والشية فِي الأَصْل مصدر وشاه وشياً وشيه إِذا خلط بلونه لون آخر قلت: أصل شية، وشي حذفت الْوَاو مِنْهُ ثمَّ عوض عَنْهَا التَّاء كَمَا فِي عدَّة.
وَقَالَ غيْرُهُ
أَي: غير أبي الْعَالِيَة، وَهُوَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام، وَأَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى، وَأَرَادَ بِهَذَا: أَن تَفْسِير الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة إِلَى هُنَا من قَول أبي الْعَالِيَة الْمَذْكُور، وَالَّذِي بعْدهَا من قَول غَيره.
يَسُومُونَكُمْ: يُولُونَكُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يسومونكم سوء الْعَذَاب} (الْبَقَرَة: ٤٩) ، ثمَّ فسر قَوْله: {يسومونكم} (الْأَعْرَاف: ١٤١) بقوله: {يولونكم} (إِبْرَاهِيم: ٦) بِضَم الْيَاء وَسُكُون الْوَاو، وَهُوَ تَفْسِير أبي عُبَيْدَة. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: معنى يسومونكم يوردونكم أَو يذيقونكم أَو يولونكم، وَقيل: مَعْنَاهُ يصرفونكم فِي الْعَذَاب مرّة كَذَا وَمرَّة كَذَا، كَمَا يفعل فِي الْإِبِل السَّائِمَة.
الولايَةُ مَفْتُوحَةُ مَصْدَرُ الوَلاءِ وهْيَ الرُّبُوبِيَّةُ وَإذَا كُسِرَتِ الواوُ فَهِيَ الإِمارَةُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {هُنَالك الْولَايَة لله الْحق} (الْكَهْف: ٤٤) قَوْله: (مَفْتُوحَة) أَي: حَال كَونهَا مَفْتُوحَة، الْوَاو مصدر الْوَلَاء، وَهِي الربوبية، وَمن أَسمَاء الله تَعَالَى: الْوَالِي، وَهُوَ مَالك الْأَشْيَاء جَمِيعهَا المنصرف فِيهَا، وَمن أَسْمَائِهِ: الْوَلِيّ لأمور الْعَالم وَالْخَلَائِق الْقَائِم بهَا. قَوْله: (وَإِذا كسرت الْوَاو) أَي: الْوَاو الَّتِي فِي: الْولَايَة، فَتكون بِمَعْنى: الْإِمَارَة، بسكر الْهمزَة، وَهَذَا كَلَام أبي عُبَيْدَة حَيْثُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {هُنَالك الْولَايَة لله الْحق} ، الْولَايَة بِالْفَتْح مصدر الْوَلِيّ، وبالكسر مصدر وليت الْعَمَل وَالْأَمر تليه.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الحُبُوبُ الَّتي تُؤْكَلُ كلُّها فومٌ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَادع لنا رَبك يخرج لنا مِمَّا تنْبت الأَرْض من بقلها وقثائها وفومها} (الْبَقَرَة: ٦١) وَحكى عَن الْبَعْض وَأَرَادَ بِهِ عَطاء وَقَتَادَة: الْحُبُوب الَّتِي تُؤْكَل كلهَا فوم، بِالْفَاءِ، وَهَكَذَا حَكَاهُ الْفراء عَنْهُمَا فِي: (مَعَاني الْقُرْآن) حَيْثُ قَالَ: كل حب يختبز، وروى ابْن جرير الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَغَيرهمَا: أَن الفوم الْحِنْطَة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: البقل مَا أنبتته الأَرْض من الْخضر، وَالْمرَاد بِهِ أطايب الْبُقُول الَّتِي يأكلها النَّاس: كالنعناع والكرفس والكراث وأشباهها والفوم الْحِنْطَة، وَمِنْه: فوموا لنا، أَي: اخبزوا، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود وَطَلْحَة وَالْأَعْمَش: الثوم، بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَبِه فسره سعيد بن جُبَير وَغَيره.
وَقَالَ قَتادَةُ فَباؤُوا فانْقَلَبُوا
أَي: قَالَ قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي فِي تَفْسِير. قَوْله: {فباؤوا بغضب من الله} أَي: فانقلبوا، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: فباؤوا، من قَوْلك: بَاء فلَان بفلان إِذا كَانَ حَقِيقا بِأَن يقتل بِهِ لمساواته لَهُ ومكافأته، أَي: صَارُوا أحقاء بغضبه، وَقَالَ الزّجاج: البوء التَّسْوِيَة، بقوله: باؤوا، أَي: اسْتَوَى عَلَيْهِم غضب الله، وَيُقَال: البوء الرُّجُوع أَي: رجعُوا وَانْصَرفُوا بذلك، وَهُوَ قريب من تَفْسِير قَتَادَة.
وَقَالَ غيْرُهُ يَسْتَفْتِحُونَ يَسْتَنْصِرُونَ
أَي: وَقَالَ غير قَتَادَة، وَهُوَ أَبُو عُبَيْدَة إِن معنى قَوْله: تَعَالَى: {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا} (الْبَقَرَة: ٨٩) يَعْنِي: يستنصرون، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: يستظهرون، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلما جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين} قَوْله: {وَلما جَاءَهُم} أَي: الْيَهُود {كتاب من عِنْد الله} وَهُوَ الْقُرْآن الَّذِي أنزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {مُصدق لما مَعَهم} يَعْنِي: من التَّوْرَاة، قَوْله: (وَكَانُوا أَي الْيَهُود: من قبل، أَي: من قبل مجيبي الْقُرْآن على لِسَان هَذَا الرَّسُول يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من الْمُشْركين إِذا قاتلوهم، فَيَقُولُونَ: إِنَّه سيبعث نَبِي فِي آخر الزَّمَان نقتلكم مَعَه قتل عَاد) . قَوْله: {فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا} يَعْنِي: فَلَمَّا بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورأوه وعرفوه {كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي: عَلَيْهِم، وضعا للظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر، وَاللَّام للْعهد، وَيجوز أَن يكون للْجِنْس. ويدخلوا فِيهِ دُخُولا أولياً.
شَرَوْا باعُوا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ولبئس مَا شروا بِهِ أنفسهم} (الْبَقَرَة: ١٠٢) ثمَّ فسره بقوله: (باعوا) وَكَذَا أخرجه ابْن أبي