{يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم والذينمن قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} .
هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة فِي سُورَة الْبَقَرَة سبق كلهَا هَكَذَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: {وَلَا يزالزن يقاتلونكم حَتَّى يردوكم عَن دينكُمْ إِن اسْتَطَاعُوا} إِلَى قَوْله: {وَأُولَئِكَ هم أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ} قَوْله: {حَتَّى يردوكم} يَعْنِي: مُشْركي مَكَّة. قَوْله: يَعْنِي: حَتَّى يصرفوكم. قَوْله: مجزوم لِأَنَّهُ مَعْطُوف على مَا قبله، وَلَو كَانَ جَوَابا لَكَانَ مَنْصُوبًا. قَوْله: أَي: بطلت أَعْمَالهم أَي حسناتهم. وَفِي هَذِه الْآيَة تَقْيِيد مُطلق مَا فِي قَوْله: الْآيَة أَي: شَرط حَبط الْأَعْمَال عِنْد الارتداد أَن يَمُوت وَهُوَ كَافِر.
٦٩٢٢ - حدّثنا أبُو النُّعْمان مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنْ أيُّوبَ، عنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: أُتِيَ عَلِيُّ، رَضِي الله عَنهُ، بِزَنادِقَةٍ فأحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذالِكَ ابنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْيِ رسولِ الله لَا تُعَذِّبُوا بِعَذابِ الله ولَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رسولِ الله مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فاقْتُلُوهُ.
انْظُر الحَدِيث ٣٠١٧
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ وَالَّذِي يُبدل دينه هُوَ الْمُرْتَد.
وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَعِكْرِمَة مولى عبد الله بن عَبَّاس.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد عَن عَليّ بن عبد الله، وَمر الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: أُتِي على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: بزنادقة جمع زنديق بِكَسْر الزَّاي فَارسي مُعرب، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الْهَاء فِي زنادقة بدل من يَاء زنديق. وَقد تزندق وَالِاسْم الزندقة، وَاخْتلف فِي تَفْسِيره فَقيل: هُوَ المبطن للكفر الْمظهر لِلْإِسْلَامِ كالمنافق، وَقيل: قوم من الثنوية الْقَائِلين بالخالقين، وَقيل: من لَا دين لَهُ، وَقيل: هُوَ من تبع كتاب زردشت الْمُسَمّى بالزند، وَقيل: هم طَائِفَة من الروافض تدعى السبائية، ادعوا أَن عليّاً، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إلاه وَكَانَ رئيسهم عبد الله بن سبأ. بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَكَانَ أَصله يَهُودِيّا. قَوْله: فأحرقهم قد مضى فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بَاب لَا يعذب بِعَذَاب الله، من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب بِهَذَا السَّنَد: أَن عليّاً، رَضِي الله عَنهُ، حرق قوما، وروى الْحميدِي عَن سُفْيَان بِلَفْظ: حرق الْمُرْتَدين، وروى ابْن أبي شيبَة: كَانَ أنَاس يعْبدُونَ الْأَصْنَام فِي السِّرّ، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق سُوَيْد بن غَفلَة: أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بلغه أَن قوما ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَبعث إِلَيْهِم فأطعمهم ثمَّ دعاهم إِلَى الْإِسْلَام فَأَبَوا فَحَفَرُوا حفيرة ثمَّ أَتَى بهم فَضرب أَعْنَاقهم وَرَمَاهُمْ فِيهَا ثمَّ ألْقى عَلَيْهِم الْحَطب فأحرقهم ثمَّ قَالَ: صدق الله، وَرَسُوله، وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدِيث عِكْرِمَة، وَلَفظه: أَن عليّاً أُتِي بِقوم قد ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام، أَو قَالَ: بزنادقة وَمَعَهُمْ كتب لَهُم، فَأمر بِنَار فانضجت وَرَمَاهُمْ فِيهَا، وَرُوِيَ عَن قَتَادَة أَن عليّاً أُتِي بناس من الزط يعْبدُونَ وثناً فأحرقهم، فَقَالَ ابْن عَبَّاس ... الحَدِيث. قَوْله: فَبلغ ذَلِك ابْن عَبَّاس أَي: بلغ مَا فعله عَليّ من الإحراق بالنَّار، وَكَانَ ابْن عَبَّاس حينئذٍ أَمِيرا على الْبَصْرَة من قبل عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: لنهي رَسُول الله لَا تعذبوا بِعَذَاب الله أَي: لنَهْيه عَن الْقَتْل بالنَّار. بقوله: لَا تعذبوا وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون ابْن عَبَّاس قد سَمعه من النَّبِي وَيحْتَمل أَن يكون قد سَمعه من بعض الصَّحَابَة. وَاخْتلف فِي الزنديق: هَل يُسْتَتَاب؟ فَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَأحمد وَإِسْحَاق: يقتل وَلَا تقبل تَوْبَته. وَقَول أَبُو حنيفَة وَأبي يُوسُف مُخْتَلف فِيهِ، فَمرَّة قَالَا: بالاستتابة، وَمرَّة قَالَا: لَا. قلت: رُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: إِن أتيت بزنديق أستتيبه، فَإِن تَابَ وإلَاّ قتلته. وَقَالَ الشَّافِعِي: يُسْتَتَاب كالمرتد، وَهُوَ قَول عبد الله بن الْحسن، وَذكر ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. مثله، وَقيل لمَالِك: لم تقتله، وَرَسُول الله لم يقتل الْمُنَافِقين وَقد عرفهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute