للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

: الْفَتْح عِنْد أَكثر مَشَايِخنَا، وَوَقع عَن جمَاعَة مِنْهُم: الدَّاودِيّ وحاتم الطرابلسي والأصيليل بِضَم الْعين، وَالْأول أظهر. قَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ الصَّحِيح، والوساد: المتكأ. قَالَ ابْن سَيّده: وَقد توسد ووسده إِيَّاه. وَفِي (الْمُجْمل) : جمع الوسادة وسائد، والوسادة مَا يتوسد عَن الموم، وَالْجمع وسد. وَفِي (الصِّحَاح) : الوساد والوسادة: المخدة، وَالْجمع: وسائد ووسد، وَزعم ابْن التِّين أَن الوساد الْفراش الَّذِي ينَام عَلَيْهِ، فَكَأَن اضطجاع ابْن عَبَّاس فِي عرضهَا عِنْد رؤوسها أَو أرجلهما، كَذَا قَالَ أَبُو الْوَلِيد: قَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا بَاطِل. قَوْله: (الى شن) بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون: وَهُوَ وعَاء المَاء إِذا كَانَ من أَدَم فأخلق، وَجمعه: شنان، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون. قَوْله: (بأذني) بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة. قَوْله: (يفتلها) أَي: يدلكها ويعركها. قَوْله: (ثمَّ خرج) أَي من الججرة إِلَى الْمَسْجِد فصلى الصُّبْح أَي بِالْجَمَاعَة.

