للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: روى هَذَا الحَدِيث شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن مُنْذر إِلَى آخِره. وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن خَالِد عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش بِهِ، والمذاء على وزن: فعال، بِالتَّشْدِيدِ يَعْنِي: كثير الْمَذْي.

١٧٩ - حدّثنا سَعْدُ بنُ حَفْصٍ قَالَ حدّثنا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَ عَنْ أبي سَلمَةَ أَن عطَاءَ بن يَسَارٍ أخْبرهُ أنّ زَيْدَ بنَ خالِدٍ أخْبرَهُ أنّهُ سَألَ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ رَضِي الله عنهُ قُلْتُ أرَأيْتَ إِذا جامَع فَلَمْ يُمْنِ قالَ عُثْمانُ يَتَوَضَّأُكما يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ويَغْسِلُ ذَكَرَهُ قالَ عُثْمانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَألْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وطَلْحَةَ وأَبَيَّ بنَ كَعْبٍ رَضِي الله عنْهُمْ فأمَرُوْهُ بذَلِكَ.

(الحَدِيث ١٧٩ طرفه فِي: ٢٩٢) .

قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا وَجه مناسبته للتَّرْجَمَة؟ قلت: هُوَ مُنَاسِب لجزء من التَّرْجَمَة، إِذْ هُوَ يدل على وجوب الْوضُوء من الْخَارِج من الْمخْرج الْمُعْتَاد. نعم لَا يدل على الْجُزْء الآخر وَهُوَ عدم الْوُجُوب فِي غَيره، وَلَا يلْزم أَن يدل كل حَدِيث فِي الْبَاب على كل التَّرْجَمَة، بل لَو دلّ الْبَعْض على الْبَعْض بِحَيْثُ لَا يدل كل مَا فِي الْبَاب على كل التَّرْجَمَة لصَحَّ التَّعْبِير بهَا. قلت: نعم لَا يلْزم أَن يدل كل حَدِيث فِي البا إِلَى آخِره، لَكِن الحَدِيث مَنْسُوخ بِالْإِجْمَاع فَلَا يُنَاسِبه التَّرْجَمَة لِأَن الْبَاب مَعْقُود فِيمَن لم ير الْوضُوء إلَاّ من المخرجين وَهَهُنَا لَا خلاف فِيهِ.

بَيَان رِجَاله الْمَذْكُورين فِيهِ وهم أحد عشر رجلا. الأول: سعد بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الطلحي، بالمهملتين: الْكُوفِي. الثَّانِي: شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ، أَبُو مُعَاوِيَة. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ. الرَّابِع: أَبُو سَلمَة، بِفَتْح اللَّام: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف التَّابِعِيّ، وكل هَؤُلَاءِ تقدمُوا فِي بَاب كِتَابَة الْعلم. الْخَامِس: عَطاء بن يسَار، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة: الْمدنِي، مر فِي بَاب كفران العشير. السَّادِس: زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ الْمدنِي الصَّحَابِيّ، تقدم فِي بَاب الْغَضَب فِي الموعظة. السَّابِع: عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، تقدم فِي بَاب الْوضُوء ثَلَاثًا، وَالْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة هم الصَّحَابَة المشهورون.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة والإخبار وَالسُّؤَال وَالْقَوْل. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ ثَلَاثَة من التَّابِعين: إثنان من كبار التَّابِعين، وهما أَبُو سَلمَة وَعَطَاء، وَالثَّالِث تَابِعِيّ صَغِير وَهُوَ: يحيى بن أبي كثير، وَالثَّلَاثَة على نسق وَاحِد. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ صحابيين يرْوى أَحدهمَا عَن الآخر وهما: زيد بن ابي خَالِد وَعُثْمَان بن عَفَّان. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري ومدني.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره وَأخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن سعد بن حَفْص عَن شَيبَان، وَأخرجه أَيْضا عَن أبي معمر عَن عبد الْوَارِث عَن حُسَيْن الْمعلم كِلَاهُمَا، عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن يسَار عَنهُ بِهِ، زَاد فِي حَدِيث حُسَيْن عَن يحيى، قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة ان عُرْوَة بن الزبير أخبرهُ أَن أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أخبرهُ أَنه سمع ذَلِك من رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن زُهَيْر بن حَرْب وَعبد بن حميد وَعبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَلَاثَتهمْ عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث عَن أَبِيه عَن حُسَيْن الْمعلم بِهِ، وَذكر الزِّيَارَة الَّتِي فِي آخِره عَن عبد الْوَارِث ابْن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث عَن أَبِيه عَن جده.

بَيَان الْمَعْنى وَالْإِعْرَاب قَوْله: (قلت) ، بِصِيغَة الْمُتَكَلّم، وَإِنَّمَا لم يقل: قَالَ كَمَا قَالَ إِنَّه سَأَلَ، لِأَن فِيهِ نوع من محَاسِن الْكَلَام لِأَن فِيهِ اعتبارين وهما عبارتان عَن أَمر وَاحِد فَفِي الأول نظر إِلَى جَانب الْغَيْبَة، وَفِي الثَّانِي إِلَى جَانب الْمُتَكَلّم. قَوْله: (أَرَأَيْت) مَعْنَاهُ: أَخْبرنِي، ومفعوله مَحْذُوف تَقْدِيره: أَرَأَيْت أَنه يتوضؤ. قَوْله: (فَلم يمن) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف: من الإمناء، عَلَيْهِ الرِّوَايَة، وَفِيه لُغَة ثَانِيَة: فتح الْيَاء، وثالثة: ضم الْيَاء مَعَ فتح الْمِيم وَتَشْديد النُّون. يُقَال: منى وأمنى وَمنى، ثَلَاث لُغَات وَالْوُسْطَى أشهر وأفصح، وَبهَا جَاءَ الْقُرْآن. قَالَ الله تَعَالَى: {افرأيتم مَا تمنون} (الْوَاقِعَة: ٥٨) قَوْله: (يتَوَضَّأ) أمره بِالْوضُوءِ احْتِيَاطًا، لِأَن الْغَالِب خُرُوج الْمَذْي من المجامع وَإِن لم يشْعر بِهِ. قَوْله: (كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة) احْتَرز بِهِ عَن الْوضُوء اللّغَوِيّ. قَوْله: (وَيغسل ذكره) ، أمره بذلك لتنجسه بالمذي، وَلَا يُقَال الْغسْل مقدم على التوضيء، فَلم أَخّرهُ؟ لأَنا نقُول: الْوَاو وَلَا تدل على التَّرْتِيب بل للْجمع الْمُطلق، فَلَو تَوَضَّأ قبله يجوز وَلَا ينْتَقض وضوؤه. قَوْله: (سَمِعت) أَي: سَمِعت الْمَذْكُور كُله من رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة

<<  <  ج: ص:  >  >>