طَهَارَة جَمِيع الْبدن وَيشكل بِالنَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّة وَفِي الْأَصَح اخْتِلَاف عِنْدهم قَالَ الشاطي الْعُمُوم وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيره الِاخْتِصَاص وَرجحه النَّوَوِيّ (النَّوْع الثَّانِي من النَّوْع الْخَامِس) أَن قَوْله {إِلَى الصَّلَاة} يتَنَاوَل سَائِر الصَّلَوَات من المفروضات والنوافل لِأَن الصَّلَاة اسْم للْجِنْس فَاقْتضى أَن يكون من شَرط الصَّلَاة الطَّهَارَة أَي صَلَاة كَانَت الثَّالِث اسْتدلَّ بِظَاهِر الْآيَة طَائِفَة أَن الْوضُوء لَا يجزىء إِلَّا بعد دُخُول وَقت الصَّلَاة وَكَذَلِكَ التَّيَمُّم وَهَذَا فَاسد لِأَنَّهُ لم يُقيد فِي النَّص دُخُول وَقت الصَّلَاة وَيُؤَيّد مَا ذَكرْنَاهُ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة غسل الْجَنَابَة وَرَاح فَكَأَنَّمَا قرب بَدَنَة وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّانِيَة فَكَأَنَّمَا قرب بقرة وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّالِثَة فَكَأَنَّمَا قرب كَبْشًا وَمن رَاح فِي السَّاعَة الرَّابِعَة فَكَأَنَّمَا قرب دجَاجَة وَمن رَاح فِي السَّاعَة الْخَامِسَة فَكَأَنَّمَا قرب بَيْضَة فَإِذا خرج الإِمَام حضرت الْمَلَائِكَة يَسْتَمِعُون الذّكر فَهَذَا نَص جلي على جَوَاز الْوضُوء للصَّلَاة قبل دُخُول وَقتهَا لِأَن الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة لَا بُد ضَرُورَة من أَن يخرج قبل الْوَقْت أَو بعده وَأي الْأَمريْنِ كَانَ يتَطَهَّر الرَّائِح من أول النَّهَار كَانَ قبل وَقت الْجُمُعَة بِلَا شكّ الرَّابِع {فَاغْسِلُوا} يَقْتَضِي إِيجَاب الْغسْل وَهُوَ اسْم لإمرار المَاء على الْموضع إِذا لم يكن هُنَاكَ نَجَاسَة فَإِن كَانَت هُنَاكَ نَجَاسَة فغسلها إِزَالَتهَا بإمرار المَاء أَو مَا يقوم مقَامه وَلَيْسَ عَلَيْهِ غسل ذَلِك الْموضع بِيَدِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إمرار المَاء حَتَّى يجْرِي على الْموضع قَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ وَقد اخْتلف فِي ذَلِك على ثَلَاثَة أوجه فَقَالَ مَالك بن أنس عَلَيْهِ إمرار المَاء ودلك الْموضع بِهِ وَإِلَّا لم يكن غاسلا وَقَالَ آخَرُونَ وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا وَعَامة الْفُقَهَاء عَلَيْهِ إِجْرَاء المَاء وَلَيْسَ عَلَيْهِ دلكه بِهِ وروى هِشَام عَن أبي يُوسُف أَنه يمسح الْموضع بِالْمَاءِ كَمَا يمسح بالدهن وَفِي التُّحْفَة الْغسْل تسييل المَاء على الْموضع وَالْمسح إمراره عَلَيْهِ فقد فسر الْمسْح بِمَا فسر الرَّازِيّ الْغسْل بِهِ وَفِي الْبَدَائِع لَو اسْتعْمل المَاء من غير إسالة كالتدهن بِهِ لَا يجوز فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه يجوز وعَلى هَذَا لَو تَوَضَّأ بالثلج وَلم يقطر مِنْهُ شَيْء لَا يجوز وَلَو قطر قطرتان أَو ثَلَاث جَازَ لوُجُود الإسالة وَفِي الذَّخِيرَة تَأْوِيل مَا رُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه إِن سَالَ من الْعُضْو قَطْرَة أَو قطرتان وَلم يتدارك وَفِي الْأَحْكَام لِابْنِ بزيزة صفة الْغسْل فِي الْأَعْضَاء المغسولة أَن يلقى الْعُضْو بِالْمَاءِ لِأَن يبله وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا مسح الْأَعْضَاء كمسح الدّهن يجوز وَقَالَ بعض التَّابِعين مَا عهدناهم يلطمون وُجُوههم بِالْمَاءِ وَجَمَاعَة الْعلمَاء على خلاف مَا قَالَه أَبُو يُوسُف لِأَن تِلْكَ الْهَيْئَة الَّتِي قَالَ بهَا لَا تسميها الْعَرَب غسلا الْبَتَّةَ الْخَامِس قَوْله {فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} يَقْتَضِي فَرضِيَّة غسل الْوَجْه وَقد ذكرنَا حَده السَّادِس مَا ذكرنَا من حد الْوَجْه يدل على أَن الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق غير واجبتين بِالْآيَةِ إِذْ لَيْسَ دَاخل الْأنف والفم مواجهين لمن قَابل الْوَجْه فَمن قَالَ بوجوبهما فقد زَاد على الْكتاب وَهُوَ غير جَائِز السَّابِع أَن اللِّحْيَة يحْتَمل أَن تكون من الْوَجْه لِأَنَّهَا تواجه الْمُقَابل وَلَا تتغطى فِي الْأَكْثَر كَسَائِر الْوَجْه فَيَقْتَضِي ذَلِك وجوب غسلهَا وَيحْتَمل أَن لَا تكون من الْوَجْه لِأَن الْوَجْه مَا واجهك من الْبشرَة دون الشّعْر النَّابِت عَلَيْهِ بَعْدَمَا كَانَت الْبشرَة ظَاهِرَة دونه فَلذَلِك اخْتلفُوا فِي غسل اللِّحْيَة وتخليلها ومسحها الثَّامِن قَوْله {فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} يَقْتَضِي جَوَاز الصَّلَاة بِوُجُود الْغسْل سَوَاء قارنته النِّيَّة أَو لم تقارنه وَذَلِكَ لِأَن الْغسْل اسْم شَرْعِي مَفْهُوم الْمَعْنى فِي اللُّغَة وَهُوَ إمرار المَاء على الْموضع وَلَيْسَ هُوَ عبارَة عَن النِّيَّة فَمن شَرط فِيهِ النِّيَّة فقد زَاد على النَّص التَّاسِع قَوْله {وَأَيْدِيكُمْ} يدل على فَرضِيَّة غسل الْيَدَيْنِ وَيجب غسل كل مَا كَانَ مركبا على الْيَدَيْنِ من الْأَصَابِع الزَّائِدَة والكف الزَّائِدَة وَإِن خلق على الْعَضُد غسل مَا يُحَاذِي مَحل الْفَرْض لَا مَا فَوْقه وَفِي مغنى الْحَنَابِلَة وَإِن خلق لَهُ اصبع زَائِد أَو يَد زَائِدَة فِي مَحل الْفَرْض كالعضد أَو الْمنْكب لم يجب غسلهَا سَوَاء كَانَت قَصِيرَة أَو طَوِيلَة هَذَا قَول ابْن حَامِد وَابْن عقيل وَقَالَ القَاضِي إِن كَانَ بَعْضهَا يُحَاذِي مَحل الْفَرْض غسل مَا يحاذيه مِنْهَا وَالْأول أصح وَاخْتلف أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي ذَلِك كَمَا ذكرنَا وَإِن تعلّقت جلدَة من غير مَحل الْفَرْض حَتَّى تدلت من مَحل الْفَرْض وَجب غسلهَا لِأَن أَصْلهَا فِي مَحل الْفَرْض فَأَشْبَهت الْأصْبع الزَّائِدَة وَإِن تعلّقت فِي مَحل الْفَرْض حَتَّى صَارَت متدلية من غير مَحل الْفَرْض غسلهَا قَصِيرَة كَانَت أَو طَوِيلَة بِلَا خلاف وَإِن تعلّقت فِي أحد المحلين والتحم رَأسهَا فِي الآخر وَبَقِي وَسطهَا متجافيا صَارَت كالنابتة فِي المحلين يجب غسل مَا يُحَاذِي مَحل الْفَرْض من ظَاهرهَا وباطنها وَغسل مَا تحتهَا من مَحل الْفَرْض وَفِي الْحِلْية لَو خلق لَهُ يدان على منْكب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute