للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} (العلق: ٦ و ٧) . والفقر والغنى محنتان وبليتان كَانَ الشَّارِع يتورع مِنْهُمَا، وَمن عَاشَ فيهمَا بالاقتصاد فقد فَازَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَفِيه: الْكتاب بالسؤال عَن الْعلم وَالْجَوَاب عَنهُ. وَفِيه: قبُول خبر الْوَاحِد وَقبُول الْكتاب وَهُوَ حجَّة فِي الْإِجَازَة. وَفِيه: أَخذ بعض الصَّحَابَة عَن بعض. وَفِيه: دَلِيل على أَن قلَّة السُّؤَال لَا تدخل تَحت النَّهْي خُصُوصا إِذا كَانَ مُضْطَرّا يخَاف على نَفسه التّلف بِتَرْكِهِ، بل السُّؤَال فِي هَذِه الْحَالة وَاجِب لِأَنَّهُ لَا يحل لَهُ إِتْلَاف نَفسه وَهُوَ يجد السَّبِيل إِلَى حَيَاتهَا.

٨٧٤١ - حدَّثنا محَمَّدُ بنُ غُزَيْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ عَن أبيهِ عنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عامِرُ بنُ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ قَالَ أعْطَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَهطا وَأنا جالِسٌ فِيهِمْ قَالَ فترَكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنهُم رجُلاً لَمْ يُعْطِهِ وَهْوَ أعْجَبُهُمْ إلَيَّ فقُمْتُ إلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسَاوَرْتُهُ فقُلْتُ مالَكَ عنْ فُلانٍ وَالله إنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنا قَالَ أوْ مُسْلِما قَالَ فسَكَتُّ قلِيلاً ثُمَّ غَلَبنِي مَا أعْلَمُ فيهِ فقُلْتُ يَا رسولَ الله مَا لَكَ عنْ فُلانٍ وَالله إنِّي لأُرَاهُ مُؤْمِنا قَالَ أوْ مُسْلِما قَالَ فسَكَتُّ قَليلاً ثُمَّ غلبَني مَا أعْلَمُ فيهِ فقُلْتُ يَا رسولَ الله مالَكَ عَن فُلانٍ وَالله لأُراهُ مُؤْمِنا قَالَ أوْ مُسْلِما يَعْنِي فَقَالَ إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وغَيْرَهُ أحَبُّ إليَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ.

(انْظُر الحَدِيث ٧٢) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الرجل الَّذِي تَركه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُعْطه شَيْئا، وَهُوَ أَيْضا ترك السُّؤَال أصلا مَعَ مُرَاجعَة سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَبَبِهِ ثَلَاث مَرَّات، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب إِذا لم يكن الْإِسْلَام على الْحَقِيقَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهنا أخرجه: عَن مُحَمَّد بن غرير، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء الأولى وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: الزُّهْرِيّ، بِضَم الزَّاي وَسُكُون الْهَاء، وَقد تقدم فِي: بَاب مَا ذكر فِي ذهَاب مُوسَى فِي كتاب الْعلم. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي كتاب الْإِيمَان.

وعَنْ أبيهِ عَن صالِحٍ عنْ إسْمَاعِيلَ بنِ مُحَمَّدٍ أنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أبي يُحَدِّثُ هاذا فَقَالَ فِي حدِيثِهِ فضَرَبَ رسولُ الله بيَدِهِ فجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وكَتِفي ثُمَّ قَالَ أقْبِلْ أيْ سَعْدُ إنِّي لأُعطِي الرَّجُلَ

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور. قَوْله: (وَعَن أَبِيه) ، عطف على الْمَذْكُور أَولا فِي الْإِسْنَاد أَي: قَالَ يَعْقُوب عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم عَن صَالح بن كيسَان عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: أَبوهُ مُحَمَّد فروايته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلَة إِذْ لَا بُد من توَسط ذكر سعد حَتَّى يصير مُسْندًا مُتَّصِلا؟ قلت: لفظ، هَذَا، هُوَ إِشَارَة إِلَى قَول سعد، فَهُوَ مُتَّصِل وَبِهَذَا السَّنَد رَوَاهُ مُسلم عَن الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي عَن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن صَالح عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن سعد يحدث بِهَذَا ... يَعْنِي حَدِيث الزُّهْرِيّ الْمَذْكُور، فَقَالَ فِي حَدِيثه: فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ بَين عنقِي وكتفي ثمَّ قَالَ: أقتالاً أَي سعد إِنِّي لأعطي الرجل؟ وَفِي الْجمع للحميدي فِي أَفْرَاد مُسلم: عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد عَن أَبِيه عَن جده بِنَحْوِ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد. قَوْله: (يحدث) ، هَذَا إِشَارَة إِلَى قَول سعد كَمَا ذكرنَا. قَوْله: (فِي حَدِيثه) أَي: فِي جملَة حَدِيثه. قَوْله: (فَجمع) ، بفاء الْعَطف، وَفعل الْمَاضِي، وَقَالَ ابْن التِّين: رِوَايَة أبي ذَر: فَجمع، وَفِي رِوَايَة غَيره: جمع، بِدُونِ الْفَاء، ويروى: (فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فَجمع بَين عنقِي وكتفي) . قَالَ ابْن قرقول: أَي: حَيْثُ يَجْتَمِعَانِ، وَكَذَلِكَ مجمع الْبَحْرين حَيْثُ يجْتَمع بَحر وبحر، وتوجيه هَذِه الرِّوَايَة إِن يكون لفظ: بَين، إسما لَا ظرفا، كَقَوْلِه تَعَالَى: {لقد تقطع بَيْنكُم} (الْأَنْعَام: ٤٩) . على قراء الرّفْع فَيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>