(كَيفَ تَصُوم) . وَقد مضى فِي كتاب الصَّوْم مَا يتَعَلَّق بِهِ قَوْله:(أُطِيق أَكثر من ذَلِك) وَلَيْسَ فِيهِ مُخَالفَة لأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ علم أَن مُرَاده تسهيل الْأَمر وتخفيفه عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْأَمر للْإِيجَاب. قَوْله:(صم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْجُمُعَة قَالَ: أُطِيق أَكثر من ذَلِك) أَي: من ثَلَاثَة أَيَّام قَوْله: (قَالَ: صم يَوْمًا) أَي: قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صم يَوْمًا وَأفْطر يَوْمَيْنِ. قلت: أُطِيق أَكثر من ذَلِك، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هَذَا وهم من الرَّاوِي لِأَن ثَلَاثَة أَيَّام من الْجُمُعَة أَكثر من فطر يَوْمَيْنِ وَصِيَام يَوْم؛ وَكَذَا قَالَه عبد الْملك، وَقَالَ الدَّاودِيّ: إلَاّ أَن يُرِيد ثَلَاثَة من قَوْله: (أفطر يَوْمًا وصم يَوْمًا) وَهَذَا خُرُوج عَن الظَّاهِر. قَوْله:(صِيَام يَوْم) وَيجوز فِيهِ النصب على تَقْدِير: كَانَ يَصُوم صِيَام يَوْم، وَيجوز الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ صِيَام يَوْم. قَوْله:(إفطار يَوْم) عطف عَلَيْهِ على الْوَجْهَيْنِ. قَوْله:(واقرأ فِي كل سبع لَيَال مرّة) أَي: اختم فِي كل سبع لَيَال مرّة وَاحِدَة. قَوْله:(فَكَانَ يقْرَأ) هُوَ كَلَام مُجَاهِد يصف صَنِيع عبد الله بن عمر وَلما كبر، وَقد قع مُصَرحًا بِهِ فِي رِوَايَة هشيم. قَوْله:(كَبرت) بِكَسْر الْبَاء فِي السن، وَأما كَبرت بِالضَّمِّ فَفِي الْقُدْرَة. قَوْله:(وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ) أَي: وَالَّذِي أَرَادَ أَن يقرأه بِاللَّيْلِ يعرضه بِالنَّهَارِ. قَوْله:(وأحصي) أَي: عدم أَيَّام الْإِفْطَار. قَوْله:(كَرَاهِيَة) نصب على التَّعْلِيل، أَي: لأجل كَرَاهِيَة أَن يتْرك شَيْئا، وَكلمَة أَن يتْرك شَيْئا، وَكلمَة: أَن مَصْدَرِيَّة. فَإِن قلت: قد فَارق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صَوْم الدَّهْر وَقد ترك ذَلِك؟ قلت: غَرَضه أَنه مَا ترك السرد والتتابع فِي الْجُمْلَة، وَهُوَ الَّذِي فَارقه عَلَيْهِ.
قَوْله:(قَالَ أَبُو عبد الله) ، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله:(وَقَالَ بَعضهم فِي ثَلَاث) أَي: قَالَ بعض الروَاة: قَرَأَ فِي كل ثَلَاث لَيَال مرّة وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك إِلَى رِوَايَة شُعْبَة عَن مُغيرَة بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، فَقَالَ: اقْرَأ الْقُرْآن فِي كل شهر، قَالَ: إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: فِي ثَلَاث، وَرُوِيَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ مصححا من طَرِيق يزِيد بن عبد الله بن الشخير عَن عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا: لَا يفقه من قَرَأَ الْقُرْآن فِي أقل من ثَلَاث، وَهُوَ اخْتِيَار أَحْمد وَأبي عبيد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَآخَرُونَ. قَوْله:(وَفِي خمس) أَي: اقرأه فِي كل خمس لَيَال، وَرُوِيَ الدَّارمِيّ من طَرِيق أبي فَرْوَة عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! فِي كم أختم الْقُرْآن؟ قَالَ: أختمه فِي شهر. قلت: إِنِّي أُطِيق قَالَ أختمه فِي خَمْسَة وَعشْرين. قلت: إِنِّي أُطِيق قَالَ: أختمه فِي عشْرين. قلت) إِنِّي أُطِيق، قَالَ: اختمه فِي خمس عشرَة، قلت إِنِّي أُطِيق قَالَ اختمه فِي خمس. قبت إِنِّي إطيق. قَالَ: لَا وَأَبُو فَرْوَة بِالْفَاءِ عُرْوَة بن الْحَارِث الْجُهَنِيّ الْكُوفِي الثِّقَة. قَوْله:(وَأَكْثَرهم على سبع) أَي: أَكثر الروَاة عَن عبد الله بن عَمْرو: على سبع لَيَال، يَعْنِي: إقرأ فِي كل سبع لَيَال مرّة، وَرُوِيَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من ذريق وهب بن مُنَبّه عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي كم يقْرَأ الْقُرْآن؟ قَالَ: فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثمَّ قَالَ: فِي شهر، قَالَ: فِي عشْرين، ثمَّ قَالَ: فِي خمس عشرَة، ثمَّ قَالَ: فِي عشر، ثمَّ قَالَ: فِي سبع، ثمَّ لم ينزل عَن سبع فَإِن قلت: كَيفَ التَّوْفِيق بَين هَذَا وَبَين حَدِيث أبي فَرْوَة الْمَذْكُور؟ قلت: بِتَعَدُّد الْقِصَّة، فَلَا مَانع أَن يتَكَرَّر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن عَمْرو، وَلِأَن النَّهْي عَن الزِّيَادَة لَيْسَ للتَّحْرِيم كَمَا أَن الْأَمر فِي جَمِيع ذَلِك لَيْسَ للْوُجُوب.
٣٥٠٥ - حدَّثنا سَعْدُ بنُ حَفْصِ حدَّثنا شَيْبانُ عنْ يَحْيى اعنْ مُحَمَّدِ بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي سلَمَةَ عنْ عبْدِ الله بنِ عمْرو قَالَ: قَالَ لِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كَمْ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟.
٤٥٠٥ - وحدَّثني إسْحاقُ أخبرنَا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسَى عنْ شَيْبانَ عنْ يَحْيى اعنْ مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ مَوْلَى زُهْرَةَ عنْ أبي سلَمَةَ، قَالَ: وأحْسبُنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنا مِنْ أبي سَلَمَةَ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وَقَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَإ القُرْآنَ فِي شَهْرٍ. قُلْتُ: إنِّي أجِدُ قُوَّةً، حتَّى قَالَ: فاقرَأهُ فِي سَبْعِ وَلَا تَزِدْ علَى ذَلِكَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(فاقرأه فِي سبع) وَفِي قَوْله: (كم تقْرَأ الْقُرْآن؟) وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن سعد بن حَفْص أبي مُحَمَّد الطلحي الْكُوفِي يُقَال لَهُ الضخم عَن أبي مُعَاوِيَة شَيبَان النَّحْوِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى بني زهرَة عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. وَالْآخر: عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن عبيد الله بن مُوسَى وَهُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ، رُوِيَ عَنهُ بِوَاسِطَة.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّاء عَن عبيد الله بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم.
قَوْله:(وأحسبني) قَائِل هَذَا هُوَ يحيى بن أبي كثير وأحسبني أَي: أَظن نَفسِي أَنِّي سَمِعت هَذَا