للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يخرج من الذّكر وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَاج. وَقيل: إِن كَانَت الرّيح مُنْتِنَة يجب الْوضُوء وَإِلَّا فَلَا، وَفِي (الذَّخِيرَة) : والدودة الْخَارِجَة من قبل الْمَرْأَة على هَذِه الْأَقْوَال. وَفِي (الْقَدُورِيّ) : توجب الْوضُوء، وَفِي الذّكر لَا تنقض وَإِن خرجت الدودة من الْفَم اَوْ الْأنف أَو الْأذن لَا تنقض.

وقالَ جابِر بنُ عَبْدِ اللَّهِ إذَا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أعادَ الصَّلَاةَ ولَمْ يُعِدِ الوُضُوءَ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الْبَيْهَقِيّ فِي (الْمعرفَة) عَن أبي عبد الله الْحَافِظ: حَدثنَا أَبُو الْحسن بن ماتي حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله حَدثنَا وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان مَرْفُوعا: سُئِلَ جَابر فَذكره، وَرَوَاهُ أَبُو شيبَة. قَاضِي وَاسِط عَن يزِيد بن أبي خَالِد عَن أبي سُفْيَان مَرْفُوعا، وَاخْتلف عَلَيْهِ فِي سنَنه وَالْمَوْقُوف هُوَ الصَّحِيح وَرَفعه ضَعِيف. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وروينا عَن عبد الله ابْن مَسْعُود وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ مَا يدل على ذَلِك وَهُوَ قَول الْفُقَهَاء السَّبْعَة. وَقَالَ الشّعبِيّ وَعَطَاء وَالزهْرِيّ: وَهُوَ إِجْمَاع فِيمَا ذكره ابْن بطال وَغَيره، وَإِنَّمَا الْخلاف: هَل ينْقض الْوضُوء؟ فَذهب مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِلَى أَنه لَا ينْقض، وَذهب النَّخعِيّ وَالْحسن إِلَى أَنه ينْقض الْوضُوء وَالصَّلَاة، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ مستدلين بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابي الْمليح عَن أَبِيه: (بَينا نَحن نصلي خلف رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِذا أقبل رجل ضَرِير الْبَصَر، فَوَقع فِي حُفْرَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من ضحك مِنْكُم فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة) . وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث أنس وَعمْرَان بن حُصَيْن وَأبي هُرَيْرَة، وضعفها كلهَا. قلت: مَذْهَب أبي حنيفَة لَيْسَ كَمَا ذكره، وَإِنَّمَا مذْهبه مثل مَا رُوِيَ عَن جَابر أَن الضحك يبطل الصَّلَاة وَلَا يبطل الْوضُوء، والقهقهة تبطلهما جَمِيعًا، والتبسم لَا يبطلهما، والضحك مَا يكون مسموعا لَهُ دون جِيرَانه، والقهقهة مَا يكون مسموعاً لَهُ ولجيرانه، والتبسم مَا لَا صَوت فِيهِ وَلَا تَأْثِير لَهُ دون وَاحِد مِنْهُمَا. فان قَالَ: كَيفَ استدلت الحنيفة بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَاّ الضحك دون القهقهة؟ قلت: المُرَاد من قَوْله: من ضحك مِنْكُم قهقهة، يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن عمر. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من ضحك فِي الصَّلَاة قهقهة فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة) . رَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من حَدِيث بَقِيَّة: حَدثنَا أبي عَمْرو بن قيس عَن عَطاء عَن ابْن عمر، وَالْأَحَادِيث يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا. فان قيل: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: هَذَا حَدِيث لَا يَصح، فَإِن بَقِيَّة من عَادَته التَّدْلِيس. قلت: المدلس إِذا صرح بِالتَّحْدِيثِ وَكَانَ صَدُوقًا زَالَت تُهْمَة التَّدْلِيس، وَبَقِيَّة صرح بِالتَّحْدِيثِ وَهُوَ صَدُوق.

وَلنَا فِي هَذَا الْبَاب أحد عشر حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا أَرْبَعَة مُرْسلَة وَسَبْعَة مُسندَة.

فَأول الْمَرَاسِيل حَدِيث ابي الْعَالِيَة الريَاحي، رَوَاهُ عَنهُ عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة عَن ابي الْعَالِيَة، وَهُوَ عدل ثِقَة: (أَن أعمى تردى فِي بِئْر وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، فَضَحِك بعض من كَانَ يُصَلِّي مَعَه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَأمر النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام، من كَانَ ضحك مِنْهُم أَن يُعِيد الْوضُوء وَيُعِيد الصَّلَاة) ، وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من جِهَة عبد الرَّزَّاق بِسَنَدِهِ، وَعبد الرَّزَّاق فَمن فَوْقه من رجال الصَّحِيح، وَأَبُو الْعَالِيَة اسْمه: رفيع ابْن مهْرَان الريَاحي الْبَصْرِيّ، أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَأسلم بعد موت النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِسنتَيْنِ، وَدخل على أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصلى خلف عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وروى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، وَوَثَّقَهُ يحيى وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم، وروى لَهُ الْجَمَاعَة، وَقَالَ ابْن رشد الْمَالِكِي: هُوَ مُرْسل صَحِيح، وَلم يقل الشَّافِعِي إلَاّ بإرساله، والمرسل عندنَا حجَّة وَكَذَا عِنْد مَالك، قَالَه أَبُو بكر ابْن الْعَرَبِيّ، وَكَذَا عَن أَحْمد، حكى ذَلِك ابْن الْجَوْزِيّ فِي التَّحْقِيق؛ وَرُوِيَ ذَلِك أَيْضا من طرق سَبْعَة مُتَّصِلَة، ذكرهَا جمَاعَة مِنْهُم ابْن الجوزى. وَالثَّانِي من الْمَرَاسِيل: مُرْسل الْحسن الْبَصْرِيّ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ وَهُوَ أَيْضا مُرْسل صَحِيح. وَالثَّالِث: مُرْسل النَّخعِيّ، رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن النَّخعِيّ قَالَ: جَاءَ رجل ضَرِير الْبَصَر وَالنَّبِيّ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يُصَلِّي ... الحَدِيث. وَالرَّابِع: مُرْسل معبد الْجُهَنِيّ، رُوِيَ عَنهُ من طرق.

وَأول المسانيد حَدِيث عبد الله بن عمر، وَقد ذَكرْنَاهُ. وَالثَّانِي: حَدِيث أنس بن مَالك، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من طرق. وَالثَّالِث: حَدِيث أبي هُرَيْرَة من رِوَايَة أبي أُميَّة عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَنه قَالَ: إِذا قهقهه فِي الصَّلَاة أعَاد الْوضُوء وَأعَاد الصَّلَاة، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَالرَّابِع: حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَنه

<<  <  ج: ص:  >  >>