قليب بدر وَأما النصب فعلى تَقْدِير أَعنِي قليب بدر.
(بَيَان الْمعَانِي)(وَأَبُو جهل وَأَصْحَاب لَهُ) السَّبْعَة الْمَدْعُو عَلَيْهِم، بَينه الْبَزَّار من طَرِيق الْأَجْلَح عَن أبي إِسْحَاق. قَوْله:(إِذْ قَالَ بَعضهم) هُوَ أَبُو جهل، سَمَّاهُ مُسلم من رِوَايَة زَكَرِيَّا، وَزَاد فِيهِ. (وَقد نحرت جزور بالْأَمْس) وَجَاء فِي رِوَايَة أُخْرَى: (بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم يُصَلِّي فِي ظلّ الْكَعْبَة، وَجمع من قُرَيْش فِي مجَالِسهمْ، إِذا قَالَ قَائِل مِنْهُم: أَلا تنظروا إِلَى هَذَا الْمرَائِي) ؟ قَوْله:(أَشْقَى الْقَوْم) هُوَ: عقبَة بن أبي معيط، ومعيط، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة. وَقَالَ الدَّاودِيّ: إِنَّه أَبُو جهل فَقَوله: (وَإِنَّا أنظر) أَي: قَالَ عبد الله. وَأَنا شَاهد تِلْكَ الْحَالة. قَوْله:(لَا أغْنى) أَي: فِي كف شرهم، وَمعنى: لَا أغير، أَي: شَيْئا من فعلهم. قَوْله:(فَجعلُوا يَضْحَكُونَ) أَي: استهزاءً قَاتلهم الله. قَوْله:(ويحيل) بِالْحَاء الْمُهْملَة لَهُ يَعْنِي: ينْسب فعل ذَلِك بَعضهم إِلَى بعض، من قَوْلك: أحلّت الْغَرِيم إِذا جعلت لَهُ أَن يتقاضى المَال من غَيْرك، وَجَاء أحَال أَيْضا بِمَعْنى: وثب، وَفِي الحَدِيث:(أَن أهل خَيْبَر أحالوا إِلَى الْحصن) أَي: وَثبُوا، وَفِي رِوَايَة مُسلم من رِوَايَة زَكَرِيَّا:(ويميل) بِالْمِيم، أَي؛ من كَثْرَة الضحك. وَفِي كتاب الصَّلَاة، فِي بَاب الْمَرْأَة تطرح على الْمُصَلِّي شَيْئا من الْأَذَى، وَلَفظه. (حَتَّى مَال بَعضهم على بعض) قَوْله: (فَاطِمَة) هِيَ: بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنْكحهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب بعد وقْعَة أحد وسنها يَوْمئِذٍ خمس عشرَة سنة وَخَمْسَة أشهر، رُوِيَ لَهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانِيَة عشر حَدِيثا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ لَهَا حَدِيث وَاحِد. رَوَت عَنْهَا عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، توفيت بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسِتَّة أشهر بِالْمَدِينَةِ، وَقيل: بِمِائَة يَوْم، وَقيل غير ذَلِك، وغسلها عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصلى عَلَيْهَا ودفنت لَيْلًا، وفضائلها لَا تحصى، وَكفى لَهَا شرفاً كَونهَا بضعَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله:(بِقُرَيْش) أَي: بِهَلَاك قُرَيْش. فَإِن قلت: كَيفَ جَازَ الدُّعَاء على كل قُرَيْش وَبَعْضهمْ كَانُوا يَوْمئِذٍ مُسلمين كالصديق وَغَيره؟ قلت: لَا عُمُوم للفظ، وَلَئِن سلمنَا فَهُوَ مَخْصُوص بالكفار مِنْهُم، بل بِبَعْض الْكفَّار، وهم أَبُو جهل وَأَصْحَابه بِقَرِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مستجابة) أَي: مجابة. يُقَال: اسْتَجَابَ وَأجَاب بِمَعْنى وَاحِد، وَمَا كَانَ اعْتِقَادهم إِجَابَة الدعْوَة من جِهَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل هِيَ جِهَة الْمَكَان. قَوْله:(ثمَّ سمى) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتفصيل مَا أَرَادَ ذَلِك الْمُجْمل قَوْله (بِأبي جهل) واسْمه عمر بن هِشَام بن المغير كَانَت قُرَيْش تكنية أَبَا الْحَاكِم أَبَا جهل، وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِر:
(النَّاس كنُّوه أَبَا حكم ... واللَّه كنَّاه أَبَا جهل)
وَيُقَال: كَانَ يكنى أَبَا الْوَلِيد، وَكَانَ يعرف بِابْن الحنظلية، وَكَانَ أَحول. وَفِي (المحير) كَانَ مأبوناً، وَيُقَال: إِنَّه أَخذ من قَول عتبَة بن ربيعَة سَيعْلَمُ مصعراً سِتَّة من انتفخ سحره وَفِي (الوشاح) لِابْنِ دُرَيْد هُوَ أول من حز رَأسه وَلما رَآهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: هَذَا فِرْعَوْن هَذِه الْأمة. قَوْله:(وعد السَّابِع) فَاعل: عد، رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو عبد الله بن مَسْعُود، وفاعل: فَلم نَحْفَظهُ، عبد الله، أَو عَمْرو بن مَيْمُون، قَالَه الْكرْمَانِي: وَقَالَ بَعضهم: قلت
؛ فَلَا أَدْرِي من أَيْن تهَيَّأ لَهُ الْجَزْم بذلك مَعَ أَن فِي رِوَايَة النَّوَوِيّ عِنْد مُسلم مَا يدل على أَن فَاعل: عد، عَمْرو بن مَيْمُون انْتهى. قلت: الْكرْمَانِي لم يجْزم بذلك، بل ذكره بِالشَّكِّ، فَكيف يُنكر عَلَيْهِ بِلَا وَجه؟ وَأما السَّابِع الَّذِي لم يذكر هُنَا فَهُوَ مَذْكُور عِنْد البُخَارِيّ فِي مَوضِع آخر. وَهُوَ: عمَارَة بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، وَكَذَا ذكره البرقاني وَغَيره. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) وَهُوَ مُشكل، لِأَن عمَارَة هَذَا ذكر ابْن إِسْحَاق وَغَيره لَهُ قصَّة طَوِيلَة مَعَ النَّجَاشِيّ إِذْ تعرض لامْرَأَته، فامر النَّجَاشِيّ ساحراً فَنفخ فِي إحليل عمَارَة من سحره عُقُوبَة لَهُ، فتوحش وَصَارَ مَعَ الْبَهَائِم إِلَى أَن مَاتَ فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي أَرض الْحَبَشَة. قَالَ بَعضهم: وَالْجَوَاب أَن كَلَام ابْن مَسْعُود فِي أَنه رَآهُمْ صرعى فِي القليب مَحْمُول على الْأَكْثَر انْتهى. قلت: الْجَواب أَخذه هَذَا الْقَائِل من الْكرْمَانِي، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأجِيب بِأَن المُرَاد رأى أَكْثَرهم، بِدَلِيل أَن ابْن معيط لم يقتل ببدر بل حمل مِنْهَا أَسِيرًا فَقتله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد انْصِرَافه من بدر على ثَلَاثَة أَمْيَال مِمَّا يَلِي الْمَدِينَة قلت: بِموضع يُسمى عرف الظبية وَهُوَ من الروحاء على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْمَدِينَة. وَقيل: إِنَّه قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتقتلني من بَين سَائِر قُرَيْش؟ قَالَ: نعم. ثمَّ قَالَ: بَينا أَنا بِفنَاء الْكَعْبَة وَأَنا ساجد خلف الْمقَام إِذْ أَخذ بمنكبي فلف ثَوْبه على عنقِي فخنقني خنقاً شَدِيدا، ثمَّ جَاءَ مرّة أُخْرَى بسلاً جزور بني فلَان، وَكَانَ عقبَة من الْمُسْتَهْزِئِينَ أَيْضا، وَذكر مُحَمَّد بن حبيب أَنه من زنادقة قُرَيْش، وَاسم أبي معيط: أبان بن أبي عَمْرو، وَالَّذِي دَعَا عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبْعَة أنفس كَمَا ذكرُوا، وهم أَبُو جهل وَعتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة والوليد بن عتبَة وَأُميَّة