للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَاد وكرب وأوشك. الثَّانِي: مَا وضع للدلالة على رجائه، وَهِي ثَلَاثَة، نَحْو: عَسى واخلولق وحرى. الثَّالِث: مَا وضع للدلالة على الشُّرُوع فِيهِ، وَهُوَ كثير. وَمِنْه، طفق، وَهَذِه كلهَا مُلَازمَة لصيغة الْمَاضِي إلَاّ أَرْبَعَة فَاسْتعْمل لَهَا مضارع وَهِي: كَاد وأوشك، وطفق، وَجعل واستعلم مصدر لاثْنَيْنِ وهما: طفق وَكَاد، وَحكى الْأَخْفَش طفوقاً، عَمَّن قَالَ: طفق بِالْفَتْح، وطفقاً عَمَّن قَالَ: طفق بِالْكَسْرِ. قَوْله: (قَالَ أَبُو هُرَيْرَة) قَالَ بَعضهم: هُوَ من تَتِمَّة مقول همام وَلَيْسَ بمعلق وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة اما تَعْلِيق من البُخَارِيّ وَأما تَتِمَّة مقول همام فَيكون مُسْندًا (قلت) أحتمال الْأَمريْنِ ظَاهرا وَقطع الْبَعْض بِأحد الْأَمريْنِ غير مَقْطُوع بِهِ. قَوْله: (سِتَّة) بِالرَّفْع على الْبَدَلِيَّة أَي: سِتَّة آثَار، أَو هُوَ مَنْصُوب على التَّمْيِيز، وَكَذَلِكَ: ضربا تَمْيِيز فَافْهَم.

ذكر استنباط الْأَحْكَام فِيهِ: دَلِيل على إِبَاحَة التعري فِي الْخلْوَة للْغسْل وَغَيره بِحَيْثُ يَأْمَن أعين النَّاس. وَفِيه: دَلِيل على جَوَاز النّظر إِلَى الْعَوْرَة عِنْد الضَّرُورَة الداعية إِلَيْهِ من مداواة أَو برَاء من الْعُيُوب أَو إِثْبَاتهَا، كالبرص وَغَيره مِمَّا يتحاكم النَّاس فِيهَا مِمَّا لَا يَد فِيهَا من رُؤْيَة الْبَصَر بهَا. وَفِيه: جَوَاز الْحلف على الْإِخْبَار، كحلف أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِيه: دلَالَة على معْجزَة مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ: مشي الْحجر بِثَوْبِهِ إِلَى مَلأ من بني إِسْرَائِيل ونداؤه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، للحجر، وتأثير ضربه فِيهِ. وَفِيه: دَلِيل على أَن الله تَعَالَى كمل أَنْبيَاء خلقا وخلقا، ونزههم عَن المعايب والنقائص. وَفِيه: مَا غلب على مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من البشرية حَتَّى ضرب الْحجر. فَإِن قلت: كشف الْعَوْرَة حرَام فِي حق غير الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَكيف الَّذِي صدر من مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: ذَاك فِي شرعنا، وَأما فِي شرعهم فَلَا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنهم كَانُوا يغتسلون عُرَاة ومُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يراهم لَا يُنكر عَلَيْهِم، وَلَو كَانَ حَرَامًا لأنكره. فَإِن قلت: إِذا كَانَ كَذَلِك فَلم، كَانَ مُوسَى ينْفَرد فِي الْخلْوَة عِنْد الْغسْل؟ قلت: إِنَّمَا كَانَ يفعل ذَلِك من بَاب الْحيَاء، لَا أَنه كَانَ يجب عَلَيْهِ ذَلِك، وَيحْتَمل أَنه كَانَ عَلَيْهِ مئزر رَقِيق فَظهر مَا تَحْتَهُ لما ابتل بِالْمَاءِ، فَرَأَوْا أَنه أحسن الْخلق، فَزَالَ عَنْهُم مَا كَانَ فِي نُفُوسهم. فَإِن قلت: مَا هَذَا الْحجر؟ قلت: قَالَ سعيد بن جُبَير: الْحجر الَّذِي وضع مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَوْبه عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي كَانَ يحملهُ مَعَه فِي الْأَسْفَار فيضربه فيتفجر مِنْهُ المَاء، وَالله أعلم.

(وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ بَينا أَيُّوب يغْتَسل عُريَانا فَخر عَلَيْهِ جَراد من ذهب فَجعل أَيُّوب يحتثي فِي ثَوْبه فناداه ربه يَا أَيُّوب ألم أكن أغنيتك عَمَّا ترى قَالَ بلَى وَعزَّتك وَلَكِن لَا غنى بِي عَن بركتك) هَذَا مَعْطُوف على الْإِسْنَاد الأول وَقد صرح أَبُو مَسْعُود وَخلف فَقَالَا فِي أطرافهما أَن البُخَارِيّ رَوَاهُ هَهُنَا عَن اسحق بن نصر وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق وَرَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي أَحْمد بِهن شيرويه حَدثنَا اسحق أخبرنَا عبد الرَّزَّاق فَذكره وَذكر أَن البُخَارِيّ رَوَاهُ عَن اسحق بن نصر عَن عبد الرَّزَّاق وَأورد الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر ثمَّ لما فرغ مِنْهُ قَالَ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بَينا أَيُّوب يغْتَسل " الحَدِيث وَقَالَ بَعضهم وَجزم الْكرْمَانِي بِأَنَّهُ تَعْلِيق بِصِيغَة التمريض فَأَخْطَأَ فَإِن الْخَبَرَيْنِ ثابتان فِي نُسْخَة همام بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور (قلت) الْكرْمَانِي لم يجْزم بذلك وَإِنَّمَا قَالَ تَعْلِيق بِصِيغَة التمريض بِنَاء على الظَّاهِر لِأَنَّهُ لم يطلع على مَا ذكرنَا قَوْله " بَينا " بِالْألف أَصله بَين بِلَا الْألف زيدت الْألف فِيهِ لإشباع الفتحة وَالْعَامِل فِيهِ قَوْله " خر " وَمَا قيل أَن مَا بعد الْفَاء لَا يعْمل فِيمَا قبله لِأَن فِيهِ معنى الجزائية إِذْ بَين مُتَضَمّن للشّرط فَجَوَابه لَا نسلم عدم عمله سِيمَا فِي الظّرْف إِذْ فِيهِ توسع وَالْعَامِل خر الْمُقدر وَالْمَذْكُور مُفَسّر لَهُ وَمَا قيل أَن الْمَشْهُور دُخُول إِذا وَإِذا فِي جَوَابه فَجَوَابه كَمَا أَن إِذا تقوم مقَام الْفَاء فِي جَوَاب الشَّرْط نَحْو قَوْله {وَإِن تصبهم سَيِّئَة بِمَا قدمت أَيْديهم إِذا هم يقنطون} تقوم الْفَاء مقَام إِذا فِي جَوَاب بَين فبينهما مُعَاوضَة قَوْله " أَيُّوب " اسْم أعجمي وَهُوَ ابْن أموص بن زراح بن عيص بن اسحق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَقَالَ بَعضهم أَيُّوب بن أموص بن زيرح ابْن زعويل بن عيص بن اسحق وَقَالَ آخَرُونَ أَيُّوب بن أموص بن زراح بن روم بن عيص بن اسحق وَأمه بنت لوط عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

<<  <  ج: ص:  >  >>