ابْن عَبَّاس، بل قَالُوا: إِنَّه فَرِيضَة. قلت: أَرَادَ ابْن عَبَّاس أَن شدَّة السَّعْي لَيْسَ بِسنة، وَلَا يُرِيد بذلك نفس سنية السَّعْي الْمُجَرّد، وَفِيه خلاف فَعِنْدَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة من أَرْكَان الْحَج وَعند أَصْحَابنَا: لَيْسَ بِرُكْن، بل هُوَ من الْوَاجِبَات كَمَا علم فِي مَوْضِعه. قَوْله: (لَا نجيز) ، بِضَم النُّون أَي: لَا نقطع الْبَطْحَاء بمسيل الْوَادي، يُقَال: أجزته، أَي: خلفته وقطعته، وَيُقَال: جزت الْموضع أَي: سرت فِيهِ وأجزته خلفته وقطعته، وَقيل: أجزته بِمَعْنى جزته، ويروى: لَا تجوز الْبَطْحَاء، أَي: لَا نتجاوزها إلَاّ شداً، وانتصابه على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف أَي: لَا نجيز إجَازَة شداً، أَي: بقوةَ وعدوٍ شَدِيد، وَيجوز أَن يكون حَالا بِمَعْنى شادِّين.
٨٤٨٣ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدُ الجُعَفِيُّ حدَّثَنَا سُفْيَانُ أخبَرَنًّا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ أبَا السَّفَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رضيَ الله عَنْهُمَا يَقُولُ يَا أيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مِنِّي مَا أقُولُ لَكُمْ وأسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ ولَا تَذْهَبُوا فَتَقُولُوا قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ ابْن عَبَّاسٍ مَنْ طافَ بالْبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِنْ ورَاءِ الحِجْرِ ولَا تَقُولُوا الحَطِيمُ فإنَّ الرَّجُلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كانَ يَحْلِفُ فَيُلْقِي سَوْطَهُ أوْ نَعْلَهُ أوْ قَوْسَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِن الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة) وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، ومطرف، على صِيغَة الْفَاعِل من التطريف، ابْن طريف، بِالطَّاءِ الْمُهْملَة: الْحَارِثِيّ، وَأَبُو السّفر، بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْفَاء المفتوحتين: واسْمه سعيد بن يحمد، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم: الْكُوفِي الْهَمدَانِي.
قَوْله: (اسمعوا) إسماع ضبط وإتقان. قَوْله: (مَا أَقُول) مفعول: اسمعوا، قَوْله: (واسمعوني) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون السِّين من الإسماع. قَوْله: (مَا تَقولُونَ) ، مفعول ثَان لقَوْله: اسمعوني، قَوْله: (وَلَا تذْهبُوا) ، أَي: قبل أَن تضبطوا فتقولوا: (قَالَ ابْن عَبَّاس) بِلَا ضبط وَلَا إتقان. قَوْله: (قَالَ ابْن عَبَّاس) كَلَام مُسْتَقل وَلَيْسَ بتكرار، وَهُوَ مقول. قَوْله: (اسمعوا مني مَا أَقُول لكم) وَقَوله: (من طَاف) مقول. قَوْله: (قَالَ بَان عَبَّاس) قَوْله: (من وَرَاء الْحجر) ، بِكَسْر الْمُهْملَة وَهُوَ: المحوط الَّذِي تَحت الْمِيزَاب. قَوْله: (وَلَا تَقولُوا: الْحطيم) لِأَنَّهُ من أوضاع الْجَاهِلِيَّة كَانَت عَادَتهم أَنهم إِذا كَانُوا يتحالفون بَينهم كَانُوا يحطمون أَي: يدْفَعُونَ نعلا أَو سَوْطًا أَو قوساً إِلَى الْحجر عَلامَة لعقد حلفهم فَسَموهُ بذلك لكَونه يحطم أمتعتهم، وَقيل: إِنَّمَا قيل لَهُ الْحطيم لما حطم من جِدَاره فَلم يسوِّ بِبِنَاء الْبَيْت وَترك خَارِجا مِنْهُ، وَقيل: إِنَّمَا سمي الْحطيم لِأَن بَعضهم كَانَ إِذا دَعَا على من ظلمه فِي ذَلِك الْموضع هلك. قلت: فعلى هَذَا يكون الْحطيم بِمَعْنى: الحاطم، فعيل بِمَعْنى فَاعل، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: سمي الْحطيم حطيماً لما يحْجر عَلَيْهِ، أَو لِأَنَّهُ قصر بِهِ عَن بِنَاء الْبَيْت، وَأخرج عَنهُ، قلت: فعلى هَذَا يكون الْحطيم بِمَعْنى المحطوم، فعيل بِمَعْنى مفعول، وَقيل: سمي بِهِ لِأَن النَّاس يحطم فِيهِ بَعضهم بَعْضًا من الزحام عِنْد الدُّعَاء فِيهِ، وَقيل: الْحطيم هُوَ بِئْر الْكَعْبَة الَّتِي كَانَ يلقى فِيهَا مَا ينذر لَهَا، وَقيل: الْحطيم مَا بَين الْحجر الْأسود وَالْمقَام، وَقيل: من زَمْزَم إِلَى الْحجر يُسمى حطيماً. قَوْله: (فَيلقى) بِضَم الْيَاء من الْإِلْقَاء: وَهُوَ الرَّمْي. قَوْله: (سَوْطه أَو نَعله أَو قوسه) كلمة: أَو، فِيهِ للتنويع وَالتَّقْدِير: يلقِي فِي الْحطيم.
٩٤٨٣ - حدَّثنا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ حدَّثنا هُشَيْمٌ عنْ حُصَيْنٍ عنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ قَالَ رأيْتُ فِي الجاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ فرَجَمُوهَا فرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ونعيم، بِضَم النُّون: ابْن حَمَّاد، بتَشْديد الْمِيم: أَبُو عبد الله الرفاء الفارض الْمروزِي، سكن مصر، قَالَ أَبُو دَاوُد: مَاتَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وهشيم، بِضَم الْهَاء: ابْن بشير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة السّلمِيّ الوَاسِطِيّ، وحصين، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ: عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَبُو الْهُذيْل الْكُوفِي، وَعَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن مَيْمُون، قد مر عَن قريب.
قَوْله: (قردة) ، بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الرَّاء: وَهِي الْحَيَوَان الْمَشْهُور، وَتجمع على: قرود وقردة أَيْضا، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الرَّاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute