الأول: أَن عليا هَذَا هُوَ ابْن أبي طَالب، وشريحا هُوَ ابْن الْحَارِث بِالْمُثَلثَةِ الْكِنْدِيّ أَبُو أُميَّة الْكُوفِي، وَيُقَال: إِنَّه من أَوْلَاد الْفرس الَّذين كَانُوا بِالْيمن، أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يلقه، استقضاه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على الْكُوفَة وَأقرهُ من بعده إِلَى أَن ترك هُوَ بِنَفسِهِ زمن الْحجَّاج، كَانَ لَهُ مائَة وَعِشْرُونَ سنة، مَاتَ سنة ثَمَانِيَة وَتِسْعين، وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة.
الثَّانِي: أَن هَذَا تَعْلِيق بِلَفْظ التمريض، وَوَصله الدَّارمِيّ: أخبرنَا يعلى بن عبيد أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن عَامر هُوَ الشّعبِيّ، قَالَ:(جَاءَت امْرَأَة إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، تخاصم زَوجهَا طَلقهَا، فَقَالَت: حِضْت فِي شهر ثَلَاث حيض، فَقَالَ عَليّ لشريح: إقض بَينهمَا. قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأَنت هَاهُنَا؟ قَالَ: إقضِ بَينهمَا. قَالَ: إِن جَاءَت من بطانة أَهلهَا مِمَّن يرضى دينه وأمانته يزْعم أَنَّهَا حَاضَت ثَلَاث حيض تطهر عِنْد كل قرء وَتصلي جَازَ لَهَا. وإلَاّ فَلَا. قَالَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قالون) . وَمَعْنَاهُ بِلِسَان الرّوم: أَحْسَنت. وَرَوَاهُ ابْن حزم، وَقَالَ: روينَاهُ عَن هشيم عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ: (أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَتَى بِرَجُل طلق امْرَأَته فَحَاضَت ثَلَاث حيض فِي شهر أَو خمس وَثَلَاثِينَ لَيْلَة، فَقَالَ عَليّ لشريح: إقض فِيهَا. فَقَالَ: إِن جَاءَت بِالْبَيِّنَةِ من النِّسَاء الْعُدُول من بطانة أَهلهَا مِمَّن يرضى صدقه وعدله أَنَّهَا رَأَتْ مَا يحرم عَلَيْهَا الصَّلَاة من الطُّهْر الَّذِي هُوَ الطمث، وتغتسل عِنْد كل قرء وَتصلي فِيهِ، فقد انْقَضتْ عدتهَا. وإلَاّ فَهِيَ كَاذِبَة. فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: قالون) . وَمَعْنَاهُ: أصبت. قَالَ ابْن حزم: هَذَا نَص قَوْلهَا. انْتهى. وَاخْتلف فِي سَماع الشّعبِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسمع مِنْهُ إلَاّ حرفا مَا سمع غَيره. وَقَالَ الْحَازِمِي: لم تثبت أَئِمَّة الحَدِيث سَماع الشّعبِيّ من عَليّ. وَقَالَ ابْن الْقطَّان: مِنْهُم من يدْخل بَينه وَبَينه عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وسنه مُحْتَملَة لإدراك عَليّ. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : فَكَأَن البُخَارِيّ لمح هَذَا فِي عَليّ لَا فِي شُرَيْح، لِأَنَّهُ مُصَرح فِيهِ بِسَمَاع الشّعبِيّ مِنْهُ، فَينْظر فِي تمريضه الْأَثر عَنهُ، على رَأْي من يَقُول: إِنَّه إِذا ذكر شَيْئا بِغَيْر صِيغَة الْجَزْم لَا يكون صَحِيحا عِنْده، وَكَأَنَّهُ غير جيد، لِأَنَّهُ ذكر فِي الْعَتَمَة. وَيذكر عَن أبي مُوسَى: كُنَّا نتناوب بِصِيغَة التمريض، وَهُوَ سَنَد صَحِيح عِنْده.