أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، هِيَ الصديقة بنت الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قيل: إِنَّمَا قَالَ البُخَارِيّ: ذكر مُعَاوِيَة ومناقب فَاطِمَة وَفضل عَائِشَة لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذكر الْفضل مُرَاعَاة لفظ الحَدِيث فِي حَقّهَا. وَأما الذّكر فَهُوَ أَعم من المناقب. وَأمّهَا أم رُومَان بنت عَامر بن عُوَيْمِر بن عبد شمس تزَوجهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة بِسنتَيْنِ فِي قَول أبي عُبَيْدَة، وَقيل: قبلهَا بِثَلَاث سِنِين، وَقيل: بِسنة وَنصف، وَهِي بنت سِتّ سِنِين وَبنى بهَا بِالْمَدِينَةِ بعد مُنْصَرفه من وقْعَة بدر فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة وَهِي بنت تسع سِنِين، وَمَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلها نَحْو ثَمَان عشرَة سنة، وَعَاشَتْ بعده قَرِيبا من خمسين سنة، وَأكْثر الناسُ الْأَخْذ عَنْهَا ونقلوا عَنْهَا من الْأَحْكَام والآداب شَيْئا كثيرا، حَتَّى قيل: إِن ربع الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة منقولة عَنْهَا، رُوِيَ لَهَا عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألف حَدِيث وَعشرَة أَحَادِيث، وَلم تَلد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسَأَلته أَن تكتني، فَقَالَ: إكتني بِابْن أختك، قَالَت: أم عبد الله.
٨٦٧٣ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أبُو سَلَمَةَ إنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْماً يَا عائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرئُكِ السَّلامَ فَقُلْتُ وعَلَيْهِ السَّلَامُ ورَحْمَةُ الله وبرَكَاتُهُ تَراى مَا لَا أراى تُرِيدُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن سَلام جِبْرِيل عَلَيْهَا يدل على أَن لَهَا فضلا عَظِيما، وَاسْتدلَّ بِهِ بَعضهم لفضل خَدِيجَة على عَائِشَة لِأَن الَّذِي ورد فِي حق خَدِيجَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: (إِن جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام من رَبك) ، وَهنا: السَّلَام من جِبْرِيل خَاصَّة، وَيحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ، وَهَذَا روى لَهُ مُسلم أَيْضا وَيُونُس بن يزِيد وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، والْحَدِيث مر فِي بَدْء الْخلق وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (يَا عائش) ، مرخم يجوز فِي الشين الضَّم وَالْفَتْح. قَوْله: (ترى) خطاب لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأوضحه بقوله: تُرِيدُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
٩٦٧٣ - حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ وحدَّثنا عَمْرٌ وأخبرَنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ عنْ مُرَّةَ عنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثيرٌ ولَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّساءِ إلَاّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وآسِيةُ امْرَأةُ فِرْعَوْنَ وفَضْلُ عائِشَةَ علَى النِّسَاءِ كفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سائِرِ الطَّعَامِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فضل عَائِشَة) إِلَى آخِره، وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: الأول: عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة ... إِلَى آخِره. الثَّانِي: عَن عَمْرو بن مَرْزُوق عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء: الْأَعْمَى الْكُوفِي عَن مرّة الْهَمدَانِي الْكُوفِي عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. والْحَدِيث مضى فِي قصَّة مُوسَى فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {ضرب الله مثلا} (إِبْرَاهِيم: ٤٢، النَّحْل: ٥٧، ٦٧ و ٢١١، الزمر: ٩٢، التَّحْرِيم: ٠١ و ١١) . الْآيَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (كمل) ، بِتَثْلِيث الْمِيم. قَوْله: (وَلم يكمل) ، أَي: من نسَاء عصرها، وَقَالَ ابْن حبَان الْأَفْضَلِيَّة الَّتِي يدل عَلَيْهَا هَذَا الحَدِيث وَغَيره مُقَيّدَة بنساء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى لَا يَقع بَينه وَبَين قَوْله: أفضل نسَاء إهل الْجنَّة خَدِيجَة وَفَاطِمَة، تعَارض ظَاهرا.
٠٧٧٣ - حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يقُولُ سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ فَضْلُ عائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أبي الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأويسي الْمَدِينِيّ، وَمُحَمّد بن جَعْفَر ابْن أبي كثير، وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن معمر بن حزم أَبُو طوالة الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَطْعِمَة