أَي: قَالَ سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: الذَّكَاة فِي الْحلق واللبة. قَالَ بَعضهم: اللبة، بِكَسْر اللَّام وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: هِيَ مَوضِع القلادة من الصَّدْر وَهِي المنحر قلت: لَيست اللبة بِكَسْر اللَّام وَإِنَّمَا هِيَ بِفَتْحِهَا وَقَالَ الدودى: هِيَ أَعلَى الْعُنُق مَا دون الخرزة. وَفِي (الْمَبْسُوط) مَا بَين اللبة واللحيين، واللبة رَأس الصَّدْر، واللحيان الذقن، وَفِي الْجَامِع (الصَّغِير) لَا بَأْس بِالذبْحِ فِي الْحلق كُله وَسطه وَأَعلاهُ وأسفله، وَقَول ابْن عَبَّاس الذَّكَاة فِي الْحلق واللبة أَي: بَين الْحلق واللبة وَكلمَة فِي بِمَعْنى: بَين كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فادخلي فِي عبَادي} (الْفجْر: ٢٩) أَي: بَين عبَادي وَتَعْلِيق ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، رَوَاهُ أَبُو بكر عَن ابْن الْمُبَارك عَن خَالِد عَن عِكْرِمَة عَنهُ.
{وَقَالَ ابنُ عُمَرَ وَابنُ عَبَّاسٍ وَأنَسٌ: إذَا قَطَعَ الرَّأْسَ فَلا بَأْسَ}
أثر ابْن عمر وَصله أَبُو مُوسَى الزَّمن من رِوَايَة أبي مجَاز: سَأَلت ابْن عمر عَن ذَبِيحَة قطع رَأسهَا؟ فَأمر ابْن عمر بأكلها وَأثر ابْن عَبَّاس وَصله ابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ عَن ذبح دجَاجَة طير رَأسهَا. فَقَالَ: ذَكَاة وحية بِفَتْح الْوَاو وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف أَي: شَرِيعَة منسوبة إِلَى الوحاء وَهُوَ الْإِسْرَاع والعجلة، وَأثر أنس بن مَالك وَصله أَبُو بكر بن أبي شيبَة من طَرِيق عبيد الله بن أبي بكر بن أنس أَن جزارا لأنس ذبح دجَاجَة فاضطربت فذبحها من قفاها فأطار رَأسهَا فأرادوا طرحها فَأَمرهمْ أنس بأكلها.
٥٥١٠ - حدَّثنا خَلَاّدُ بنُ يَحْيَى حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةِ قَالَ: أخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ امْرَأَتِي عَنْ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ، رَضِيَ الله عَنْهُما، قَالَتْ: نَحَرْنا عَلَى عهد النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرَساً فَأَكَلْناهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وخلاد بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام ابْن يحيى بن صَفْوَان أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ الْكُوفِي سكن مَكَّة وَمَات بهَا قَرِيبا من سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَفَاطِمَة بنت الْمُنْذر زَوْجَة هِشَام الرَّاوِي.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح أَيْضا عَن مُحَمَّد بن نمير وَغَيره وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عِيسَى بن أَحْمد وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة. وَقَالَ بعض الْعلمَاء: حكم الْخَيل فِي الذَّكَاة حكم الْبَقر يُرِيد أَنَّهَا تنحر وتذبح وَأَن الْأَحْسَن فِيهَا الذّبْح.
وَفِيه حجَّة للشَّافِعِيّ، وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن على جَوَاز أكل لحم الْخَيل، وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يكره كَرَاهَة تَحْرِيم، وَقيل: تَنْزِيه.
٥٥١١ - حدَّثنا إسْحَاقُ سَمِعَ عَبْدَةَ عَنْ هِشامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أسْمَاءَ قَالَتْ: ذَبَحْنا عَلى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرَسا وَنَحْنُ بِالمَدِينَةِ فَأكَلْناهُ.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه إِسْحَاق قَالَ الكلاباذي: لَعَلَّه إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَعَبدَة بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن سُلَيْمَان إِلَى آخِره، وَهنا قَالَ: ذبحنا وَفِي الحَدِيث السَّابِق قَالَ: نحرنا، وَجه الْجمع بَينهمَا أَنهم مرّة نحروها وَمرَّة ذبحوها أَو أحد اللَّفْظَيْنِ مجَاز وَالْأول هُوَ الصَّحِيح الْمعول عَلَيْهِ إِذْ لَا يعدل إِلَى الْمجَاز إلَاّ إِذا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَة، وَلَا تعذر هَاهُنَا. بل فِي الْحَقِيقَة فَائِدَة وَهِي ذبح المنحور وَنحر الْمَذْبُوح، وَقيل: هَذَا الِاخْتِلَاف على هِشَام، وَفِيه إِشْعَار بِأَنَّهُ تَارَة يرويهِ بِلَفْظ: نحرنا، وَتارَة بِلَفْظ: ذبحنا، وَهُوَ مصير مِنْهُ إِلَى اسْتِوَاء اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَعْنى، وَإِن النَّحْر يُطلق على الذّبْح، وَالذّبْح يُطلق على النَّحْر.
٥٥١٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا جَرِيرٌ عَنْ هِشامٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ أنَّ أسْمَاءَ بِنْتَ أبِي بَكْرٍ قَالَتْ: نَحَرْنا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَسا فَأكَلْناهُ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، أخرجه عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن جرير بن عبد الحميد إِلَى آخِره.
{تَابَعَهُ وَكِيعٌ وَابنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ: فِي النَّحْرِ}
أَي: تَابع جَرِيرًا وَكِيع وسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن هِشَام فِي لفظ النَّحْر، فرواية وَكِيع أخرجهَا أَحْمد عَنهُ بِلَفْظ: نحرنا، وَكَذَلِكَ