للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَيْسَ بِوَاجِب وَلَا هُوَ للنَّدْب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْأَمر للْإِبَاحَة إِذْ لَا وجوب وَلَا ندب فِيهِ بِالْإِجْمَاع. قَوْله: (وَمن كذب عَليّ) إِلَى آخِره، قد مر نَحوه فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب إِثْم من كذب على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِن البُخَارِيّ روى فِي هَذَا الْبَاب عَن خَمْسَة من الصَّحَابَة، وهم: عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالزُّبَيْر بن الْعَوام، وَأنس بن مَالك، وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع، وَأَبُو هُرَيْرَة. وروى أَيْضا فِي الْجَنَائِز فِي: بَاب مَا يكره من النِّيَاحَة عَن الْمُغيرَة، وروى أَيْضا هَهُنَا عَن عبد الله بن عَمْرو، وَقد تكلمنا هُنَاكَ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة. قَوْله: (فَليَتَبَوَّأ) بِكَسْر اللَّام هُوَ الأَصْل وبالسكون هُوَ الْمَشْهُور وَهُوَ أَمر من التبوء، وَهُوَ اتِّخَاذ المباءة، أَي: الْمنزل. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: تبوأت منزلا أَي: نزلته.

٢٦٤٣ - حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمان إنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّ اليَهُودَ والنَّصارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ. (الحَدِيث ٢٦٤٣ طرفه فِي: ٩٩٨٥) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (الْيَهُود) . وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان. والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن عبيد الله بن سعد بن إِبْرَاهِيم.

قَوْله: (لَا يصبغون) ، أَي: شيب الشّعْر، وَهُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بمخالفتهم. فَإِن قلت: ورد النَّهْي عَن إِزَالَة الشيب؟ قلت: لَا تعَارض بَينهمَا هُنَا لِأَن الصَّبْغ لَا يَقْتَضِي الْإِزَالَة. وَقيل: المُرَاد بالإزالة النتف، وَسُئِلَ مَالك عَن النتف؟ فَقَالَ: مَا أعلمهُ حَرَامًا وَتَركه أحب إِلَيّ، وَالْإِذْن فِيهِ مُقَيّد بِغَيْر السوَاد، لما روى مُسلم من حَدِيث جَابر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: غيروه وجنبوه السوَاد. وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: (يكون قوم فِي آخر الزَّمَان يخضبون كحواصل الْحمام لَا يَجدونَ ريح الْجنَّة) . وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا وَصَححهُ. والْحَدِيث صَحِيح، وَلَكِن الْكَلَام فِي رَفعه وَوَقفه وعَلى تَقْدِيره تَرْجِيح وَقفه، فَمثله لَا يدْرك بِالرَّأْيِ، فَحكمه الرّفْع وَلِهَذَا اخْتَار النَّوَوِيّ أَن الصَّبْغ بِالسَّوَادِ يكره كَرَاهَة تَحْرِيم. وَعَن الْحَلِيمِيّ: أَن الْكَرَاهَة خَاصَّة بِالرِّجَالِ دون النِّسَاء، فَيجوز ذَلِك للْمَرْأَة لأجل زَوجهَا. وَقَالَ مَالك: الْحِنَّاء والكتم وَاسع والصبغ بِغَيْر السوَاد أحب إِلَيّ، وَيسْتَثْنى من ذَلِك الْمُجَاهِد اتِّفَاقًا.

وَقد اخْتلف: هَل كَانَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يصْبغ؟ فَقَالَ ابْن عمر فِي الْمُوَطَّأ: أما الصُّفْرَة فَرَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصْبغ بهَا، وَأَنا أحب أَن أصبغ، وَقيل: كَانَ يصفر لحيته، وَقيل: أَرَادَ بالصفرة فِي حَدِيث ابْن عمر صفرَة الثِّيَاب، وَقيل: صبغ مرّة، وَقَالَ مَالك: لم يصْبغ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا عَليّ وَلَا أبي بن كَعْب وَلَا ابْن الْمسيب، وَلَا السَّائِب بن يزِيد، وَلَا ابْن شهَاب. قَالَ: وَالدَّلِيل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصْبغ أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يصْبغ، فَلَو كَانَ صبغ لبدأت بِهِ. وَقَالَ مَالك: والصبغ بِالسَّوَادِ مَا سَمِعت فِيهِ شَيْئا، وَغَيره من الصَّبْغ أحب إِلَيّ، والصبغ بِالْحِنَّاءِ والكتم وَاسع.

٣٦٤٣ - حدَّثني مُحَمَّدٌ قَالَ حدَّثني حَجَّاجٌ حدَّثنا جَرِيرٌ عنِ الحَسَنِ حدَّثنا جُنْدُبُ بنُ عَبْدِ الله فِي هاذَا المَسْجِدِ وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدثنَا وَمَا نَخْشَى أنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ علَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ فِيمَنْ كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْجٌ فجَزِعَ فأخَذَ سِكِّينَاً فَحَزَّ بِها يَدَهُ فَما رَقأ الدَّمُ حتَّى ماتَ قَالَ الله تَعَالَى بادرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ علَيْهِ الجَنَّةَ. (انْظُر الحَدِيث ٤٦٣١) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ) ، لِأَنَّهُ أَعم من أَن يكون من بني إِسْرَائِيل أَو من غَيرهم، وَمُحَمّد شيخ البُخَارِيّ، قَالَ ابْن السكن: هُوَ مُحَمَّد بن معمر بن ربعي الْقَيْسِي الْبَصْرِيّ، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر كَذَا نَقله عَن الْفربرِي، وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هُوَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، وحجاج هُوَ ابْن منهال، وَجَرِير هُوَ ابْن حَازِم، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي قَاتل نَفسه، بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (فِي هَذَا الْمَسْجِد) أَرَادَ بِهِ: مَسْجِد الْبَصْرَة. قَوْله: (مُنْذُ حَدثنَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>