للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} (الْبَقَرَة: ١٤) وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد بن حميد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، وَرُوِيَ عَن قَتَادَة قَالَ: إِلَى إخْوَانهمْ من الْمُشْركين ورؤوسهم، وَمعنى: خلوا رجعُوا، وَيجوز أَن يكون من الْخلْوَة يُقَال: خلوت بِهِ وخلوت مَعَه وخلوت إِلَيْهِ وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد، والشيطان المتمرد العاتي من الْجِنّ وَالْإِنْس وَمن كل شَيْء، واشتقاقه من: شطن، أَي: بعد عَن الْخَيْر، وَقيل: من شاط يشيط إِذا التهب وَاحْتَرَقَ، فعلى الأول النُّون أَصْلِيَّة، وعَلى الثَّانِي زَائِدَة.

مُحِيطٌ بالكافِرِينَ: الله جامِعُهُمْ

أَشَارَ بِهِ إِلَى آخر قَوْله تَعَالَى: {أَو كصيب من السَّمَاء فِيهِ ظلمات ورعد وبرق يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم من الصَّوَاعِق حذر الْمَوْت وَالله مُحِيط بالكافرين} . وَفَسرهُ بقوله: (الله جامعهم) وَهَذَا وَصله عبد بن حميد بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور عَن مُجَاهِد، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وإحاطة الله بالكافرين مجَاز، وَالْمعْنَى أَنهم لَا يفوتونه كَمَا لَا يفوت المحاط بِهِ الْمُحِيط حَقِيقَة، وَهَذِه الْجُمْلَة اعْتِرَاض لَا مَحل لَهَا. انْتهى. قلت: هِيَ جملَة إسمية، فالجملة لَا يكون لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب إلَاّ إِذا وَقعت فِي موقع الْمُفْرد، وَمعنى قَوْله: مجَاز، اسْتِعَارَة تمثيلية شبه حَاله تَعَالَى مَعَ الْكفَّار فِي أَنهم لَا يفوتونه وَلَا محيص لَهُم من عَذَابه بِحَال الْمُحِيط بالشَّيْء لِأَنَّهُ لَا يفوتهُ المحاط.

صبْغَةٌ دِينٌ

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الصبغة الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: {صبغة الله} (الْبَقَرَة: ١٣٨) مفسرة: بِالدّينِ، وَكَذَا فَسرهَا مُجَاهِد، رَوَاهُ عَنهُ عبد بن حميد من طَرِيق مَنْصُور عَنهُ قَالَ: صبغة الله، أَي: دين الله، وَرُوِيَ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ، قَالَ: صبغة الله أَي: فطْرَة الله.

عَلَى الخَاشِعِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَقًّا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَول الله تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَإِنَّهَا الْكَبِيرَة إلَاّ على الخاشعين} (الْبَقَرَة: ٤٥) ثمَّ فسر الخاشعين بقوله: (على الْمُؤمنِينَ حَقًا) وَوَصله عبد بن حميد عَن شَبابَة بالسند الْمَذْكُور عَن مُجَاهِد، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الْعَالِيَة قَالَ: فِي قَوْله تَعَالَى: {إلَاّ على الخاشعين} (الْبَقَرَة: ٤٥) يَعْنِي: الْخَائِفِينَ، وَمن طَرِيق مقَاتل بن حبَان، قَالَ: يَعْنِي بِهِ المتواضعين.

قَالَ مُجاهِدٌ بقُوَّةٍ يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا مَا آتيناكم بِقُوَّة} (الْبَقَرَة: ٦٣ ٩٣) ثمَّ فسر الْقُوَّة بقوله: (يعْمل بِمَا فِيهِ) ، وَعَن أبي الْعَالِيَة: الْقُوَّة الطَّاعَة، وَعَن قَتَادَة وَالسُّديّ: الْقُوَّة الْجد وَالِاجْتِهَاد.

وَقَالَ أَبُو الْعالِيَةِ مَرَضٌ شَكٌّ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا} ثمَّ حكى عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ: مرض شكّ، وَوصل هَذَا ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن أبي الْعَالِيَة، واسْمه: رفيع بن مهْرَان الريَاحي.

وَمَا خَلْفَها عِبْرَةٌ لِمَنْ بَقِيَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فجعلناها نكالاً لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا وموعظة لِلْمُتقين} (الْبَقَرَة: ٦٦) ثمَّ فسر قَوْله: {وَمَا خلفهَا} بقوله: (عِبْرَة لمن بَقِي) وَمعنى الْآيَة: فجعلناها، أَي: المسخة الَّتِي تفهم من قَوْله قبل هَذَا: {فَقُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ فجعلناها نكالا} أَي: عِبْرَة، تنكل من اعْتبر بهَا، أَي: تَمنعهُ، وَمِنْه النكل وَهُوَ الْقَيْد. قَوْله: {لما بَين يَديهَا} (الْبَقَرَة: ٦٥) أَي: لما قبلهَا. قَوْله: {وَمَا خلفهَا} (الْبَقَرَة: ٦٦) أَي، وَمَا بعْدهَا من الْأُمَم والقرون، وَفسّر البُخَارِيّ قَوْله: (وَمَا خلفهَا) بقوله: (عِبْرَة لمن بَقِي) بعدهمْ من النَّاس، وَكَذَا فسره أَبُو الْعَالِيَة، وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي جَعْفَر عَنهُ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَقيل: نكالاً عُقُوبَة منكلة لما بَين يَديهَا لأجل مَا تقدمها من الذُّنُوب وَمَا تَأَخّر مِنْهَا.

لَا شِيَةَ لَا بَياضَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهَا بقرة لَا ذَلُول تثير الأَرْض وَلَا تَسْقِي الْحَرْث مسلمة لَا شية فِيهَا} ثمَّ فسر قَوْله: (لَا شية) ، بقوله (لَا بَيَاض) وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: لَا شية فِيهَا: لَا لمْعَة فِي بقيتها من لون آخر سوى الصُّفْرَة، فَهِيَ صفراء كلهَا حَتَّى قرنها وظلفها،

<<  <  ج: ص:  >  >>