للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتكاثف المظلم الَّذِي لَا إشراق فِيهِ. أَو أَنه غطى عَلَيْهِ أُمُوره، أَو أَنه منهمك فِي الشَّرّ قَالَ تَعَالَى: {فَسَوف يلقون غيا} (مَرْيَم: ٩٥) وَقَالَ عِيَاض: قَالَ أَبُو عبيد إِن الغياياء، بالغين الْمُعْجَمَة لَيْسَ بِشَيْء. وَلم يفسره وَتَابعه على ذَلِك سَائِر الشُّرَّاح، فقد ظهر لي فِيهِ معنى صَحِيح فَذكر مَا ذَكرْنَاهُ الْآن، وَذكر أَيْضا أَنه مَأْخُوذ من الغياية. وَهِي كل مَا أظلك فَوق رَأسك من سَحَاب وَغَيره، وَمِنْه سميت الرَّايَة غَايَة، فَكَأَنَّهُ غطى عَلَيْهِ من جَهله وسترت مصالحة. قَوْله: (طباقاء) بِالطَّاءِ الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وبالقاف ممدودة. وَهُوَ المطبقة عَلَيْهِ الْأُمُور حمقا، وَقيل: الَّذِي يعجز عَن الْكَلَام، وَقَالَ ابْن حبَان: الطباق من الرِّجَال الَّذِي فِيهِ رعونة وحمق كالمطبق عَلَيْهِ فِي حمقه ورعونته، وَقيل: الطباق من الرِّجَال الثقيل الصَّدْر الَّذِي لَا يطبق صَدره على صدر الْمَرْأَة. قَوْله: (كل دَاء لَهُ دَوَاء) أَي: كل شَيْء من أدواء النَّاس فِيهِ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: تَعْنِي كل دَاء تفرق فِي النَّاس فَهُوَ فِيهِ، وَمن أدوائه أَنه قد اجْتمعت فِيهِ المعائب. قَوْله: (شجك أَو فلّك) كلمة: أَو للتنويع وَمعنى شجك: جرحك فِي رَأسك وجراحات الرَّأْس تسمى شجا بالشين الْمُعْجَمَة بالشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْجِيم، وَمعنى: فلك بِالْفَاءِ وَتَشْديد اللَّام: جرحك فِي جَمِيع الْجَسَد وَقيل: الفل الطعْن، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: فلك كسرك، وَيُقَال: ذهب بِمَالك، وَيُقَال: كسرك بخصومته، وَصفته بالحمق والتناهي فِي جَمِيع النقائص والعيوب وَسُوء الْعشْرَة مَعَ الْأَهْل وعجزه عَن حَاجَتهَا مَعَ ضربهَا وأذاه لَهَا وَإِذا حدثته سبها وَإِذا مازحته شجها وَإِذا غضب إِمَّا أَن يشجها فِي رَأسهَا أَو يكسر عضوا من أعضائها. وَزَاد ابْن السّكيت فِي رِوَايَته: بجك، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْجِيم: أَي طعنك فِي جراحتك فَشَقهَا، والبج شقّ القرحة، وَقيل: هُوَ الطعنة. قَوْله: (أَو جمع كلا لَك) أَي: أَو جمع كل هَذِه الْأَشْيَاء وَهِي: الضَّرْب وَالْجرْح وَكسر الْأَعْضَاء وَالْكَسْر بِالْخُصُومَةِ وَالْكَلَام الموجع وَأخذ مَالهَا.

قَوْله: (قَالَت الثَّامِنَة) أَي: الْمَرْأَة الثَّامِنَة وأسمها يَاسر بنت أَوْس بن عبد. قَوْله: (الْمس مس أرنب وَالرِّيح ريح زرنب) وَصفته بِحسن الْخلق ولين الْجَانِب كمس الأرنب إِذا وضعت يدك على ظَهره، لِأَن وبره ناعم جدا، والزرنب بِوَزْن الأرنب لَكِن أَوله زَاي، وَهُوَ نبت طيب الرّيح، وَقيل: هِيَ شَجَرَة عَظِيمَة بِالشَّام على جبل لبنان لَا تثمر وَلها ورق بَين الخضرة والصفرة، وَكَذَا ذكره عِيَاض، ورده أَصْحَاب الْمُفْردَات. وَقيل: هِيَ حشيشة طيبَة الرَّائِحَة رقيقَة، وَقيل: هُوَ الزَّعْفَرَان وَلَيْسَ بِشَيْء، وَقيل: وَهُوَ مسك، وَالْألف وَاللَّام فِي الْمس نائبة عَن الضَّمِير لِأَن أَصله زَوجي مَسّه. وَكَذَا فِي الرّيح أَي: رِيحه وَفِيهِمَا حذف تَقْدِيره: زَوجي الْمس مِنْهُ كَمَا فِي السّمن. منوان بدرهم، أَي مِنْهُ، وَقَالَ عِيَاض: هَذَا من التَّشْبِيه بِغَيْر أَدَاة، وَفِيه حسن الْمُنَاسبَة والموازنة والتسجيع، وَفِي رِوَايَة الزبير وَالنَّسَائِيّ فِيهِ زِيَادَة وَهِي قَوْلهَا. وَأَنا أغلبه وَالنَّاس يغلب، فِي رِوَايَة للنسائي وَالطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ: ونغلبه، بنُون الْجمع وَفِيه نوع من البديع يُسمى التتميم لِأَنَّهَا لَو اقتصرت على قَوْلهَا: وَأَنا أغلبه لظن أَنه جبان ضَعِيف، فَلَمَّا قَالَت: وَالنَّاس يغلب، دلّ على أَن غلبتها إِيَّاه إِنَّمَا هُوَ من بَاب كرم سجاياه فتممت بِهَذِهِ الْكَلِمَة الْمُبَالغَة فِي حسن أَوْصَافه.

قَوْله: (قَالَت التَّاسِعَة) أَي: الْمَرْأَة التَّاسِعَة: وَلم أَقف على اسْمهَا عِنْد أحد قَوْله: (رفيع الْعِمَاد) كِنَايَة عَن وَصفه بالشرف فِي نسبه وسؤدده فِي قومه فَهُوَ رفيع فيهم. والعماد فِي الأَصْل عماد الْبَيْت وَهُوَ العمود الَّذِي يدعم بِهِ الْبَيْت، تَعْنِي: أَن بَيته فِي حَسبه رفيع فِي قومه، وَيحْتَمل أَنَّهَا أَرَادَت أَن بَيته عالٍ لحشمته وسعادته لَا كبيوت غَيره من الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، يَجعله مرتفعا ليراه أَرْبَاب الْحَوَائِج والأضياف فيأتونه. وَهَذِه صفة بيُوت الأجواد. قَوْله: (طَوِيل النجاد) . بِكَسْر النُّون كِنَايَة عَن طول الْقَامَة لِأَن النجاد حمائل السَّيْف، فَمن كَانَ طَوِيل الْقَامَة كَانَت حمائل سَيْفه طَوِيلَة، فوصفته بالطول والجود. قَوْله: (عَظِيم الرماد) . كِنَايَة عَن المضافية، لِأَن كَثْرَة الرماد تَسْتَلْزِم كَثْرَة النَّار وَكَثْرَة النَّار تَسْتَلْزِم كَثْرَة الطَّبْخ وَكَثْرَة الطَّبْخ تَسْتَلْزِم كَثْرَة الأضياف، وَقيل: إِن ناره لَا تطفأ فِي اللَّيْل ليهتدي بهَا الضيفان، والأجواد يعظمون النيرَان فِي ظلام اللَّيْل ويوقدونها على التلال لاهتداء الضَّيْف بهَا قَوْله: (قريب الْبَيْت من الناد) كِنَايَة عَن الْكَرم والسؤدد، لِأَن النادي مجْلِس الْقَوْم وَلَا يقرب مِنْهُ إلَاّ من هَذِه صفته، لِأَن الضيفان يقصدون النادي، يَعْنِي: ينزل بَين ظهراني النَّاس ليعلموا مَكَانَهُ وينزلوا عِنْده، واللئام يتباعدون مِنْهُ فِرَارًا من نزُول الضَّيْف. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>