وقالَ عطَاءٌ أقْرَاؤُهَا مَا كانَتْ
أَي: عَطاء بن أبي رَبَاح، والإقراء جمع: قرء، بِضَم الْقَاف وَفتحهَا، مَعْنَاهُ إقراؤها فِي زمن الْعدة مَا كَانَت قبل الْعدة أَي: لَو ادَّعَت فِي زمن الِاعْتِدَاد أَقراء مَعْدُودَة فِي مُدَّة مُعينَة فِي شهر مثلا، فَإِن كَانَت مُعْتَادَة بِمَا ادعتها فَذَاك، وَإِن ادَّعَت فِي الْعدة مَا يُخَالف مَا قبلهَا لم تقبل، وَهَذَا الْأَثر الْمُعَلق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن عَطاء.
وبِهِ قالَ إبْرَاهِيمُ
أَي: بِمَا قَالَ عَطاء قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَوَصله عبد الرَّزَّاق أَيْضا عَن أبي مسعر عَن إِبْرَاهِيم نَحوه.
وقالَ عَطاءٌ الْحَيْضُ يَوْمٌ الَى خمْسَ عَشْرَةَ
هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن أقل الْحيض عِنْد عَطاء يَوْم، وَأَكْثَره خَمْسَة عشر، يَعْنِي أقل الْحيض يَوْم وَأَكْثَره خَمْسَة عشر، وَهَذَا الْمُعَلق وَصله الدَّارمِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ: (أقْصَى الْحيض خَمْسَة عشر وَأدنى الْحيض يَوْم وَلَيْلَة)) . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ: حدثناالحسين حَدثنَا إِبْرَاهِيم حَدثنَا النُّفَيْلِي حَدثنَا معقل بن عبد الله عَن عَطاء: (أدنى وَقت الْحيض يَوْم وَأَكْثَره خَمْسَة عشر) . وَحدثنَا ابْن حَمَّاد حَدثنَا الحرمي حَدثنَا ابْن يحيى حَفْص عَن أَشْعَث عَن عَطاء. قَالَ: (أَكثر الْحيض خمس عشرَة) . وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي أقل مُدَّة الْحيض وَأَكْثَره، فمذهب أبي حنيفَة: أَقَله ثَلَاثَة أَيَّام وَمَا نقص عَن ذَلِك فَهُوَ اسْتِحَاضَة، وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام. وَعَن أبي يُوسُف: أَقَله يَوْمَانِ وَالْأَكْثَر من الْيَوْم الثَّالِث، وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِمَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: (الْحيض ثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وست وَسبع وثمان وتسع وَعشر، فَإِن زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة) . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: لم يروه غير هَارُون بن زِيَاد، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، وَبِمَا رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة، رَضِي الله عَنهُ، أَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: [حم (أقل الْحيض لِلْجَارِيَةِ الْبكر وَالثَّيِّب ثَلَاث، وَأَكْثَره مَا يكون عشرَة أَيَّام، فَإِذا زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة) [/ حم. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي سَنَده عبد الْملك مَجْهُول، والْعَلَاء بن الْكثير ضَعِيف الحَدِيث، وَمَكْحُول لم يسمع من أبي أُمَامَة. وَبِمَا رُوِيَ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام) . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي سَنَده حَمَّاد بن منهال مَجْهُول، وَبِمَا رُوِيَ عَن معَاذ بن جبل أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: [حم (لَا حيض دون ثَلَاثَة أَيَّام، وَلَا حيض فَوق عشرَة أَيَّام، فَمَا زَاد على ذَلِك فَهِيَ اسْتِحَاضَة، تتوضأ لكل صَلَاة إلاّ أَيَّام إقرائها. وَلَا نِفَاس دون أسبوعين، وَلَا نِفَاس فَوق أَرْبَعِينَ يَوْمًا. فَإِن رَأَتْ النُّفَسَاء الطُّهْر دون الْأَرْبَعين صَامت وصلت وَلَا يَأْتِيهَا زَوجهَا إلاّ بعد أَرْبَعِينَ) [/ حم. رَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) وَفِي سَنَده مُحَمَّد بن سعيد عَن البُخَارِيّ، وَقَالَ ابْن معِين: إِنَّه يضع الحَدِيث، وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: [حم (أقل الْحيض ثَلَاث وَأَكْثَره عشر، وَأَقل مَا بَين الحيضتين خَمْسَة عشر يَوْمًا) [/ حم. وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (الْعِلَل المتناهية) وَفِيه أَبُو دَاوُد النَّخعِيّ واسْمه سُلَيْمَان، قَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث. وَبِمَا روى أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَرْبَعَة وَخَمْسَة وَسِتَّة وَسَبْعَة وَثَمَانِية وَتِسْعَة وَعشرَة، فَإِذا جَاوز الْعشْرَة فَهِيَ اسْتِحَاضَة) ، رَوَاهُ ابْن عدي، وَفِيه الْحسن بن دِينَار ضَعِيف. وَبِمَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أَكثر الْحيض عشر وَأقله ثَلَاث) ، ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي (التَّحْقِيق) ، وَفِيه حُسَيْن بن علوان، قَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث. وَأجَاب الْقَدُورِيّ فِي (التَّجْرِيد) أَن ظَاهر الْإِسْلَام يَكْفِي لعدالة الرَّاوِي مَا لم يُوجد فِيهِ قَادِح، وَضعف الرَّاوِي لَا يقْدَح إلاّ أَن يُقَوي وَجه الضعْف. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) : إِن الحَدِيث إِذا رُوِيَ من طرق ومفرداتها ضِعَاف يحْتَج بِهِ، على أَنا نقُول: قد شهد لمذهبنا عدَّة أَحَادِيث من الصَّحَابَة بطرق مُخْتَلفَة كَثِيرَة يُقَوي بَعْضهَا بَعْضًا، وَإِن كَانَ كل وَاحِد ضَعِيفا، لَكِن يحدث عِنْد الِاجْتِمَاع مَا لَا بِحَدَث عِنْد الِانْفِرَاد، على أَن بعض طرقها صَحِيحَة، وَذَلِكَ يَكْفِي للاحتجاج، خُصُوصا فِي المقدرات، وَالْعَمَل بِهِ أولى من الْعَمَل بالبلاغات والحكايات المروية عَن نسَاء مَجْهُولَة، وَمَعَ هَذَا نَحن لَا نكتفي بِمَا ذكرنَا، بل نقُول: مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ بالآثار المنقولة عَن الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، فِي هَذَا الْبَاب، وَقد أمعنا الْكَلَام فِيهِ فِي (شرحنا للهداية) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute