للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَعْنى فِي الْوَجْهَيْنِ قلت على الْوَجْه الأول يكون لفظ الصَّلَاة من الْأَسْمَاء الْمُغيرَة شرعا وعَلى الْوَجْه الثَّانِي يكون من الْأَسْمَاء المنقولة شرعا لوُجُود الْمَعْنى اللّغَوِيّ مَعَ زِيَادَة فِيهَا شرعا وَفِي النَّقْل المعني اللّغَوِيّ مرعي وَفِي التَّغْيِير يكون بَاقِيا وَلكنه زيد عَلَيْهَا شَيْء آخر قَوْله {فَاغْسِلُوا} أَمر للْجمع الْمُذكر الْحَاضِرين من غسل يغسل غسلا وغسلا بِالْفَتْح وَالضَّم كِلَاهُمَا مصدران وَقيل الْغسْل بِالْفَتْح مصدر وبالضم اسْم للاغتسال وَفِي الشَّرْع الْغسْل إمرار المَاء على الْموضع إِذا لم يكن هُنَاكَ نَجَاسَة فَإِن كَانَ هُنَاكَ نَجَاسَة فغسلها إِزَالَتهَا بِالْمَاءِ أَو مَا يقوم مقَامه قَوْله {وُجُوهكُم} جمع وَجه وَحكى الْفراء حَيّ الْوُجُوه وَحي الْأَوْجه وَقَالَ ابْن السّكيت ويفعلون ذَلِك كثيرا فِي الْوَاو إِذا انضمت وَهُوَ فِي اللُّغَة مَأْخُوذ من المواجهة وَهِي الْمُقَابلَة وَحده فِي الطول من مُبْتَدأ سطح الْجَبْهَة إِلَى مُنْتَهى اللحيين وهما عظما الحنك ويسميان الفكين وَعَلَيْهِمَا منابت الْأَسْنَان السُّفْلى وَمن الْأذن إِلَى الْأذن فِي الْعرض وَقَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ والأقطع حَده من قصاص الشّعْر إِلَى أَسْفَل الذقن إِلَى شحمة الْأذن حكى ذَلِك أَبُو الْحسن الْكَرْخِي عَن أبي سعيد البردعي وَقَالَ الرَّازِيّ وَلَا نعلم خلافًا بَين الْفُقَهَاء فِي هَذَا الْمَعْنى وَكَذَلِكَ يَقْتَضِي ظَاهر الِاسْم إِذا كَانَ إِنَّمَا سمي وَجها لظُهُوره وَلِأَنَّهُ يواجه الشَّيْء ويقابل بِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ من تَحْدِيد الْوَجْه هُوَ الَّذِي يواجه الْإِنْسَان ويقابله من غَيره فَإِن قلت فَيَنْبَغِي أَن يكون الأذنان من الْوَجْه بِهَذَا الْمَعْنى قلت لَا يجب ذَلِك لِأَن الْأُذُنَيْنِ تستران بالعمامة والإزار والقلنسوة وَنَحْوهَا وَقَالَ فِي الْبَدَائِع لم يذكر حد الْوَجْه فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَذكر فِي غير الْأُصُول كَمَا ذكره فِي الْكتاب وَقَالَ هَذَا حد صَحِيح فَيخرج دَاخل الْعَينَيْنِ وَالْأنف والفم وأصول شعر الحاجبين واللحية والشارب ودنيم الذُّبَاب وَدم البراغيث لخروجها عَن المواجهة وَقَالَ أَبُو عبد الله الْبَلْخِي لَا تسْقط وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي الْخَفِيف والمزني وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَق مُطلقًا وَحكى الرَّافِعِيّ قولا وَفِي الْمَبْسُوط الْعين غير دَاخل فِي غسل الْوَجْه لما فِي إِيصَال المَاء إِلَيْهَا من الْحَرج لِأَنَّهُ شَحم لَا يقبل المَاء وَمن تكلّف من الصَّحَابَة فِيهِ كف بَصَره فِي آخر عمره كَابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم وَفِي الْغَايَة للسروجي عَن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَن من غمض عَيْنَيْهِ فِي غسل الْوَجْه تغميضا شَدِيدا لَا يجْزِيه الْوضُوء وَقل من رمدت عينه فرمصت وَاجْتمعَ رماصها تكلّف إِيصَال المَاء تَحت مُجْتَمع الرمص وَيجب إِيصَال المَاء إِلَى الماق كَذَا فِي الْمُجْتَبى وَفِي المغنى وَالْوَجْه من منابت شعر الرَّأْس إِلَى ماانحدر من اللحيين والذقن إِلَى أصُول الْأُذُنَيْنِ وَلَا يعْتَبر كل أحد بِنَفسِهِ بل لَو كَانَ أجلح ينحسر شعره عَن مقدم رَأسه غسل إِلَى حد منابت الشّعْر فِي الْغَالِب والأقرع الَّذِي ينزل شعره إِلَى الْوَجْه يجب عَلَيْهِ غسل الشّعْر الَّذِي ينزل عَن حد الْغَالِب وَفِي الْأَحْكَام لِابْنِ بزيزة للْوَجْه حد طولا وعرضا فحده طولا من منابت الشّعْر الْمُعْتَاد إِلَى الذقن وَقَوْلنَا الْمُعْتَاد احْتِرَاز عَن الأغم والأقرع وَاخْتلف الْمَذْهَب فِي حَده عرضا على أَرْبَعَة أَقْوَال فَقيل من الْأذن إِلَى الْأذن وَقيل من العذار إِلَى العذار فِي حق الملتحي وَمن الْأذن إِلَى الْأذن فِي حق الْأَمْرَد وَالْقَوْل الرَّابِع أَن غسل الْبيَاض الَّذِي بَين الصدغ وَالْأُذن سنة قَوْله {وَأَيْدِيكُمْ} جمع يَد وَأَصلهَا يدى على وزن فعل بِسُكُون الْعين لِأَن جمعهَا أَيدي ويدى مثل فلس وأفلس وفلوس وَلَا يجمع فعل على أفعل إِلَّا أحرف يسيرَة مَعْدُودَة مثل زمن وأزمن وجبل وأجبل وعصا وأعص وَقد جمعت الْأَيْدِي فِي الشّعْر على أياد قَالَ الشَّاعِر

