قَوْله: من فِي الْحمام، يتَنَاوَل العراء فِيهِ والقاعدين بثيابهم فِي مسلخ الْحمام، وَقَول إِبْرَاهِيم مُخْتَصّ بالعراة حَيْثُ قَالَ: إِن كَانَ عَلَيْهِم إِزَار فنسلم عَلَيْهِم، و: إلَاّ، أَي: وَإِن لم يكن عَلَيْهِم إِزَار فَلَا نسلم. فَكيف يُطلق هَذَا الْقَائِل كَلَامه على من فِي الْحمام على سَبِيل الْعُمُوم، وَالسَّلَام على القاعدين بثيابهم لَا خلاف فِيهِ؟ .
١٨٣ - حدّثنا إسْماعِيلُ قَالَ حدّثنى مالكٌ عَنْ مَخْرمَةَ بنِ سُلَيْمان عَنْ كرَيْبٍ مَوْلى ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عبَّاسٍ أخْبرَهُ أنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهْيَ خالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوِسَادَة واضْطَجَعَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهلُهُ فِي طُولِهَا فَنَامَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنَتَّى إِذا انْتَصَف اللَّيْلُ أوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ اْلا يَاتِ الخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَان ثُمَّ قامَ إلَي شَنٍّ مُعلَّقَةٍ فَتوَضأَ مِنْهَا فَاحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قامَ يُصَلِّي قالَ ابنُ عَبَّاسٍ فَقمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صيَعَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنى عَلَى رَأسِي وَأخَذَ بِاُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا فَصَلَّى رَكْعَتيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أتَاهُ المُؤَذِّنُ فَقامَ فَصَلَّى رَكْعتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ..
قيل: مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قِرَاءَة الْقُرْآن بعد الْحَدث، وَهُوَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ الْعشْر الْآيَات من آخر آل عمرَان بعد قِيَامه من نَومه قبل وضوئِهِ. قلت: كَيفَ يُقَال هَذَا ونومه لَا ينْقض وضوءه؟ وَقَالَ بَعضهم: الْأَظْهر أَن مُنَاسبَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من جِهَة أَن مضاجعة الْأَهْل فِي الْفراش لَا تَخْلُو من الْمُلَامسَة. قلت: هَذَا أبعد من ذَاك، لأَنا لَا نسلم وجود ذَلِك على التَّحْقِيق، وَلَئِن سلمنَا ذَلِك فمراده من الْمُلَامسَة اللَّمْس بِالْيَدِ أَو الْجِمَاع؟ فَإِن كَانَ الأول: فَلَا ينْقض الْوضُوء أصلا، سِيمَا فِي حَقه، عَلَيْهِ السَّلَام؛ وَإِن كَانَ الثَّانِي: فَيحْتَاج إِلَى الِاغْتِسَال، وَلم يُوجد هَذَا أصلا فِي هَذِه الْقِصَّة، وَالظَّاهِر أَن البُخَارِيّ وضع هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب بِنَاء على ظَاهر الحَدِيث، حَيْثُ تَوَضَّأ بعد قِيَامه من النّوم، وإلَاّ مُنَاسبَة فِي وَضعه هَذَا الحَدِيث هَهُنَا. فَافْهَم.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة. الأول: إِسْمَاعِيل بن أبي أويس الأصبحي. الثَّانِي: مَالك بن أنس، خَال إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور. الثَّالِث: مخرمَة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء. ابْن سُلَيْمَان الْوَالِي الْمدنِي. الرَّابِع: كريب، مولى ابْن عَبَّاس. الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا.
بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِالْجمعِ والإفراد والعنعنة والإخبار. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مدنيون. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ الرَّاوِي عَن خَاله، وَهُوَ رِوَايَة إِسْمَاعِيل عَن خَاله مَالك.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا الْأصيلِيّ فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْوتر عَن القعْنبِي، وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة وَعَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي الصَّلَاة أَيْضا عَن أَحْمد عَن ابْن وهب. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ، وَعَن هَارُون ابْن سعيد عَن ابْن وهب بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن وهب، وَعَن مُحَمَّد بن رَافع. وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن القعْنبِي وَعَن عبد الْملك بن شُعَيْب. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَعَن إِسْحَاق بن مُوسَى وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر بن خَلاد عَن معن بِهِ.
بَيَان لغاته قَوْله: (فِي عرض الوسادة) ، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء، وَقَالَ السفاقسي؛ ضم الْعين غير صَحِيح، ورويناه بِفَتْحِهَا عَن جمَاعَة، وَقَالَ ابو عبد الْملك: رُوِيَ بِفَتْح الْعين وَهُوَ ضد الطول، وبالضم الْجَانِب، وَالْفَتْح أَكثر. وَقَالَ الدَّاودِيّ عرضهَا بِضَم الْعين، وَأنْكرهُ أَبُو الْوَلِيد، وَقَالَ: لَو كَانَ كَمَا قَالَ لقَالَ: توسد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَهله طول الوسادة، وتوسد ابْن عَبَّاس عرضهَا. فَقَوله: (فاضطجع فِي عرضهَا) يَقْتَضِي أَن يكون الْعرض محلا لاضطجاعه، وَلَا يَصح ذَلِك إلَاّ أَن يكون فراشا. وَفِي (الْمطَالع)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute