إِلَّا بهَا أَو بوا. وَقَول من قَالَ أَن الْيَاء مُشْتَركَة بَين الْقَرِيب والبعيد هُوَ الْأَصَح لِأَن أَصْحَاب اللُّغَة ذكرُوا أَن يَا حرف يُنَادى بِهِ الْقَرِيب والبعيد فَإِن قلت مَا تَقول فِي قَول الدَّاعِي يَا الله وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد} قلت هَذَا استقصار مِنْهُ لنَفسِهِ واستبعاد عَن مظان الْقبُول لعمله وَأي اسْم يَأْتِي لخمسة معَان الأول للشّرط نَحْو {أيا مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} الثَّانِي للاستفهام نَحْو {أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا} الثَّالِث يكون مَوْصُولا نَحْو {لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ أَشد} التَّقْدِير لننزعن الَّذِي هُوَ أَشد نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ الرَّابِع يكون صفة لنكرة نَحْو زيد أَي رجل أَي كَامِل فِي صِفَات الرِّجَال وَحَالا للمعرفة نَحْو مَرَرْت بِعَبْد الله أَي رجل الْخَامِس وصلَة إِلَى نِدَاء مَا فِيهِ ال نَحْو يَا أَيهَا الرجل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} وَزعم الْأَخْفَش أَن أيا هَذِه هِيَ الموصولة حذف صدر صلتها وَهُوَ الْعَائِد وَالْمعْنَى يَا من هُوَ الرجل وَكَذَلِكَ يكون التَّقْدِير هَهُنَا على قَوْله يَا من هم الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة. وَهَا تسْتَعْمل على ثَلَاثَة أوجه. الأول يكون اسْما لفعل وَهُوَ خُذ تَقول هَاء للمذكر بِالْفَتْح وهاء للمؤنث بِالْكَسْرِ وهاؤما وهاؤم وهاؤن قَالَ الله تَعَالَى {هاؤم اقرؤا كِتَابيه} وَالثَّانِي يكون ضميرا للمؤنث نَحْو ضربهَا وغلامها وَالثَّالِث يكون للتّنْبِيه فَتدخل على أَرْبَعَة: الأول الْإِشَارَة نَحْو هَذَا. الثَّانِي ضمير الرّفْع الْمخبر عَنهُ باسم الْإِشَارَة نَحْو {هَا أَنْتُم أولاء} الثَّالِث اسْم الله تَعَالَى فِي الْقسم عِنْد حذف الْحَرْف نَحْوهَا الله بِقطع الْهمزَة وَوَصلهَا وَكِلَاهُمَا مَعَ إِثْبَات ألفها وحذفها. الرَّابِع نعت أَي فِي النداء نَحْو أَيهَا الرجل وَهِي فِي هَذَا وَاجِبَة للتّنْبِيه على أَنه الْمَقْصُود بالنداء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} قَوْله {الَّذين} اسْم مَوْصُول مَوْضُوع للْجمع وَلَيْسَ هُوَ جمع الَّذِي لِأَن الَّذِي عَام لذِي الْعلم وَغَيره وَالَّذين يخْتَص بذوي الْعلم وَلَا يكون الْجمع أخص من مفرده وَقَول بعض شرَّاح الْهِدَايَة من أَصْحَابنَا أَن الَّذين جمع الَّذِي صادر من غير تَحْقِيق ثمَّ إِن الَّذين لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون صفة لأي أَو يكون موصوفها محذوفا تَقْدِيره يَا أَيهَا النَّاس الَّذين آمنُوا أَو يَا أَيهَا الْقَوْم الَّذين آمنُوا وَنَحْو ذَلِك لِأَن الموصولات وضعت وصلَة إِلَى المعارف بالجمل وَأي لَيْسَ بِمَعْرِِفَة فَلَا يكون الَّذين صفة لَهُ فَإِن قلت كَيفَ يكون الَّذين صفة لأي وَصفَة أَي هُوَ الْمُقدر من النَّاس أَو الْقَوْم قلت الْمَجْمُوع كُله هُوَ صفة أَي لَا الْمُقدر وَحده وَلَا الْمَوْصُول وَحده فَعَن هَذَا سقط اعْتِرَاض الشَّيْخ قوام الدّين الْأَتْقَانِيّ على الشَّيْخ حَافظ الدّين النَّسَفِيّ فِي قَوْله {الَّذين آمنُوا} صفة لأي بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِك لِأَن صفة أَي هُوَ الْمُقدر من الْقَوْم أَو النَّاس ثمَّ آمنُوا صفة لتِلْك الصّفة الْمقدرَة لأي بِوَاسِطَة الَّذين قَوْله {آمنُوا} فعل مَاض للْجمع الْمُذكر الغائبين من آمن يُؤمن إِيمَانًا قَوْله {إِذا} تسْتَعْمل فِي الْكَلَام على وَجْهَيْن الأول أَن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الاسمية وَلَا تحْتَاج إِلَى الْجَواب وَلَا تقع فِي الِابْتِدَاء وَمَعْنَاهَا الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد بِالْبَابِ وَمِنْه {فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى} وَالثَّانِي أَن تكون ظرفا للمستقبل متضمنة معنى الشَّرْط وتختص بِالدُّخُولِ على الْجُمْلَة الفعلية وَمن هَذَا الْقَبِيل قَوْله تَعَالَى {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} فَإِن إِذا هُنَا ظرف تضمن معنى الشَّرْط قَوْله {قُمْتُم} فعل مَاض للْجمع الْمُذكر المخاطبين قَوْله {إِلَى الصَّلَاة} كلمة إِلَى تَأتي لثمانية معَان الأول انْتِهَاء الْغَايَة الزمانية نَحْو {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} والمكانية نَحْو {من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى} الثَّانِي الْمَعِيَّة نَحْو {من أَنْصَارِي إِلَى الله} الثَّالِث التَّبْيِين وَهِي المبينة لفاعلية مجرورها بعد مَا يُفِيد حبا أَو بغضا من فعل تعجب أَو اسْم تَفْضِيل نَحْو {رب السجْن أحب إِلَيّ} الرَّابِع بِمَعْنى اللَّام نَحْو الْأَمر إِلَيْك الْخَامِس بِمَعْنى فِي نَحْو {ليجمعنكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} السَّادِس الِابْتِدَاء كَقَوْلِه
(تَقول وَقد عاليت بالكوز فَوْقهَا ... أيسقى فَلَا يرْوى إِلَى ابْن احمرا)
السَّابِع بِمَعْنى عِنْد نَحْو أشهى إِلَيّ من الرَّحِيق السلسل أَي عِنْدِي الثَّامِن التوكيد وَهِي الزَّائِدَة أثبت ذَلِك الْفراء مستدلا بِقِرَاءَة بَعضهم {أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم} بِفَتْح الْوَاو قَوْله {الصَّلَاة} على وزن فعلة من صلى كَالزَّكَاةِ من زكى واشتقاقها من الصلا وَهُوَ الْعظم الَّذِي عَلَيْهِ الأليان لِأَن الْمُصَلِّي يُحَرك صلويه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَقيل للثَّانِي من خيل السباق الْمُصَلِّي لِأَن رَأسه يَلِي صلوي السَّابِق وَيُقَال الصَّلَاة الدُّعَاء وَمِنْه قَول الْأَعْشَى فِي وصف الْخمر
(وقابلها الرّيح فِي دنها ... وَصلى على دنها وارتسم)
أَي دَعَا لَهَا بالسلامة وَالْبركَة. وَأما فِي الشَّرْع فَهِيَ عبارَة عَن الْأَفْعَال الْمَعْهُودَة والأذكار الْمَعْلُومَة فَإِن قلت كَيفَ يكون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute