فُضَيْل مصغر فضل، بِالْمُعْجَمَةِ عَن حُصَيْن، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ: أبي عبد الرَّحْمَن عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر بن عبد الله.
والْحَدِيث مضى فِي: بَاب عَلَامَات النُّبُوَّة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْعَزِيز بن مُسلم عَن حُصَيْن ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، فَإِن قلت: حَدِيث جَابر هَذَا مُغَاير لحَدِيث الْبَراء الْمُتَقَدّم على مَا لَا يخفى. قلت: وَقع ذَلِك فِي وَقْتَيْنِ، وَذكر فِي الْأَشْرِبَة أَن حَدِيث جَابر فِي نبع المَاء كَانَ حِين حضرت صَلَاة الْعَصْر عِنْد إِرَادَة الْوضُوء، وَحَدِيث الْبَراء كَانَ لإِرَادَة مَا هُوَ أَعم من ذَلِك، وَقيل: يحْتَمل أَنهم لما توضؤا من المَاء الَّذِي نبع من بَين أَصَابِعه وَيَده فِي الركوة صب المَاء الَّذِي بَقِي مِنْهَا فِي الْبِئْر ففار المَاء فِيهَا وَكثر.
٤١٥٣ - حدَّثنا الصَّلْتُ بنُ مُحَمَّد حدَّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ عنْ سَعِيدٍ عنْ قَتَادَةَ قُلْتُ لِ سَعِيدِ ابنِ المُسَيَّبِ بلَغَنِي أنَّ جَابِرَ بنَ عَبْد الله كانَ يَقُولُ كانُوا أرْبَعَةَ عشْرَةَ مِائَةً فقَال لي سَعِيدٌ حدَّثنِي جابرٌ كانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةَ الَّذِينَ بايَعُوا النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيَّةِ. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث جَابر أخرجه عَن الصَّلْت بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الخاركي الْبَصْرِيّ عَن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن زُرَيْع مصغر الزَّرْع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة ... إِلَى آخِره، وَلَا اخْتِلَاف فِيهِ بَين الرِّوَايَتَيْنِ لِأَن كلا يَحْكِي على مَا ظَنّه، وَلَعَلَّ بَعضهم اعْتبر الأكابر وَبَعْضهمْ الأوساط وَبَعْضهمْ الأصاغر، على أَن التَّخْصِيص بِالْعدَدِ لَا يدل على نفي الزَّائِد. قَوْله: (فَقَالَ لي سعيد) مقول قَتَادَة، أَي: قَالَ لي سعيد بن الْمسيب: حَدثنِي جَابر ... إِلَى آخِره.
تابَعَهُ أبُو دَاوُدَ حدَّثنَا قُرَّةُ عنْ قَتَادَةَ
أَي: تَابع الصَّلْت شيخ البُخَارِيّ فِي رِوَايَته أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن قُرَّة بن خَالِد عَن قَتَادَة، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عَمْرو بن عَليّ الفلاس عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن قُرَّة عَن قَتَادَة، قَالَ: سَأَلت سعيد بن الْمسيب: كم كَانُوا فِي بيعَة الرضْوَان؟ فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ أوهم يرحمه الله هُوَ حَدثنِي أَنهم كَانُوا ألفا وَخَمْسمِائة. وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: حَدِيث أبي دَاوُد مَشْهُور عَنهُ، وَأما حَدِيث سعيد هُوَ ابْن أبي عرُوبَة فَإِن الْعَبَّاس بن الْوَلِيد رَوَاهُ عَن يزِيد بن زُرَيْع، وَقَالَ فِيهِ: نسي جَابر، كَانُوا خمس عشرَة مائَة، وَلم يقل فِيهِ: حَدثنِي، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُوسَى وَبُنْدَار عَن ابْن أبي عدي عَن سعيد كَرِوَايَة الْعَبَّاس.
٤١٥٤ - حدَّثنا أبُو دَاوُدَ حدَّثَنَا شُعْبَةُ. حدَّثَنَا عَلِيٌّ حدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌ وسَمِعْتُ جَابِرَ ابنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لنا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيَّةِ أنْتُمْ خَيْرُ أهْلِ الأرْضِ وكُنَّا ألْفَاً وأرْبَعَمِائَةٍ ولَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ الْيَوْمَ لَأَرَيْتُكُمْ مَكانَ الشَّجَرَةِ. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث جَابر أخرجه عَن عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله ... إِلَى آخِره.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن سعيد بن عَمْرو وَآخَرين، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور.
قَوْله: (أَنْتُم خير أهل الأَرْض) ، هَذَا يدل صَرِيحًا على فضل أهل الشَّجَرَة، وهم الَّذين بَايعُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحتهَا، وهم أهل بيعَة الرضْوَان. وَقَالَ الدَّاودِيّ: وَلم يرد دُخُول نَفسه فيهم، وَاحْتج بِهِ بعض الشِّيعَة فِي تَفْضِيل عَليّ على عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، لِأَن عليا كَانَ حَاضرا وَعُثْمَان كَانَ غَائِبا بِمَكَّة، ورد بِأَن عُثْمَان كَانَ فِي حكم من دخل تَحت الْخطاب لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بَايع عَنهُ وَهُوَ غَائِب، فَدخل عُثْمَان فيهم، وَلم يقْصد فِي الحَدِيث تَفْضِيل بَعضهم على بعض، وَاحْتج بِهِ بَعضهم على أَن الْخضر، عَلَيْهِ السَّلَام، لَيْسَ بِنَبِي، لِأَنَّهُ لَو كَانَ حَيا مَعَ ثُبُوت كَونه نَبيا للَزِمَ تَفْضِيل غير النَّبِي على النَّبِي، وَهَذَا بَاطِل، فَدلَّ على أَنه لَيْسَ بحي حِينَئِذٍ، وَأجَاب من زعم أَنه نَبِي وَأَنه حَيّ بِثُبُوت الْأَدِلَّة الْوَاضِحَة على نبوته، وَأَنه كَانَ حَاضرا مَعَهم، وَلم يقْصد تَفْضِيل بعض على بعض، وَأجَاب بَعضهم بِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ فِي الْبَحْر، وَقَالَ بَعضهم: هَذَا جَوَاب سَاقِط. قلت: لَا نسلم سُقُوطه لعدم الْمَانِع من ذَلِك، وَادّعى ابْن التِّين أَنه حَيّ وَبنى عَلَيْهِ أَنه لَيْسَ بِنَبِي