بَيَان الْمعَانِي وَالْإِعْرَاب قَوْله: (فاضطجعت) أَي: وضعت الْجنب على الأَرْض وَكَانَ مُقْتَضى الظَّاهِر أَن يَقُول: اضْطجع بِصُورَة الْمَاضِي الْغَائِب، كَمَا قَالَ: إِنَّه بَات. أَو قَالَ: بت كَمَا قَالَ: فاضطجعت، بِصُورَة الْمُتَكَلّم فيهمَا، وَلكنه قصد بذلك التفنن فِي الْكَلَام وَهُوَ نوع من أَنْوَاع الِالْتِفَات. فَإِن قلت: من هُوَ القاصد لذَلِك؟ قلت: كريب، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي نقل كَلَام ابْن عَبَّاس، وَالظَّاهِر أَن اخْتِلَاف العبارتين من ابْن عَبَّاس وَمن كريب، لِأَنَّهُ كريباً أخبر أَولا عَن ابْن عَبَّاس أَنه باتت لَيْلَة عِنْد مَيْمُونَة، ثمَّ أضمر لفظ: قَالَ، قبل قَوْله: (فاضطجعت) ، فَيكون الْكَلَام على أسلوب وَاحِد. قَوْله: (حَتَّى) للغاية. قَوْله: (أَو قبله) ظرف لقَوْله: (اسْتَيْقَظَ) . إِن قُلْنَا: إِن: اذا ظرفية اي: حَتَّى اسْتَيْقَظَ وَقت انتصاف اللَّيْل، أَو قبل انتصافه. وَكلمَة: أَو، للتشكيك أَو يكون مُتَعَلقا بِفعل مُقَدّر. إِن قُلْنَا: إِن إِذا، شَرْطِيَّة و: اسْتَيْقَظَ، جزاؤها، وَالتَّقْدِير: حَتَّى إِذا استنصف اللَّيْل، أَو كَانَ قبل الانتصاف، اسْتَيْقَظَ. قَوْله: (فَجَلَسَ يمسح النّوم عَن وَجهه بِيَدِهِ) وَفِي بعض النّسخ: (فَجعل يمسح النّوم) . فَفِي الْوَجْه الأول يكون: يمسح، الَّتِي هِيَ جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل فِي مَحل النصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: فَجَلَسَ وَفِي الْوَجْه الثَّانِي: تكون الْجُمْلَة خبر: فَجعل، لِأَنَّهُ من أَفعَال المقاربة. وَمسح النّوم من الْعَينَيْنِ من بَاب إِطْلَاق اسْم الْحَال على الْمحل، لِأَن الْمسْح لَا يَقع إلَاّ على الْعَينَيْنِ، وَالنَّوْم لَا يمسح. وَقَالَ بَعضهم: أَو أثر النّوم من بَاب إِطْلَاق إسم السَّبَب على الْمُسَبّب. قلت: أثر النّوم من النّوم لِأَنَّهُ بَقِيَّته، فَكيف يكون من هَذَا الْبَاب؟ قَوْله: (ثمَّ قَرَأَ الْعشْر الْآيَات) بِإِضَافَة الْعشْر إِلَى الْآيَات، وَيجوز دُخُول لَام التَّعْرِيف على الْعدَد عِنْد الْإِضَافَة، نَحْو: الثَّلَاثَة الأثواب، وَهُوَ من بَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف. قَوْله: (الْخَوَاتِم) بِالنّصب لِأَنَّهُ صفة: الْعشْر، وَهُوَ جمع خَاتِمَة أَي: أَوَاخِر سُورَة آل عمرَان، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض} (آل عمرَان: ١٩٠) الى آخر السُّورَة. فَإِن قلت: ذكر فِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي تقدم فِي بَاب التَّخْفِيف، هَكَذَا: فَتَوَضَّأ من شن مُعَلّق وضُوءًا خَفِيفا، بتذكير وصف الشن، وتوصيف الْوضُوء بالخفة، وَهَهُنَا أنث الْوَصْف حَيْثُ قَالَ: معلقَة، وَقَالَ: فَأحْسن وضوءه، وَالْمرَاد بِهِ الْإِتْمَام والإتيان بِجَمِيعِ المندوبات. فَمَا وَجه الْجمع بَينهمَا؟ قلت: الشن: يذكر وَيُؤَنث، والتذكير بِاعْتِبَار لَفظه أَو بِاعْتِبَار الْأدم أَو الْجلد، والتأنيث بِاعْتِبَار الْقرْبَة، وإتمام الْوضُوء لَا يُنَافِي التَّخْفِيف، لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون أَتَى بِجَمِيعِ المندوبات مَعَ التَّخْفِيف، أَو هَذَا كَانَ فِي وَقت، وَذَاكَ فِي وَقت آخر. قَوْله: (فصنعت مثل مَا صنع) أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس: فصنعت مثل مَا صنع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: تَوَضَّأت نَحوا مِمَّا تَوَضَّأ، كَمَا صرح بِهِ فِي بَاب التَّخْفِيف، وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ أَعم من ذَلِك فَيشْمَل النّوم حَتَّى انتصاف اللَّيْل وَمسح الْعَينَيْنِ عَن النّوم وَقِرَاءَة الْعشْر الْآيَات وَالْقِيَام إِلَى الشن وَالْوُضُوء وإحسانه. قَوْله: (يفتلها) جملَة وَقعت حَالا، وَأما فتله أُذُنه: إِمَّا للتّنْبِيه عَن الْغَفْلَة وَإِمَّا لإِظْهَار الْمحبَّة. كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: لم يكن فتله أُذُنه إلَاّ لأجل أَنه لما وقف وقف بجنبه الْيَسَار فَأخذ أُذُنه وعركها وأداره إِلَى يَمِينه. قَوْله: (فصلى رَكْعَتَيْنِ) لفظ: رَكْعَتَيْنِ، سِتّ مَرَّات فَيكون الْمَجْمُوع، اثْنَي عشر رَكْعَة. قَوْله: (ثمَّ أوتر) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي جَاءَ بِرَكْعَة أُخْرَى فردة. قلت: لم لَا يجوز أَن يكون معنى قَوْله: أوتر، صلى ثَلَاث رَكْعَات، لِأَنَّهَا وترا ايضاً، بل الْأَوْجه هَذَا لِأَنَّهُ ورد النَّهْي عَن البتيراء، وَهُوَ التَّنَفُّل بِرَكْعَة وَاحِدَة. ثمَّ إعلم أَن قَوْله: (فصلى رَكْعَتَيْنِ) إِلَى قَوْله: (ثمَّ اوتر) تَقْيِيد وَتَفْسِير للمطلق الَّذِي ذكر فِي بَاب التَّخْفِيف حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: فصلى مَا شَاءَ الله.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: قَالَ ابْن بطال فِيهِ رد على من كره قِرَاءَة الْقُرْآن على غير طَهَارَة لمن لم يكن جنبا، وَهِي الْحجَّة الكافية فِي ذَلِك، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَرَأَ الْعشْر الْآيَات بعد قِيَامه من النّوم قبل الْوضُوء، وَقَالَ الْكرْمَانِي:

<<  <  ج: ص:  >  >>