وَلَيْسَ فِيهِ أَذَى بل فِيهِ رَاحَة ولذاذة عَيْش، كليل تهَامَة لذيذ معتدل لَيْسَ فِيهِ حر مفرط وَلَا برد، وَلَا أَخَاف لَهُ غائلة لكرم أخلاقه، وَلَا يسامني وَلَا يستثقل بِي فيمل صحبتي، وتهامة، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَهُوَ اسْم لكل مَا نزل عَن نجد من بِلَاد الْحجاز، وَهُوَ من الْمُتَّهم، بِفَتْح التَّاء وَالْهَاء: وَهُوَ ركود الرّيح، وَيُقَال: تهتم الدّهن، إِذا تغير قَوْله: (وَلَا قر) بِالضَّمِّ وَهُوَ الْبرد. قَوْله: (وَلَا سآمة) أَي: وَلَا ملالة، وكل وَاحِد من هَذِه الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة بني بِغَيْر تَنْوِين، وَجَاء الرّفْع مَعَ التَّنْوِين، وَهِي رِوَايَة أبي عبيد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة وَلَا شَفَاعَة} (الْبَقَرَة: ٤٥٢) وَوَقع فِي رِوَايَة عمر بن عبد الله عِنْد النَّسَائِيّ: وَلَا برد، بدل: وَلَا قر، وَزَاد فِي رِوَايَة الْهَيْثَم بن عدي، وَلَا وخامة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي: لَا ثقل عِنْده تصف زَوجهَا بذلك، أَنه لين الْجَانِب خَفِيف الْوَطْأَة على الصاحب، وَفِي رِوَايَة الزبير بن بكار: والغيث، غيث غمامة، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أَرَادَت بقولِهَا: وَلَا مَخَافَة أَن أهل تهَامَة لَا يخَافُونَ لتحصنهم بجبالها، أَو أَرَادَت أَن زَوجهَا حامي الذمار مَانع لداره وجاره وَلَا مَخَافَة عِنْد من يأوي إِلَيْهِ، ثمَّ وَصفته بالجود.
قَوْله: (قَالَت الْخَامِسَة) أَي: الْمَرْأَة الْخَامِسَة وَهِي كَبْشَة. قَوْله: (إِن دخل فَهد) ، أَي: إِن دخل الْبَيْت فَهد بِكَسْر الْهَاء أَي: فعل فعل الفهد، شبهته بالفهد فِي كَثْرَة نَومه، يَعْنِي إِذا دخل الْبَيْت يكون فِي الاسْتِرَاحَة معرضًا عَمَّا تلف من أَمْوَاله وَمَا بَقِي مِنْهَا. وَقيل: معنى فَهد أَنه إِذا دخل الْبَيْت وثب على وثوب الفهد، كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمُبَادرَة إِلَى الْجِمَاع. قَوْله: (وَإِن خرج أَسد) أَي: وَإِن خرج من الْبَيْت أَسد بِكَسْر السِّين يَعْنِي: فعل فعل الْأسد تصفه بالشجاعة يَعْنِي: إِذا صَار بَين النَّاس كَانَ الْأسد، يَعْنِي: سهل مَعَ الأحباء صَعب على الْأَعْدَاء كَقَوْلِه تَعَالَى: {أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم} (الْفَتْح: ٩٢) وَقَالَ ابْن السّكيت: تصفه بالنشاط فِي الْغَزْو، وَقَالَ عِيَاض: فِيهِ مُطَابقَة لفظية بَين دخل وَخرج، وَبَين أَسد وفهد مُطَابقَة معنوية، وَتسَمى أَيْضا الْمُقَابلَة. قَوْله: (وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد) أَي: لَا يتفقد مَا ذهب من مَاله وَلَا يلْتَفت إِلَى معائب الْبَيْت وَمَا فِيهِ كَأَنَّهُ ساهٍ عَن ذَلِك. وَقَالَ عِيَاض: وَهَذَا يَقْتَضِي تفسيرين: لعهد عهد قبل فَهُوَ يرجع إِلَى تفقد المَال وعهد الْآن فَهُوَ بِمَعْنى الإغضاء عَن المعائب والاختلال.
قَوْله: (قَالَ السَّادِسَة) : أَي الْمَرْأَة السَّادِسَة، وَاسْمهَا هِنْد قَوْله: (إِن أكل لف) بِاللَّامِ وَالْفَاء الْمُشَدّدَة فعل مَاض من اللف وَهُوَ الْإِكْثَار من الطَّعَام مَعَ التَّخْلِيط من صنوفه حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ شَيْئا. قَالَ عِيَاض: حُكيَ رف، بالراء بدل اللَّام قَالَ: وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. قَوْله: (وَإِن شرب اشتف) من الاشتفاف بالفاءين، وَهُوَ أَن يستوعب جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء مَأْخُوذ من الشفافة بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَهِي اسْم مَا بَقِي فِي الْإِنَاء من المَال، فَإِذا شربه قيل: اشتفه، ويروى: استف، بِالسِّين الْمُهْملَة وَهِي بمعناها. وَقَالَ عِيَاض: رُوِيَ بِالْقَافِ بدل الشين. قَالَ الْخَلِيل: قفاف كل شَيْء جمَاعَة واستيعابه، وَمِنْه سميت الفقة لجمعها مَا وضع فِيهَا. قَوْله: (وَإِن اضْطجع التّلف) من الالتفاف، يَعْنِي: إِذا نَام التّلف فِي ثِيَابه فِي نَاحيَة، وَفِي رِوَايَة للنسائي: إِذا نَام بدل اضْطجع، وَزَاد: وَإِذا ذبح اغتث أَي: تحرى الغث وَهُوَ الهزيل كَمَا مضى. قَوْله: (وَلَا يولج الْكَفّ) أَي: لَا يدْخل كَفه مَعْنَاهُ لَا يمد يَده ليعلم مَا هِيَ عَلَيْهِ من الْحزن، وَهُوَ معنى قَوْله: (ليعلم البث) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد يَد الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الْحزن وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: وَلَا يدْخل، بدل وَلَا يولج، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ: فَيعلم، بِالْفَاءِ بدل اللَّام، وَقَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ أَنه يتلفف منتبذا عَنْهَا وَلَا يقرب مِنْهَا فيولج كَفه دَاخل ثوبها فَيكون مِنْهُ إِلَيْهَا مَا يكون من الرجل لامْرَأَته، وَمعنى البث مَا تضمر من الْحزن على عدم الحظوة مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو عبيد: أحسبها كَانَ بجسدها عيب أَو دَاء يحزن بِهِ، وَكَأَنَّهُ لَا يدْخل يَده فِي ثوبها لِئَلَّا يلمس ذَلِك فَيشق عَلَيْهَا، فوصفته بالمروءة وكرم الْخلق، ورد عَلَيْهِ ابْن قُتَيْبَة بِأَنَّهَا قد ذمَّته فِي صدر الْكَلَام فَكيف تمدحه فِي آخِره؟ فَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الرَّد مَرْدُود، لِأَن النسْوَة تعاقدن لَا يكتمن شَيْئا مدحا أَو ذما، فمنهن من كَانَت أَوْصَاف زَوجهَا كلهَا حَسَنَة فوصفته بهَا، ومنهن بِالْعَكْسِ، ومنهن من كَانَت أَوْصَافه مختلطة مِنْهُمَا فذكرتهما كليهمَا.
قَوْله: (قَالَت السَّابِعَة) أَي: الْمَرْأَة السَّابِعَة وَاسْمهَا حيى بنت عَلْقَمَة قَوْله: (زَوجي عياياء) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف يَاء أُخْرَى وبالمد وَهُوَ الَّذِي عي بِالْأَمر والمنطق وجمل عياياء إِذا لم يهتد إِلَى الضراب. قَوْله: (أَو غياياء) شكّ من الرَّاوِي وَهُوَ عِيسَى بن يُونُس فَإِنَّهُ شكّ هَل هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَو بِالْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَو تنويع من الزَّوْجَة القائلة، وَالْأَكْثَرُونَ لم يشكوا، وَقَالُوا بِالْمُهْمَلَةِ وَأما غياياء، بالغين الْمُعْجَمَة فَمَعْنَاه لَا يَهْتَدِي إِلَى مَسْلَك أَو إِنَّه كالظل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute