أَن يعرف. قَوْله: (الَّذين تبوأوا الدَّار) أَي: سكنوا الْمَدِينَة قبل الْهِجْرَة، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: المُرَاد بِالدَّار دَار الْهِجْرَة، نزلها الْأَنْصَار قبل الْمُهَاجِرين وابتنوا الْمَسَاجِد قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِسنتَيْنِ. قَوْله: (وَالْإِيمَان) فِيهِ إِضْمَار، أَي: وآثروا الْإِيمَان من بَاب: علفتها تبناً وَمَاء بَارِدًا. لِأَن الْإِيمَان لَيْسَ بمَكَان فيتبوأ فِيهِ. والتبوء التَّمَكُّن والاستقرار وَلَيْسَ المُرَاد: أَن الْأَنْصَار آمنُوا قبل الْمُهَاجِرين، بل قبل مَجِيء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَيْهِم. قَوْله: (ردء الْإِسْلَام) بِكَسْر الرَّاء، أَي: عون الْإِسْلَام الَّذِي يدْفع عَنهُ. قَوْله: (وجباة الْأَمْوَال) بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء جمع جابي، كالقضاة جمع قَاضِي، وهم الَّذين كَانُوا يجبونَ الْأَمْوَال أَي: يجمعونها. قَوْله: (وغيظ الْعَدو) أَي: يغيظون الْعَدو بكثرتهم وقوتهم. قَوْله: (إلَاّ فَضلهمْ) أَي: إلَاّ مَا فضل عَنْهُم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَيُؤْخَذ مِنْهُم، وَالْأول هُوَ الصَّوَاب. قَوْله: (من حَوَاشِي أَمْوَالهم) أَي: الَّتِي لَيست بِخِيَار وَلَا كرام. قَوْله: (بِذِمَّة الله) المُرَاد بِهِ: أهل الذِّمَّة. قَوْله: (وَأَن يُقَاتل من ورائهم) ، يَعْنِي: إِذا قصدهم عَدو لَهُم يُقَاتلُون لدفعهم عَنْهُم، وَقد استوفى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي وَصيته جَمِيع الطوائف، لِأَن النَّاس إِمَّا مُسلم وَإِمَّا كَافِر، فالكافر إِمَّا حَرْبِيّ وَلَا يوصى بِهِ، وَإِمَّا ذمِّي وَقد ذكره، وَالْمُسلم إِمَّا مُهَاجِرِي أَو أَنْصَارِي أَو غَيرهمَا، وَكلهمْ إِمَّا بدوي وَإِمَّا حضري، وَقد بَين الْجَمِيع. قَوْله: (وَلَا يكلفوهم إلَاّ طاقتهم) أَي: من الْجِزْيَة. قَوْله: (فَانْطَلَقْنَا) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فانقلبنا، أَي: رَجعْنَا. قَوْله: (فَسلم عبد الله بن عمر) أَي: على عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله: (فَقَالَت) أَي: عَائِشَة. قَوْله: (أدخلوه) ، بِفَتْح الْهمزَة من الإدخال. قَوْله: (فَأدْخل) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَكَذَلِكَ: (فَوضع) . قَوْله: (هُنَاكَ) ، أَي: فِي بَيت عَائِشَة عِنْد قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقبر أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ معنى قَوْله: (مَعَ صَاحِبيهِ) وَاخْتلف فِي صفة الْقُبُور الثَّلَاثَة المكرمة، فالأكثرون على أَن قبر أبي بكر وَرَاء قبر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقبر عمر وَرَاء قبر أبي بكر. وَقيل: إِن قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقدم إِلَى الْقبْلَة، وقبر أبي بكر حذاء مَنْكِبه، وقبر عمر حذاء مَنْكِبي أبي بكر. وَقيل: قبر أبي بكر عِنْد رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقبر عمر عِنْد رجلَيْهِ. وَقيل: قبر أبي بكر عِنْد رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقبر عمر عِنْد رجل أبي بكر، وَقيل غير ذَلِك. قَوْله: (إِلَى ثَلَاثَة مِنْكُم) ، أَي: فِي الِاخْتِيَار، ليقل الِاخْتِلَاف. قَوْله: (قَالَ طَلْحَة: قد جعلت أَمْرِي إِلَى عُثْمَان) ، هَذَا يُصَرح بِأَن طَلْحَة قد كَانَ حَاضرا. فَإِن قلت: قد تقدم أَنه كَانَ غَائِبا عِنْد وَصِيَّة عمر. قلت: لَعَلَّه حضر بعد أَن مَاتَ، وَقبل أَن يسْتَمر أَمر الشورى، وَهَذَا أصح مِمَّا رَوَاهُ المدايني: أَنه لم يحضر إلَاّ بعد أَن بُويِعَ عُثْمَان. قَوْله: (وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام) بِالرَّفْع فيهمَا، لِأَن لَفْظَة: الله، مُبْتَدأ وَقَوله: عَلَيْهِ، خَبره ومتعلقه مَحْذُوف أَي: وَالله رَقِيب عَلَيْهِ، وَالْإِسْلَام عطف عَلَيْهِ، وَالْمعْنَى: وَالْإِسْلَام كَذَلِك. قَوْله: (لينظرن) بِلَفْظ الْأَمر للْغَائِب. قَوْله: (أفضلهم فِي نَفسه) بِلَفْظ اللَّام أَي: ليتفكر كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نَفسه أَيهمَا أفضل؟ ويروى بِفَتْح اللَّام جَوَابا للقسم الْمُقدر. قَوْله: (فأسكت الشَّيْخَانِ) بِفَتْح الْهمزَة بِمَعْنى: سكت، ويروى بِضَم الْهمزَة على صِيغَة الْمَجْهُول، وَالْمرَاد بالشيخين: عَليّ وَعُثْمَان. قَوْله: (أفتجعلونه؟) أَي: أَمر الْولَايَة. قَوْله: (وَالله) بِالرَّفْع على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره هُوَ قَوْله: (عَليَّ) الله رَقِيب، أَي: شَاهد عَليّ. قَوْله: (أَن لَا آلو) أَي: بِأَن لَا ألو، بِأَن لَا أقصر عَن أفضلكم. قَوْله: (فَأخذ بيد أَحدهمَا) هُوَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يدل عَلَيْهِ بَقِيَّة الْكَلَام. قَوْله: (والقدم) بِكَسْر الْقَاف وَفتحهَا، قَوْله: (مَا قد علمت) صفة أَو بدل عَن الْقدَم. قَوْله: (فَالله عَلَيْك) أَي: فَالله رَقِيب عَلَيْك. قَوْله: (لَئِن أَمرتك) بتَشْديد الْمِيم. قَوْله: (وَإِن أمرت) بتَشْديد الْمِيم. قَوْله: (ثمَّ خلا بِالْآخرِ) وَهُوَ الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا. قَوْله: (وولج أهل الدَّار) أَي: وَدخل أهل الْمَدِينَة.
وَفِي هَذَا الحَدِيث فَوَائِد فِيهِ: شَفَقَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على الْمُسلمين وعَلى أهل الذِّمَّة أَيْضا. وَفِيه: اهتمامه بِأُمُور الدّين بِأَكْثَرَ من اهتمامه بِأَمْر نَفسه. وَفِيه: الْوَصِيَّة بأَدَاء الدّين. وَفِيه: الاعتناء بالدفن عِنْد أهل الْخَيْر. وَفِيه: المشورة فِي نصب الإِمَام، وَأَن الْإِمَامَة تَنْعَقِد بالبيعة. وَفِيه: جَوَاز تَوْلِيَة الْمَفْضُول مَعَ وجود الْأَفْضَل مِنْهُ، قَالَه ابْن بطال، ثمَّ علله بقوله: لِأَنَّهُ لَو لم يجز لَهُم لم يَجْعَل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْأَمر شُورَى بَين سِتَّة أنفس، مَعَ علمه بِأَن بَعضهم أفضل من بعض. وَفِيه: الْمُلَازمَة بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ على كل حَال. وَفِيه: إِقَامَة السّنة فِي تَسْوِيَة الصُّفُوف. وَفِيه: الِاحْتِرَاز من تثقيل الْخراج والجزية وَترك مَا لَا يُطَاق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute