عَن عَمْرو بن عون ومسدد. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن القعْنبِي وَعَن يحيى بن يحيى وقتيبة وَعلي بن حجر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن عَليّ بن حجر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن حَرْمَلَة بن يحيى.
قَوْله: (الثَّرِيد) ، فِي الأَصْل: الْخبز المكسور، يُقَال: ثردت الْخبز ثرداً أَي كَسرته فَهُوَ ثريد ومثرود، والإسم: الثردة بِالضَّمِّ، وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي شرح هَذَا الْموضع، قيل: لم يرد عين الثَّرِيد، وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّعَام الْمُتَّخذ من اللَّحْم والثريد مَعًا لِأَن الثَّرِيد غَالِبا لَا يكون إلَاّ من لحم، وَالْعرب قَلما تَجِد طبيخاً، وَلَا سِيمَا بِلَحْم. وَيُقَال: الثَّرِيد أحد اللحمين بل اللَّذَّة وَالْقُوَّة إِذا كَانَ اللَّحْم نضيجاً فِي المرق أَكثر مِمَّا فِي نفس اللَّحْم. انْتهى. قلت: علم من هَذَا أَن الثَّرِيد طَعَام متخذ من اللَّحْم يكون فِيهِ خبز مكسور، فَلَا يُسمى اللَّحْم الْمَطْبُوخ وَحده بِدُونِ الْخبز المكسور ثريداً، وَلَا الْخبز المكسور وَحده بِدُونِ اللَّحْم ثريداً. وَالظَّاهِر أَن فضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام إِنَّمَا كَانَ فِي زمنهم لأَنهم قَلما كَانُوا يَجدونَ الطبيخ، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ بِاللَّحْمِ، وَأما فِي هَذَا الزَّمَان فأطعمة معمولة من أَشْيَاء كَثِيرَة متنوعة فِيهَا من أَنْوَاع اللحوم وَمَعَهَا أَنْوَاع من الْخبز الْحوَاري، فَلَا يُقَال: إِن مُجَرّد اللَّحْم مَعَ الْخبز المكسور أفضل من هَذِه الْأَطْعِمَة الْمُخْتَلفَة الْأَجْنَاس والأنواع، وَهَذَا ظَاهر لَا يخفى.
١٧٧٣ - حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ حدَّثنا ابنُ عَوْنٍ عنِ الْقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ أنَّ عائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجاءَ ابنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ علَى فَرَطِ صِدْقٍ علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعلَى أبِي بَكْرٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ابْن عَبَّاس قطع لعَائِشَة بِدُخُول الْجنَّة، إِذْ لَا يُقَال ذَلِك إلَاّ بتوقيف، وَهَذِه فَضِيلَة عَظِيمَة. وَابْن عون، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو: عبد الله الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن ابْن الْمثنى نَحوه.
قَوْله: (اشتكت) ، أَي: ضعفت. قَوْله: (تقدمين) ، بِفَتْح الدَّال. قَوْله: (على فرط) ، بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء: وَهُوَ الْمُتَقَدّم من كل شَيْء. وَيُقَال: الفرط الفارط أَي: السَّابِق إِلَى المَاء والمنزل. قَوْله: (صدق) ، صفة فرط أَي: صَادِق، وَهُوَ عبارَة عَن الْحسن. قَالَ تَعَالَى: {فِي مقْعد صدق} (الْقَمَر: ٥٥) . قَوْله: (على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بدل مِنْهُ بتكرير الْعَامِل، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر قد سبقاك وَأَنت تلحقينهما، وهما قد هيئا لَك الْمنزل فِي الْجنَّة فَلَا تحملي الْهم وافرحي بذلك.
٢٧٧٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنِ الحَكَمِ سَمِعْتُ أبَا وَائِلٍ قَالَ لمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَاً والحَسَنَ إلَى الكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ إنِّي لأَعْلَمُ أنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ولاكِنَّ الله ابْتَلَاكُمْ تَتَّبِعُونَهُ أوْ إيَّاهَا.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (إِنَّهَا) أَي: إِن عَائِشَة (زَوجته) أَي: زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) وَفِي هَذَا فضل عَظِيم لَهَا.
وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَالْحكم هُوَ ابْن عتيبة وَأَبُو وَائِل هُوَ شَقِيق. قَوْله: (بعث عليٌّ) أَي: عَليّ بن أبي طَالب، وَكَانَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بعث عمار بن يَاسر وَالْحسن ابْنه إِلَى الْكُوفَة لأجل نصرته فِي مقاتلة كَانَت بَينه وَبَين عَائِشَة بِالْبَصْرَةِ، وَيُسمى: بِيَوْم الْجمل، بِالْجِيم. قَوْله: (ليستنفرهم) ، أَي: ليستنجدهم ويستنصرهم من الاستنفار وَهُوَ الاستنجاد والاستنصار. قَوْله: (خطب) ، جَوَاب: لما. قَوْله: (أَنَّهَا:) أَي أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وروى ابْن حبَان من طَرِيق سعيد بن كثير عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: أما ترْضينَ أَن تَكُونِي زَوْجَتي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة؟ قَوْله: (تتبعونه) ، أَي: تتبعون عليا أَو تتبعون إِيَّاهَا، أَي: عَائِشَة. قيل: الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: تتبعونه، يرجع إِلَى الله تَعَالَى، وَالْمرَاد بِاتِّبَاع حكمه الشَّرْعِيّ فِي طَاعَة الإِمَام وَعدم الْخُرُوج عَلَيْهِ. فَإِن قلت: خَاطب الله تَعَالَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: {قرن فِي بيوتكن} (الْأَحْزَاب: ٣٣) . وَلِهَذَا قَالَت أم سَلمَة: لَا يحركني ظهر بعير حَتَّى ألْقى الله تَعَالَى. قلت: كَانَت عَائِشَة،