عبد الله بن مُحَمَّد هَذَا هُوَ الْمَذْكُور فِيمَا قبله فَإِنَّهُ أخرج عَنهُ فِي هَذَا الْبَاب ثَلَاثَة أَحَادِيث مُتَوَالِيَات كَمَا ترَاهُ، وَيُمكن أَن يكون وَجه الْمُطَابقَة فِي هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة وَفِي الحَدِيث الَّذِي بعده من حَيْثُ كَونهم من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد، ويكتفي بِهَذَا الْمِقْدَار على أَن فِي هَذَا الحَدِيث ذكر أَسمَاء وَعَائِشَة فِي معرض فضيلتهما المستلزمة لفضل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي التَّرْجَمَة الْإِشْعَار بِفضل أبي بكر.
وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَابْن أبي مليكَة هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة، وَقد تكَرر ذكرهم.
قَوْله:(حِين وَقع بَينه وَبَين ابْن الزبير) أَي: حِين وَقع بَين ابْن عَبَّاس وَبَين عبد الله بن الزبير. رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَذَلِكَ بِسَبَب الْبيعَة، وَمُلَخَّص ذَلِك أَن مُعَاوِيَة لما مَاتَ امْتنع ابْن الزبير من الْبيعَة ليزِيد بن مُعَاوِيَة وأصر على ذَلِك، وَلما بلغه خبر موت يزِيد بن مُعَاوِيَة دَعَا ابْن الزبير إِلَى نَفسه فبويع بالخلافة وأطاعه أهل الْحجاز ومصر وعراق وخراسان وَكثير من أهل الشَّام، ثمَّ جرت أُمُور حَتَّى آلت الْخلَافَة إِلَى عبد الْملك، وَذَلِكَ كُله فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَكَانَ مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب الْمَعْرُوف بِابْن الْحَنَفِيَّة وَعبد الله بن عَبَّاس مقيمين بِمَكَّة مُنْذُ قتل الْحُسَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فدعاهما ابْن الزبير إِلَى الْبيعَة لَهُ فامتنعا وَقَالا: لَا نُبَايِع حَتَّى يجْتَمع النَّاس على خَليفَة، وتبعهما على ذَلِك جمَاعَة فَشدد عَلَيْهِم ابْن الزبير وحصرهم فَبلغ الْخَبَر الْمُخْتَار بن أبي عبيد وَكَانَ قد غلب على الْكُوفَة وَكَانَ فر مِنْهُ من كَانَ من قبل ابْن الزبير، فَجهز إِلَيْهِم جَيْشًا فأخرجوهما واستأذنوهما فِي قتال ابْن الزبير فامتنعا، وخرجا إِلَى الطَّائِف فأقاما بهَا حَتَّى مَاتَ ابْن عَبَّاس فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ، ورحل ابْن الْحَنَفِيَّة بعده إِلَى جِهَة رضوى جبل يَنْبع فَأَقَامَ هُنَاكَ، ثمَّ أَرَادَ دُخُول الشَّام فَتوجه إِلَى نَحْو أَيْلَة فَمَاتَ فِي آخر سنة ثَلَاثَة أَو أول سنة أَربع وَسبعين، وَذَلِكَ عقيل قتل ابْن الزبير على الصَّحِيح. قَوْله:(قلت أَبوهُ الزبير) ، الْقَائِل هُوَ ابْن أبي مليكَة يعدد بِهَذَا إِلَى آخِره شرف ابْن الزبير وفضله واستحقاقه الْخلَافَة مثل الَّذِي يُنكر على ابْن عَبَّاس على امْتِنَاعه من الْبيعَة لَهُ، يَقُول: أَبوهُ عبد الله هُوَ الزبير بن الْعَوام أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ. وَأمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، وخالته عَائِشَة لِأَنَّهَا أُخْت أَسمَاء، وجدته صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب وَهِي أم الزبير. قَوْله:(فَقلت لِسُفْيَان) ، الْقَائِل هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد شيخ البُخَارِيّ. قَوْله:(إِسْنَاده) ، أَي: اذكر إِسْنَاده، وَيجوز بِالرَّفْع على تَقْدِير: مَا هُوَ إِسْنَاده. قَوْله:(فَقَالَ: حَدثنَا) ، أَي: قَالَ سُفْيَان: حَدثنَا فَشَغلهُ إِنْسَان بِكَلَام أَو نَحوه وَلم يقل حَدثنَا ابْن جريج، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قد ذكر الْإِسْنَاد أَولا فَمَا معنى السُّؤَال عنة؟ ثمَّ أجَاب عَن كَيْفيَّة العنعنة بِأَنَّهَا بالواسطة وبدونها. قلت: فَلذَلِك أخرج البُخَارِيّ الحَدِيث من وَجْهَيْن آخَرين على مَا يَجِيء الْآن لأجل الِاسْتِظْهَار.