لدُخُوله فِي عُمُوم من فضل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل الشَّجَرَة عَلَيْهِم، ورد عَلَيْهِ بِأَن إِنْكَاره نبوة خضر غير صَحِيح لما ذكرنَا، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ فِي (تاريخنا الْكَبِير) . وَزعم ابْن التِّين أَيْضا أَن إلْيَاس، عَلَيْهِ السَّلَام، لَيْسَ بِنَبِي، وَبِنَاء على قَول من زعم أَنه حَيّ. قلت: لم يَصح أَنه كَانَ حَيا حِينَئِذٍ، وَلَئِن سلمنَا حَيَاته حِينَئِذٍ فَالْجَوَاب مَا ذَكرْنَاهُ الْآن فِي حق الْخضر، وَأما نفي نبوته فَبَاطِل لِأَن الْقُرْآن نطق بِأَنَّهُ {كَانَ من الْمُرْسلين} فَلَا يُمكن أَن يكون مُرْسلا وَهُوَ غير نَبِي. قَوْله: (وَلَو كنت أبْصر الْيَوْم) ، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ عمي فِي آخر عمره. قَوْله: (لَأَرَيْتُكُمْ) ، من الإراءة. قَوْله: (مَكَان الشَّجَرَة) ، وَهِي شَجَرَة سمة الَّتِي بَايَعت الصَّحَابَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحتهَا.
تابَعَهُ الأعْمَشُ سَمِعَ سالِمَاً سَمِعَ جابِراً ألْفَاً وأرْبَعَمِائَةٍ
أَي: تَابع سُفْيَان بن عُيَيْنَة سُلَيْمَان الْأَعْمَش فِي رِوَايَته: ألفا وَأَرْبَعمِائَة، لِأَنَّهُ سمع سَالم بن أبي الْجَعْد أَنه سمع جَابِرا يَقُول: ألفا وَأَرْبَعمِائَة، وَهَذِه الْمُتَابَعَة وَصلهَا البُخَارِيّ فِي آخر كتاب الْأَشْرِبَة، بأتم مِنْهُ.
٤١٥٥ - وَقَالَ عُبَيْدُ الله بنُ مُعَاذٍ حدَّثنَا أبِي حدَّثَنَا شُعْبَةُ عنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ حدَّثَنِي عَبْدُ الله بنُ أبِي أوْفَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُما كانَ أصْحَابُ الشَّجَرَةِ ألْفَاً وثَلَاثَمِائَةٍ وكانَتْ أسْلَمُ ثُمُنَ المُهَاجِرِينَ.
هَذَا التَّعْلِيق مَوْقُوف أخرجه عَن عبيد الله بن معَاذ، بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة والذال الْمُعْجَمَة، عَن أَبِيه معَاذ بن معَاذ بن نصر التَّمِيمِي الْعَنْبَري قَاضِي الْبَصْرَة عَن شُعْبَة عَن عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء: عَن عبد الله بن أبي أوفى الصَّحَابِيّ وَأَبُو أوفى اسْمه عَلْقَمَة الْأَسْلَمِيّ.
وَأخرجه مُسلم، فَقَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (أسلم) ، بِلَفْظ الْمَاضِي: قَبيلَة، وَقَالَ الرشاطي، هَذَا فِي خُزَاعَة وَفِي مذْحج وَفِي بجيلة. قَوْله: (ثمن الْمُهَاجِرين) ، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْمِيم وَبِضَمِّهَا، قَالَ الْوَاقِدِيّ: كَانَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة من أسلم مائَة رجل، فعلى هَذَا كَانَ الْمُهَاجِرُونَ ثَمَانمِائَة، وَالله أعلم.
تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثَنا أبُو داوُدَ حدَّثَنَا شُعْبَةُ
أَي: تَابع عبيد الله بن معَاذ بن مُحَمَّد بن بشار الملقب ببندار عَن أبي سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي عبد الْكَرِيم عَن بنْدَار بِهِ. وَأخرجه مُسلم عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى عَن أبي دَاوُد بِهِ.
١٨٥ - (حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى أخبرنَا عِيسَى عَن إِسْمَاعِيل عَن قيس أَنه سمع مرداسا الْأَسْلَمِيّ يَقُول وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة يقبض الصالحون الأول فَالْأول وَتبقى حفالة كحفالة التَّمْر وَالشعِير لَا يعبأ الله بهم شَيْئا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة وَعِيسَى هُوَ ابْن يُونُس وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد وَقيس هُوَ ابْن أبي حَازِم ومرداس بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ ابْن مَالك الْأَسْلَمِيّ الْكُوفِي وَحَدِيثه هَذَا مَوْقُوف وَأوردهُ البُخَارِيّ فِي الرقَاق من طَرِيق بَيَان عَن قيس مَرْفُوعا وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَلَا يعرف أَنه روى عَنهُ إِلَّا قيس بن أبي حَازِم قَالَه بَعضهم وَقَالَ أَبُو عمر لَيْسَ لَهُ حَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا هَذَا الحَدِيث قَوْله " الأول فَالْأول " قَالَ الْكرْمَانِي أَي الْأَصْلَح فالأصلح (قلت) الأول مَرْفُوع بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره يذهب الأول وَقَوله فَالْأول عطف عَلَيْهِ وَحَاصِل الْمَعْنى يذهب الصالحون من وَجه الأَرْض أَولا فأولا قَوْله " وَتبقى حفالة " بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء المخففة أَي تبقى على وَجه الأَرْض بعد ذهَاب الصَّالِحين رذالة من النَّاس كرديء التَّمْر ونفايته وَهُوَ مثل الحثالة بالثاء الْمُثَلَّثَة مَوضِع الْفَاء قَالَ ابْن الْأَثِير الحثالة الرَّدِيء من كل شَيْء وَمِنْه حثالة الشّعير والأرز وَالتَّمْر وكل ذِي قشر وَيُقَال هُوَ من حفالتهم وَمن حثالتهم أَي مِمَّن لَا خير فِيهِ مِنْهُم وَقيل هُوَ الرذال من كل شَيْء وَالْفَاء والثاء كثيرا يتعاقبان نَحْو ثوم وفوم وَفِي التَّوْضِيح وَفِي غير البُخَارِيّ حثالة بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهِي أشهر