وَبِذَلِك جزم الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : كَذَا ذكره البُخَارِيّ مُعَلّقا عَن شَيْخه، فَقَالَ: وَقَالَ عَفَّان، وَقَالَهُ أَيْضا أَبُو الْعَبَّاس الطرقي، وَخلف فِي كتاب (الْأَطْرَاف) : وَالَّذِي فِي نسخه سَمَاعنَا: حَدثنَا عَفَّان، وعَلى تَقْدِير صِحَة الأول فقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي (صَحِيحه) فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ، حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا عَفَّان إِلَى آخِره.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَفَّان، بتَشْديد الْفَاء: ابْن مُسلم، بِكَسْر اللَّام الْخَفِيفَة: الصفار. الثَّانِي: دَاوُد بن أبي الْفُرَات، بِلَفْظ النَّهر الْمَشْهُور، وَاسم أبي الْفُرَات: عَمْرو، وَهُوَ كندي وَلَهُم شيخ آخر يُقَال لَهُ: دَاوُد بن أبي الْفُرَات، وَاسم أَبِيه: بكر، وَاسم جده: أَبُو الْفُرَات، وَهُوَ أشجعي من أهل الْمَدِينَة أقدم من الْكِنْدِيّ. الثَّالِث: عبد الله بن بُرَيْدَة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، مر فِي أَوَاخِر كتاب الْحيض. الرَّابِع: أَبُو الْأسود ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان من سَادَات التَّابِعين، ولي الْبَصْرَة وَهُوَ أول من تكلم فِي النَّحْو بعد عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ، وَهُوَ الْمَشْهُور بالدؤلي، وَفِيه اختلافات: فَقيل، بِضَم الدَّال وَسُكُون الْوَاو وبالضم والهمزة الْمَفْتُوحَة، قَالَ الْأَخْفَش: هُوَ بِالضَّمِّ وَكسر الْهمزَة، إلَاّ أَنهم فتحُوا الْهمزَة فِي النِّسْبَة استثقالاً للكسرتين، وياء النِّسْبَة، وَرُبمَا قَالُوا: بِضَم الدَّال وَفتح الْوَاو المقلوبة عَن الْهمزَة، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: بِكَسْر الدَّال وقلب الْهمزَة يَاء. الْخَامِس: عمر ابْن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: عَفَّان بن مُسلم الصفار مَذْكُور فِي بعض النّسخ بالصفار وَفِي بَعْضهَا بِدُونِهِ. وَفِيه: رِوَايَة عبد الله بن بُرَيْدَة معنعنة عَن أبي الْأسود، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب (التتبع) عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ أَن ابْن بُرَيْدَة إِنَّمَا يروي عَن يحيى بن يعمر عَن أبي الْأسود، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: سَمِعت أَبَا الْأسود، قيل: إِن ابْن بُرَيْدَة ولد فِي عهد عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فقد أدْرك أَبَا الْأسود بِلَا ريب، لَكِن البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَا يَكْتَفِي بالمعاصرة فَلَعَلَّهُ أخرجه شَاهدا، وَاكْتفى للْأَصْل بِحَدِيث أنس الَّذِي قبله. وَفِيه: قَالَ الْكرْمَانِي: وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم بصريون. قلت: دَاوُد مروزي، وَلكنه تحول إِلَى الْبَصْرَة، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشَّهَادَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز، وَقَالَ: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى وَهَارُون بن عبد الله الْبَزَّار، قَالَا: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ حَدثنَا دَاوُد بن أبي الْفُرَات حَدثنَا عبد الله بن بُرَيْدَة (عَن أبي الْأسود الديلِي، قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فَجَلَست إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَمروا بِجنَازَة فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا، فَقَالَ عمر: وَجَبت، فَقلت لعمر: مَا وَجَبت؟ قَالَ: أَقُول كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَا من مُسلم يشْهد لَهُ ثَلَاثَة إلَاّ وَجَبت لَهُ الْجنَّة. قُلْنَا: وإثنان؟ قَالَ: وإثنان، قَالَ: وَلم نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوَاحِد) . قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأخرجه النَّسَائِيّ وَفِي لَفظه:(أَرْبَعَة) مثل لفظ البُخَارِيّ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قدمت الْمَدِينَة) أَي: مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله:(وَقد وَقع مرض) ، جملَة حَالية، وَزَاد البُخَارِيّ فِي الشَّهَادَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات:(وهم يموتون موتا ذريعا) ، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، أَي: سَرِيعا. قَوْله:(فَجَلَست إِلَى عمر) ، يحْتَمل أَن يكون إِلَى هَهُنَا على بَابه بِمَعْنى الِانْتِهَاء والغاية، وَالْمعْنَى انْتهى جلوسي إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْأَوْجه أَن يكون إِلَى هَهُنَا بِمَعْنى: عِنْد، أَي: جَلَست عِنْد عمر كَمَا قَالَ فِي قَول الشَّاعِر: