يزورَّون عَن الْحق وينحرفون عَنهُ لِأَن من أقبل على الشَّيْء استقبله بصدره وَمن أزورّ عَنهُ وانحرف ثنى عَنهُ صَدره وطوى عَنهُ كشحه. وَيُقَال: هَذِه نزلت فِي الْأَخْنَس بن شريق وَكَانَ حُلْو الْكَلَام المنظر يلقِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يحب وينطوي لَهُ على مَا يكره، وَقيل: نزلت فِي بعض الْمُنَافِقين، وَقيل: فِي بعض الْمُشْركين كَانَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، إِذا مر عَلَيْهِ يثني صَدره ويطأطىء رَأسه كَيْلا يرَاهُ، فَأخْبر الله تَعَالَى نبيه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِمَا ينطوي عَلَيْهِ صُدُورهمْ، ويثنون يكتمون مَا فِيهَا من الْعَدَاوَة. قَوْله: (ليستخفوا مِنْهُ) أَي: من الله. وَقيل: من الرَّسُول، وَهُوَ من الْقُرْآن. وَقَوله: {إِن اسْتَطَاعُوا} لَيْسَ من الْقُرْآن، والتفاسير الْمَذْكُورَة إِلَى هُنَا وَقعت فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَعند غَيره وَقعت مؤخرة وَالله أعلم وَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ عَن قريب مستقصى.
وَقَالَ أبُو مَيْسَرَةً الأوَّاه الرَّحِيمُ بِالحَبَشِيَّةِ
لم يَقع هَذَا هُنَا فِي رِوَايَة أبي ذَر وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، وَأَبُو ميسرَة ضد الميمنة واسْمه عَمْرو بن شُرَحْبِيل الْهَمدَانِي التَّابِعِيّ الْكُوفِي، روى عَنهُ مثل الشّعبِيّ وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي، وَأَشَارَ بقوله الأواه إِلَى قَوْله: {إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب} (هود: ٧٥) .
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ بَادِي الرَّأْي مَا ظَهَرَ لَنَا
أَي: قَالَ عبد الله بن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي} الْآيَة. وَفسّر قَوْله: بَادِي الرَّأْي: بقوله: مَا ظهر لنا، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد عَن الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن مزِيد أَخْبرنِي مُحَمَّد بن شُعَيْب أَخْبرنِي عُثْمَان بن عَطاء عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ الجُودِيُّ جَبَلٌ بِالجَزِيرَةِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {واستوت على الجودي} (هود: ٤٤) أَي: اسْتَوَت سفينة نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، على الجودي، وَهُوَ جبل بالجزيرة، تشامخت الْجبَال يَوْمئِذٍ وتطاولت وتواضع الجودي لله عز وَجل، فَلم يغرق، فأرسيت عَلَيْهِ السَّفِينَة. وَقيل: إِن الجودي جبل بالموصل، وَقيل: بآمدوهما من الجزيرة، وَقَالَ: أكْرم الله عز وَجل، ثَلَاثَة جبال بِثَلَاثَة أَنْبيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، حراء بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: والجودي بِنوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالطور بمُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
وَقَالَ الحَسَنُ: إنَّكَ لأنْتَ الحَلِيمُ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} (هود: ٨٧) فِي قصَّة شُعَيْب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: إِنَّمَا قَالَ قومه ذَلِك استهزاءً بِهِ. وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد عَن الْمُنْذر بن شَاذان عَن زَكَرِيَّا بن عدي عَن أبي مليح عَن الْحسن.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أقْلِعِي أمْسِكِي
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَقيل يَا أَرض ابلعي ماءك وَيَا سَمَاء اقلعي} (هود: ٤٠) رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن أبي صَالح حَدثنَا مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.
وَفَارَ التَّنُّورُ نَبَعَ المَاءُ: عَصِيبٌ شَدِيدٌ لَا جَرَمَ بَلَى
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا جَاءَ أمرنَا وفار التَّنور} (هود: ٤٠) وَهَذَا أَيْضا رَوَاهُ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله: (فار) ، من الْفَوْر وَهُوَ الغليان، والفوارة مَا يفور من الْقدر، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: التَّنور اسْم فَارسي مُعرب لَا تعرف لَهُ الْعَرَب اسْما غَيره، فَلذَلِك جَاءَ فِي التَّنْزِيل لأَنهم خوطبوا بِمَا عرفوه: وَاخْتلفُوا فِي مَوْضِعه. فَقَالَ مُجَاهِد: كَانَ ذَلِك فِي نَاحيَة الْكُوفَة، وَقَالَ: اتخذ نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام، السَّفِينَة فِي جَوف مَسْجِد الْكُوفَة وَكَانَ التَّنور على يَمِين الدَّاخِل مِمَّا يَلِي كشدة، وَبِه قَالَ