للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّلَاة فَنَادَى مناديه لِلظهْرِ فَقَامَ النَّاس إِلَى الْوضُوء فَتَوَضَّأ ثمَّ صلى بهم ثمَّ جَلَسُوا حلقا فَلَمَّا حضرت الْعَصْر نَادَى مُنَاد الْعَصْر فَهَب النَّاس للْوُضُوء أَيْضا فَأمر مناديه أَلا لَا وضوء إِلَّا على من أحدث قَالَ أوشك الْعلم أَن يذهب وَيظْهر الْجَهْل حَتَّى يضْرب الرجل أمه بِالسَّيْفِ من الْجَهْل وروى ذَلِك أَيْضا عَن جمَاعَة من التَّابِعين فروى الطَّحَاوِيّ عَن مُحَمَّد بن خُزَيْمَة قَالَ حَدثنَا الْحجَّاج قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد أَن شريحا كَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَات كلهَا بِوضُوء وَاحِد وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَحَمَّاد هُوَ ابْن سَلمَة وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين وروى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَقَالَ حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس عَن هِشَام عَن الْحسن قَالَ يُصَلِّي الرجل الصَّلَوَات كلهَا بِوضُوء وَاحِد مَا لم يحدث فَكَذَلِك التَّيَمُّم وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا نَحوا مِنْهُ وَقَالَ أَيْضا حَدثنَا حَفْص عَن لَيْث عَن عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد أَنهم كَانُوا يصلونَ الصَّلَوَات كلهَا بِوضُوء وَاحِد حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن مجَالد قَالَ رَأَيْت سَعْدا يُصَلِّي الصَّلَوَات كلهَا بِوضُوء وَاحِد وروى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَقَالَ حَدثنَا يحيى بن الْعَلَاء عَن الْأَعْمَش عَن عمَارَة بن عُمَيْر قَالَ كَانَ الْأسود بن يزِيد يتَوَضَّأ بقدح قدري الرجل ثمَّ يُصَلِّي بذلك الْوضُوء الصَّلَوَات كلهَا مَا لم يحدث وَأما الْقيَاس فَلِأَنَّهُ لَو كَانَ الْأَمر كَمَا ذكرُوا كَانَ كل من جلس يتَوَضَّأ لزمَه إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة وضوء آخر وَفِي ذَلِك تَفْوِيت الصَّلَاة بالاشتغال بِالْوضُوءِ وَهَذَا تَفْوِيت الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ بالاشتغال بمقدماته وَهَذَا لَا يجوز وَلِأَن الْحَدث شَرط وجوب الْوضُوء بِدلَالَة النَّص فَإِنَّهُ ذكر التَّيَمُّم فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط} إِلَى قَوْله {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} مَقْرُونا بِذكر الْحَدث وَهُوَ بدل عَن الْوضُوء وَالنَّص فِي الْبَدَل نَص فِي الأَصْل فَإِن قلت إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَلم أضمر الْحَدث فِي الْآيَة قلت كَرَاهَة أَن يفْتَتح آيَة الطَّهَارَة بِذكر الْحَدث كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {هدى لِلْمُتقين} حَيْثُ لم يقل هدى للضالين الصائرين إِلَى التَّقْوَى بعد الضلال كَرَاهَة أَن يفْتَتح أولى الزهراوين بِذكر الضَّلَالَة فَإِن اعْترض على الأول بِأَن الْجُلُوس فِي الْوضُوء لَيْسَ بِوَاجِب فَلَا يتم مَا ذكرْتُمْ وعَلى الثَّانِي بِأَن الْآيَة بعبارتها تدل على وجوب الْوضُوء على كل قَائِم وَآيَة التَّيَمُّم تدل بدلالتها على وُجُوبه