للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالسَّلَام. قَوْله: (فَسَأَلت عَن ذَلِك) مقول زيد لَا مقول عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (فامروه) الضَّمِير الْمَرْفُوع فِيهِ رَاجع إِلَى هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة الْأَرْبَعَة: عَليّ وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَأبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ رَاجع إِلَى المجامع. فَإِن قلت: لم يمض ذكر المجامع. قلت: قَوْله: (إِذا جَامع) اي: الرجل يدل على المجامع ضمنا من قبل قَوْله تَعَالَى: {أعدلوا هُوَ اقْربْ للتقوى} (الْمَائِدَة: ٨) اي: الْعدْل أقرب، دلّ عَلَيْهِ: اعدلوا. قَوْله: (بذلك) أَي: بِأَنَّهُ يتَوَضَّأ وَيغسل ذكره.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: فِيهِ وجوب الْوضُوء على من يُجَامع امْرَأَته وَلَا ينزل. الثَّانِي: فِيهِ وجوب غسل ذكره، وَاخْتلفُوا هَل يجب غسل كل الذّكر أَو غسل مَا أَصَابَهُ الْمَذْي، فَقَالَ مَالك بالاول، وَقَالَ الشَّافِعِي بِالثَّانِي. قلت: اخْتلف أَصْحَاب مَالك، مِنْهُم من أوجب غسل الذّكر كُله لظَاهِر الْخَبَر، وَمِنْهُم من أوجب غسل مخرج الْمَذْي وَحده وَعَن الزُّهْرِيّ، لَا يغسل مَالك، مِنْهُم من أوجب غسل الذّكر كُله لظَاهِر الْخَبَر، وَمِنْهُم من أوجب غسل الْمَذْي وَحده وَعَن الزُّهْرِيّ، لَا يغسل الانثيين من الْمَذْي إلَاّ أَن يكون أصابهما شَيْء. وَقَالَ الْأَثْرَم: وعَلى هَذَا مَذْهَب ابي عبد الله، سمعته لَا يرى فِي الْمَذْي إلَاّ الْوضُوء، وَلَا يرى فِيهِ الْغسْل وَهَذَا قَول أَكثر أهل الْعلم. وَفِي (الْمَعْنى) لِابْنِ قدامَة: الْمَذْي ينْقض الْوضُوء وَهُوَ مَا يخرج لزجاً متسبسباً عِنْد الشَّهْوَة فَيكون على رَأس الذّكر. وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِي حكمه، فَروِيَ أَنه لَا يُوجب الِاسْتِنْجَاء وَالْوُضُوء، وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة يجب غسل الذّكر والانثيين مَعَ الْوضُوء. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: لم يكن قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (يغسل مذاكيره) لإِيجَاب الْغسْل، وَلكنه ليتقلص اي ليرتفع وينزوي الْمَذْي فَلَا يخرج، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ، فِي (صَحِيح مُسلم) : (تَوَضَّأ وانضح فرجك) ، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأَصْحَابه، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَمَالك فِي رِوَايَة، وَأحمد فِي رِوَايَة.

فَائِدَة إعلم أَن حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (كنت رجلا مذَّاء) ، وَهُوَ الْمَذْكُور قبل هَذَا الحَدِيث وَفِي مَوضِع آخر من (صَحِيح البُخَارِيّ) : (فَكنت أستحى أَن اسْأَل رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لمَكَان ابْنَته. فَقَالَ: ليغسل ذكره وَيتَوَضَّأ) . وَقَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أرسلنَا الْمِقْدَاد إِلَى رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَسَأَلَهُ عَن الْمَذْي الَّذِي يخرج من الْإِنْسَان، كَيفَ يفعل؟ فَقَالَ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: تَوَضَّأ وانضح فرجك) . وَفِي (صَحِيح ابْن حبَان) من حَدِيث أبي عبد الرَّحْمَن عَن عَليّ: (كنت رجلا مذَّاء فَسَأَلت النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَالَ: إِذا رَأَيْت المَاء فاغسل ذكرك) . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن حُصَيْن بن قبيصَة عَنهُ: (كنت رجلا مذَّاءً فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ) الحَدِيث. قَالَ ابو الْقَاسِم: لم يروه عَن حُصَيْن إلَاّ زَائِدَة، تفرد بِهِ إِسْمَاعِيل بن عَمْرو، وَرَوَاهُ غير إِسْمَاعِيل عَن أبي حُصَيْن عَن حُصَيْن بن قبيصَة. وَعند ابْن مَاجَه عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ: (سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَذْي) . وَفِي (مُسْند) أَحْمد عَن عبد الله: حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد شَيبَان حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي حَدثنَا يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن عَن عَليّ: (كنت رجلا مذَّاءً، فَسَأَلت النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن ذَلِك) الحَدِيث، وَفِيه أَيْضا من حَدِيث هانىء بن هانىء عَن عَليّ: (فَأمرت الْمِقْدَاد فَسَأَلَ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَضَحِك فَقَالَ: فِيهِ الْوضُوء) . وَفِي (سنَن الْكَجِّي) كل: فَحل يمذي، وَلَيْسَ فِيهِ إلَاّ الطّهُور. وَفِي (صَحِيح ابْن خُزَيْمَة) من حَدِيث الدكين عَن حُصَيْن عَنهُ بِلَفْظ: فَذكرت ذَلِك للنَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. أَو ذكر لَهُ. وَفِي (صَحِيح الْحَافِظ ابي عوَانَة) من حَدِيث عُبَيْدَة عَنهُ: (يغسل انثييه وَذكره وَيتَوَضَّأ وضوء للصَّلَاة) . وَفِي هَذَا رد لما ذكره أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد مَا قَالَ: غسل الْأُنْثَيَيْنِ إلَاّ هِشَام بن عُرْوَة فِي حَدِيثه.

وَأما الاحاديث كلهَا فَلَيْسَ فِيهَا ذَا، وَفِي (صَحِيح ابْن حبَان) من حَدِيث رَافع بن خديج: (أَن عليا أَمر عماراً أَن يسْأَل النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَالَ: يغسل مذاكيره) . وَفِي (صَحِيح ابْن خُزَيْمَة) : أخبرنَا يُونُس عَن عبد الْأَعْلَى أخبرنَا ابْن وهب أَن مَالِكًا حَدثهُ عَن سَالم بن أبي النَّضر عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن الْمِقْدَاد (أَنه سَأَلَ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن الرجل يدنو من امْرَأَته فَلَا ينزل؟ قَالَ: إِذا وجد أحدكُم ذَلِك فلينضح فرجه) . زَاد ابْن حبَان عَن عَطاء: أَخْبرنِي عايش ابْن أنس قَالَ: تَذَاكر عَليّ وعمار والمقداد الْمَذْي، فَقَالَ عَليّ: إِنِّي، رجل مذاء، فسألا عَن ذَلِك النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ عايش: فَسَأَلَهُ أحد الرجلَيْن. عمار أَو الْمِقْدَاد. قَالَ عَطاء: وَسَماهُ عايش فَنسيته، قَالَ أَبُو عمر: رِوَايَة يحيى عَن مَالك: (فلينضح فرجه) . وَفِي رِوَايَة ابْن بكير والقعنبي وَابْن وهب: (فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصَّلَاة) . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَبِه رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن مَالك، كَمَا رَوَاهُ يحيى: (ولينضح فرجه) . وَلَو صحت رِوَايَة يحيى وَمن تَابعه كَانَت مجملة تفسرها رِوَايَة غَيره،

<<  <  ج: ص:  >  >>