للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن خلف، وَعقبَة بن أبي معيط، وَعمارَة بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، أما أَبُو جهل فَقتله معَاذ بن عَمْرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء ذكره فِي الصَّحِيح (وَمر عَلَيْهِ ابْن مَسْعُود وَهُوَ صريع، وَاحْترز رَأسه وأتى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: هَذَا رَأس عَدو الله، وَنَقله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيْفه، وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحَمد لله الَّذِي أخزاك يَا عَدو الله، هَذَا كَانَ فِرْعَوْن هَذِه الْأمة وَرَأس أَئِمَّة الْكفْر) وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: (فخرَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاجِدا) وَأما عتبَة بن ربيعَة فَقتله حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ. وَقيل: اشْترك حَمْزَة وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. فِي قَتله. وَأما شيبَة بن ربيعَة بن عبد شمس أَخُو عتبَة بن ربيعَة فَقتله حَمْزَة أَيْضا. وَأما الْوَلِيد بن عتبَة، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق فَقتله عُبَيْدَة بن الْحَارِث، وَقيل: عَليّ. وَقيل: خمزة، وَقيل: اشْتَركَا فِي قَتله. وَأما أُميَّة بن خلف بن صَفْوَان بن أُميَّة. فقد اخْتلف أهل السّير فِي قَتله فَذكر مُوسَى بن عقبَة قلته رجل من الْأَنْصَار من بني مَازِن، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق إِن معَاذ بن عفراء وخارج بن زيد وحبِيب بن أساف اشْتَركُوا فِي قَتله، وَادّعى ابْن الْجَوْزِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتله، وَفِي السّير، من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أَن بِلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، خرج إِلَيْهِ وَمَعَهُ نفر من الْأَنْصَار فَقَتَلُوهُ، وَكَانَ بَينا، فَلَمَّا قتل انتفخ فالقوا عَلَيْهِ التُّرَاب حَتَّى غيبه ثمَّ جر إِلَى القليب فتقطع قبل وُصُوله إِلَيْهِ، وَكَانَ من الْمُسْتَهْزِئِينَ، وَفِيه نزل قَوْله تَعَالَى: {ويل لكل همزَة لُمزَة} (سُورَة الهُمَزة: ١) وَهُوَ الَّذِي كَانَ يعذب بِلَالًا فِي مَكَّة. وَأما عقبَة بن أبي معيط. فَقتله عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقيل: عَاصِم بن ثَابت، وَالأَصَح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتله بعرق الظبية، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب. وَأما عمَارَة بن الْوَلِيد فقد ذكرنَا أمره مَعَ النَّجَاشِيّ. وَمَات زمن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي أَرض الْحَبَشَة.

بَيَان استنباط الْفَوَائِد وَالْأَحْكَام مِنْهَا: تَعْظِيم الدُّعَاء بِمَكَّة عِنْد الْكفَّار وَمَا أزداد عِنْد الْمُسلمين إلَاّ تَعْظِيمًا عَظِيما وَمِنْهَا: معرفَة الْكفَّار بِصدق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخوفهم من دُعَائِهِ. وَلَكِن لأجل شفائهم الأزلي حملهمْ الْحَسَد والعناد على ترك الانقياد لَهُ. وَمِنْهَا: حلمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّن آداه. فَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة فِي هَذَا الحَدِيث: أَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: لم أره دَعَا عَلَيْهِم إلَاّ يَوْمئِذٍ وأنما استحقوا الدُّعَاء حِينَئِذٍ لما أقدموا عَلَيْهِ من التهكم بِهِ حَال عِبَادَته لرَبه تَعَالَى. وَمِنْهَا: اسْتِحْبَاب الدُّعَاء ثَلَاثًا. وَمِنْهَا: جَوَاز