على الْمُحدثين والعبارة قاضية على الدّلَالَة كَمَا عرف فَالْجَوَاب عَن الأول سلمنَا أَن الْجُلُوس فِي الْوضُوء غير وَاجِب لَكِن خلاف مَا ذكرنَا يُفْضِي إِلَى وجوب الْقيام للْوُضُوء دَائِما لِأَن أَدَاء الصَّلَاة لَا يتَحَقَّق إِذْ ذَاك وَذَلِكَ بَاطِل بِالْإِجْمَاع وَمَا يُفْضِي إِلَى الْبَاطِل بَاطِل وَإِذا ثَبت هَذَا ظهر أَن ظَاهر الْآيَة غير مُرَاد فَلَا يَقْتَضِي وجوب الْوضُوء على كل قَائِم فتسلم الدّلَالَة عَن الْمعَارض وَيسْقط السُّؤَال الثَّانِي فَإِن الْمُعْتَرض اعْترض بِأَن الِاسْتِدْلَال فَاسد هَهُنَا لِأَنَّهَا تدل على اشْتِرَاط وجوب التَّيَمُّم بِوُجُود الْحَدث وَالتَّيَمُّم يدل وَيجوز أَن يتَخَلَّف الْبَدَل عَن الأَصْل فِي الشَّرْط فَإِنَّهُ خَالفه فِي اشْتِرَاط النِّيَّة وَهِي شَرط لَا محَالة أُجِيب بِأَن كلامنا فِي مُخَالفَة الْبَدَل الأَصْل فِي شَرط السَّبَب فَإِن إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة بِشَرْط الْحَدث سَبَب لوُجُوب التَّيَمُّم وَالْبدل لَا يُخَالف الأَصْل فِي سَببه وَمَا ذكره لَيْسَ بِشَرْط السَّبَب فَإِن إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة بِشَرْط نِيَّة التَّيَمُّم لَيست بِسَبَب لَهُ وَإِنَّمَا النِّيَّة شَرط صِحَة التَّيَمُّم لَا شَرط سَببه (فَإِن قلت) قد رُوِيَ عَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة رَضِي الله عَنْهُم أَنهم كَانُوا يتوضؤن لكل صَلَاة قلت هُوَ مَحْمُول على الْفَضِيلَة للدلائل الَّتِي ذَكرنَاهَا فَثَبت بِمَا ذكرنَا أَن سَبَب وجوب الْوضُوء إِرَادَة الصَّلَاة بِشَرْط الْحَدث وَهَكَذَا ذكر فِي الْمُحِيط والمفيد وَقَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ سَببه الْحَدث عِنْد الْقيام إِلَى الصَّلَاة وَالْمُخْتَار هُوَ الأول وَفِي الْحَوَاشِي الْحَدث شَرطه بِدلَالَة النَّص وصيغته أما صيغته فَلِأَنَّهُ ذكر الْحَدث فِي التَّيَمُّم الَّذِي هُوَ بدل عَن الْوضُوء وَالْبدل إِنَّمَا وَجب بِمَا وَجب بِهِ فِي الأَصْل فَكَانَ ذكر الْحَدث فِي الْبَدَل ذكرا فِي الْمُبدل وَأما الدّلَالَة فَقَوله {إِذا قُمْتُم} أَي من مضاجعكم وَهُوَ كِنَايَة عَن النّوم وَهُوَ حدث وَإِنَّمَا صرح بِذكر الْحَدث فِي الْغسْل وَالتَّيَمُّم دون الْوضُوء ليعلم أَن الْوضُوء يكون سنة وفرضا وَالْحَدَث شَرط فِي الْفَرْض دون السّنة لِأَن الْوضُوء على الْوضُوء نور على نور وَالْغسْل على الْغسْل وَالتَّيَمُّم على التَّيَمُّم لَيْسَ كَذَلِك وَهُوَ الْمَشْهُور فيهمَا عِنْد الشَّافِعِي قَالَ الْمُتَوَلِي والشاشي من الشَّافِعِيَّة فِي مُوجب الْوضُوء ثَلَاثَة أوجه. أَحدهَا الْحَدث فلولاه لم يجب. الثَّانِي الْقيام إِلَى الصَّلَاة لِأَنَّهُ لَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ قبله. الثَّالِث وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد الْمُتَوَلِي وَغَيره أَنه يجب بهما. ثمَّ الْحَدث على جَمِيع الْبدن فِي وَجه كالجنابة حَتَّى منع من مس الْمُصحف بظهره وبطنه والاكتفاء بِغسْل الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة تَخْفيف وَفِي وَجه يخْتَص بالأربعة وَعدم جَوَاز الْمس لعدم

<<  <  ج: ص:  >  >>