(كَأَنَّهُ بالصحصحان الأنجد ... قطن سخام بأيادي غزل)

وَهُوَ جمع الْجمع مثل أكرع وأكارع وَالْيَد اسْم يَقع على هَذَا الْعُضْو من طرف الْأَصَابِع إِلَى الْمنْكب وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن عمارا رَضِي الله عَنهُ تيَمّم إِلَى الْمنْكب وَقَالَ تيممنا إِلَى المناكب مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ ذَلِك بِعُمُوم قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} وَلم يُنكر عَلَيْهِ من جِهَة اللُّغَة بل هُوَ كَانَ من أهل اللُّغَة فَكَانَ عِنْده أَن الِاسْم للعضو إِلَى الْمنْكب فَثَبت بذلك أَن الِاسْم يتَنَاوَل إِلَى الْمنْكب فَإِذا كَانَ الْإِطْلَاق يَقْتَضِي ذَلِك ثمَّ ذكر التَّحْدِيد فَجعل الْمرَافِق غَايَة كَانَ ذكرهَا لإِسْقَاط مَا وَرَاءَهَا قَوْله {إِلَى الْمرَافِق} جمع مرفق بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْفَاء وعَلى الْعَكْس وَهُوَ مُجْتَمع طرف الساعد والعضد قلت الأول هُوَ اسْم الْآلَة كالمحلب وَالثَّانِي اسْم الْمَكَان وَيجوز فِيهِ فتح الْمِيم وَالْفَاء على أَن يكون مصدرا أَو اسْم مَكَان على الأَصْل وَذكر ابْن سَيّده فِي الْمُخَصّص أَن أَبَا عُبَيْدَة قَالَ الْمرْفق والمرفق من الْإِنْسَان وَالدَّابَّة على الذِّرَاع وأسفل الْعَضُد والمرفق المتكأ قَالَ الْأَصْمَعِي الْمرْفق من الْإِنْسَان وَالدَّابَّة بِكَسْر الْفَاء والمرفق الْأَمر الرفيق

<<  <  ج: ص:  >  >>