّتٍ لَيْسَ بَيْنِي وبَيْنَهُ نَبِيٌّ. (الحَدِيث ٢٤٤٣ طرفه فِي: ٣٤٤٣) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (بِابْن مَرْيَم) . وَرِجَاله بِهَذَا النسق قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (أَنا أولى النَّاس بِابْن مَرْيَم) أَي: بِعِيسَى ابْن مَرْيَم، أَي: أخص النَّاس بِهِ وأقربهم إِلَيْهِ لِأَنَّهُ بشر بِأَنَّهُ يَأْتِي من بعدِي رَسُول اسْمه أَحْمد، وَقيل: لِأَنَّهُ لَا نَبِي بَينهمَا، فكأنهما كَانَا فِي زمن وَاحِد، وَفِيه نظر، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا التَّوْفِيق بَينه وَبَين قَوْله تَعَالَى: {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي} (آل عمرَان: ٨٦) . قلت: الحَدِيث وَارِد فِي كَونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متبوعاً، وَالْقُرْآن فِي كَونه تَابعا، وَله الْفضل تَابعا ومتبوعاً. انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: مساق الحَدِيث كمساق الْآيَة، فَلَا دَلِيل على هَذِه التَّفْرِقَة، وَالْحق أَنه لَا مُنَافَاة ليحتاج إِلَى الْجمع، فَكَمَا أَنه أولى النَّاس بإبراهيم، كَذَلِك هُوَ أولى النَّاس بِعِيسَى، وَذَلِكَ من جِهَة قُوَّة الِاقْتِدَاء بِهِ، وَهَذَا من جِهَة قرب الْعَهْد بِهِ. انْتهى. قلت:
. قَوْله: (علات) ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام وَفِي آخِره تَاء مثناة من فَوق وهم الْأُخوة لأَب من أُمَّهَات شَتَّى، كَمَا أَن الْأُخوة من الْأُم فَقَط أَوْلَاد أخياف، والأخوة من الْأَبَوَيْنِ أَوْلَاد أَعْيَان، وَمَعْنَاهُ: أَن أصولهم وَاحِدَة وفروعهم مُخْتَلفَة يَعْنِي: أَنهم متفقون فِيمَا يتَعَلَّق بالاعتقاديات الْمُسَمَّاة بأصول الديانَات كالتوحيد وَسَائِر مسَائِل علم الْكَلَام، مُخْتَلفُونَ فِيمَا يتَعَلَّق بالعمليات وَهِي الفقهيات، وَيُقَال: سميت أَوْلَاد الرجل من نسْوَة شَتَّى: أخوة علات، لأَنهم أَوْلَاد ضرائر، والعلات الضرائر، وَقيل: لِأَن الَّتِي تزَوجهَا على الأولى كَانَت قبلهَا ثمَّ عل من هَذِه، والعلل الشّرْب الثَّانِي، يُقَال: علل بعد نهل، وَفِي (التَّهْذِيب) : هما أَخَوان من عِلّة، وهما ابْنا عِلّة، وهم بَنو عِلّة، وهم من علات. وَفِي (الْمُحكم) : جمع الْعلَّة العلائل. قَوْله: (لَيْسَ بيني وَبَينه نَبِي) أَي: وَبَين ابْن مَرْيَم، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن آدم: وَأَنا أولى النَّاس بِعِيسَى، لِأَنَّهُ لم يكن بيني وَبَينه نَبِي، وَبِه اسْتدلَّ قوم على أَنه لم يَأْتِ نَبِي بعد عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إلَاّ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَال بِهِ قَوِيا، لِأَنَّهُ قد جَاءَ بَين عِيسَى وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جرجيس وخَالِد بن سِنَان وَكَانَا نبيين، فعلى هَذَا معنى الحَدِيث: لَيْسَ بيني وَبَينه نَبِي بشريعة مُسْتَقلَّة، وَقيل: مَا ورد من خبر جرجيس وخَالِد لم يثبت، والْحَدِيث الصَّحِيح يردهُ.
٣٤٤٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ حدَّثنا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ حدَّثنا هِلالُ بنُ عَلِيٍّ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبِي عَمْرَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا أوْلَى النَّاسُ بِعِيسَى بنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ والأنْبِيَاءُ إخْوَةٌ لِعَلَاّتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ودِينُهُمْ واحِدٌ. (انْظُر الحَدِيث ٢٤٤٣) .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة السَّابِق أخرجه عَن مُحَمَّد بن سِنَان بن أبي بكر الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الْأَعْمَى عَن فليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان، وفليح لقبه واسْمه: عبد الْملك عَن هِلَال بن عَليّ بن أُسَامَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، وَاسم أبي عمْرَة: بشير بن عَمْرو بن مُحصن، قتل مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَوْم صفّين وَله صُحْبَة.
قَوْله: (وَدينهمْ وَاحِد) ، أَي: التَّوْحِيد دون الْفُرُوع للِاخْتِلَاف فِيهَا، قَالَ تَعَالَى: {لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجاً} (الْمَائِدَة: ٨٤) . وَيُقَال: دينهم أَي: أصُول الدّين وأصول الطَّاعَات وَاحِد، والكيفيات والكميات فِي الطَّاعَة مُخْتَلفَة.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بنُ طَهْمَانَ عنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ عنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ عنْ عَطاءِ بنِ يَسار عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ مُعَلّق وَصله النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن حَفْص بن عبد الله النَّيْسَابُورِي أبي عبد الله عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، وَأحمد هَذَا من شُيُوخ البُخَارِيّ.
٤٤٤٣ - وحدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عنْ هَمَّامٍ عنْ أبِي