الدُّعَاء على الظَّالِم. وَقَالَ بَعضهم: مَحَله مَا إِذا كَانَ كَافِرًا، فَأَما الْمُسلم فَيُسْتَحَب الاسْتِغْفَار لَهُ وَالدُّعَاء بِالتَّوْبَةِ. وَمِنْهَا: أَن الْمُبَاشرَة أقوى من السَّبَب وآكد، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي عقبَة: أَشْقَى الْقَوْم، مَعَ أَنه كَانَ فيهم أَبُو جهل، وَهُوَ أَشد مِنْهُ كفرا، وَلَكِن كَانَ عقبَة مباشراً على مَا مر بَيَانه. وَمِنْهَا: أَن البُخَارِيّ اسْتدلَّ بِهِ على أَن من حدث لَهُ فِي صلَاته مَا يمْنَع انْعِقَادهَا ابْتِدَاء لَا تبطل صلَاته وَلَو تَمَادى، وَأجَاب الْخطابِيّ عَن هَذَا بِأَن أَكثر الْعلمَاء ذَهَبُوا إِلَى أَن السلا نجس. وتأولوا معنى الحَدِيث على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن تعبد إِذْ ذَاك بِتَحْرِيمِهِ، كَالْخمرِ كَانُوا يلابسون الصَّلَاة وَهِي تصيب ثِيَابهمْ وأبدانهم، قبل نزُول التَّحْرِيم، فَلَمَّا حرمت لم تجز الصَّلَاة فِيهَا، وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن بطال. بِأَنَّهُ لَا شكّ أَنَّهَا كَانَت بعد نزُول قَوْله تَعَالَى: {وثيابك فطهر} (سُورَة المدثر: ٤) لِأَنَّهَا أول مَا نزل عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْقُرْآن قبل كل صَلَاة، ورد عَلَيْهِ بِأَن الفرت ورطوبة الْبدن طاهران، والسلا من ذَلِك. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا ضَعِيف لِأَن رَوْث مَا يُؤْكَل لَحْمه لَيْسَ بطاهر، ثمَّ إِنَّه يتَضَمَّن النَّجَاسَة من حَيْثُ إِنَّه لَا يَنْفَكّ من الدَّم فِي الْعَادة، وَلِأَنَّهُ ذَبِيحَة عَبدة الْأَوْثَان فَهُوَ نجس، وَالْجَوَاب: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعلم مَا وضع على ظَهره فاستمر فِي سُجُوده استصحاباً للطَّهَارَة، وَمَا يدْرِي هَل كَانَت هَذِه الصَّلَاة فَرِيضَة فَتجب إِعَادَتهَا على الصَّحِيح، أَو غَيرهَا فَلَا يجب وَإِن وَجَبت الْإِعَادَة فالوقت موسع لَهَا فَلَعَلَّهُ أعَاد وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَو أعَاد لنقل وَلم ينْقل. قلت: لَا يلْزم من عدم النَّقْل عدم الْإِعَادَة فِي نفس الْأَمر. فَإِن قلت: كَيفَ كَانَ لَا يعلم بِمَا وضع على ظَهره، فَإِن فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، ذهبت بِهِ قبل أَن يرفع رَأسه قلت: لَا يلْزم من إِزَالَة فَاطِمَة إِيَّاه عَن ظَهره إحساسه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك، لِأَنَّهُ كَانَ إِذا دخل فِي الصَّلَاة استغرق باشتغاله بِاللَّه تَعَالَى، وَلَئِن سلمنَا إحساسه بِهِ فقد يحْتَمل أَنه لم يتَحَقَّق نَجَاسَته، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن شَأْنه أعظم من أَن يمْضِي فِي صلَاته وَبِه نَجَاسَة، وَقد يُقَال: إِن الفرث وَالدَّم كَانَ دَاخل السلا، وجلدته الظَّاهِرَة طَاهِرَة، فَكَانَ كحمل القارورة المرصصة وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ ذَبِيحَة وَثني، فَجمع أَجْزَائِهَا نَجِسَة لِأَنَّهَا ميتَة. وَأجِيب عَن ذَلِك بِأَنَّهُ كَانَ قبل التَّعَبُّد بِتَحْرِيم ذَبَائِحهم، وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى تَارِيخ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَال. قلت: الِاحْتِمَال الناشىء عَن دَلِيل كافٍ وَلَا شكّ أَن تماديه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه الْحَالة قرينَة تدل على أَنه كَانَ قبل تَحْرِيم ذَبَائِحهم لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقر على أَمر غير مَشْرُوع وَلَا يُقرر غَيره عَلَيْهِ لِأَن

<<  <  ج: ص:  >  >>