مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُوجد من حَيْثُ إِن التَّرْجَمَة فِي قَضِيَّة مِيم وفيهَا التَّعَرُّض لميلاد عِيسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنه كَانَ يكلم النَّاس وَهُوَ فِي المهد صبي، وَالصَّبِيّ رَضِيع، وَالصَّبِيّ الَّذِي فِي قَضِيَّة جريج كَذَلِك، وَكَذَلِكَ كَانَ صبي الْمَرْأَة الْحرَّة، وَصبي الْأمة، وَصدر الحَدِيث الَّذِي يشْتَمل على قَضِيَّة جريج قد مر فِي الْمَظَالِم فِي: بَاب إِذا هدم حَائِطا فليبن مثله، بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَمر أَيْضا فِي أَوَاخِر كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب إِذا دعت الْأُم وَلَدهَا فِي الصَّلَاة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنشرح الَّذِي مَا شرح، ونكرر مَا شرح أَيْضا فِي بعض الْمَوَاضِع لطول الْعَهْد بِهِ.
قَوْله: (لم يتَكَلَّم فِي المهد إلَاّ ثَلَاثَة) ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: فِي هَذَا الْحصْر نظر. قلت: لَيْسَ من الْأَدَب أَن يُقَال: فِي كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نظر، بل الَّذِي يُقَال فِيهِ: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذكر الثَّلَاثَة قبل أَن يعلم بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا، فَكَانَ الْمَعْنى لم يتَكَلَّم إلَاّ ثَلَاثَة على مَا أُوحِي إِلَيْهِ، وإلَاّ فقد تكلم من الْأَطْفَال سَبْعَة. مِنْهُم: شَاهد يُوسُف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَابْن حبَان من حَدِيث ابْن عَبَّاس: لم يتَكَلَّم فِي المهد إلَاّ أَرْبَعَة، فَذكر مِنْهَا شَاهد يُوسُف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمِنْهُم: الصَّبِي الرَّضِيع الَّذِي قَالَ لأمه، وَهِي ماشطة بنت فِرْعَوْن، لما أَرَادَ فِرْعَوْن إِلْقَاء أمه فِي النَّار: إصبري يَا أُمَّاهُ فَأَنا على الْحق. أخرج الْحَاكِم نَحوه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة. وَمِنْهُم: الصَّبِي الرَّضِيع فِي قصَّة أَصْحَاب الْأُخْدُود: أَن امْرَأَة جِيءَ بهَا لتُلقى فِي النَّار، فَتَقَاعَسَتْ فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّاهُ إصبري فَإنَّك على الْحق. وَمِنْهُم: يحيى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخرج الثَّعْلَبِيّ فِي (تَفْسِيره) : عَن الضَّحَّاك أَن يحيى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكلم فِي المهد. قَوْله: (جَاءَتْهُ أمه) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، فَجَاءَتْهُ أمه، وَفِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث أبي رَافع: كَانَ جريج يتعبد فِي صومعته فَأَتَتْهُ أمه، وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد: روى الحَدِيث عمرَان بن حُصَيْن مَعَ أبي هُرَيْرَة، وَلَفظه: كَانَت أمه تَأتيه فتناديه فيشرف عَلَيْهَا فيكلمها، فَأَتَتْهُ يَوْمًا وَهُوَ فِي صلَاته، وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد من حَدِيث أبي رَافع: فَأَتَتْهُ أمه ذَات يَوْم فنادته، فَقَالَت: أَي جريج أشرف عَليّ أُكَلِّمك أَنا أمك. . قَوْله: (أجيبها أَو أُصَلِّي) ، وَفِي رِوَايَة أبي رَافع، فصادفته يُصَلِّي فَوضعت يَدهَا على حاجبها فَقَالَ: يَا جريج. فَقَالَ: يَا رب أُمِّي وصلاتي فَاخْتَارَ صلَاته، وَرجعت ثمَّ أَتَتْهُ فصادفته يُصَلِّي، فَقَالَت: يَا جريج أَنا أمك فكلمني. وَفِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنَّهَا جَاءَتْهُ ثَلَاث مَرَّات تناديه فِي كل مرّة ثَلَاث مَرَّات، وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: فَقَالَ: أُمِّي وصلاتي؟ لرَبي أوثر صَلَاتي على أُمِّي؟ فَإِن قلت: الْكَلَام فِي الصَّلَاة مُبْطل فَكيف هَذَا؟ قلت: كَانَ الْكَلَام مُبَاحا فِي الصَّلَاة فِي شرعهم، وَكَذَلِكَ كَانَ فِي صدر الْإِسْلَام، وَقيل: إِنَّه مَحْمُول على أَنه قَالَه فِي نَفسه، لَا أَنه نطق بِهِ. قَوْله: (حَتَّى تريه وُجُوه المومسات) ، وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج: حَتَّى تنظر فِي وُجُوه المياميس، وَفِي رِوَايَة أبي رَافع: حَتَّى تريه المومسة، بِالْإِفْرَادِ، وَفِي حَدِيث عمرَان: فَغضِبت فَقَالَت: أللهم لَا يموتن جريج حَتَّى ينظر فِي وُجُوه المومسات، وَهِي جمع مومسة وَهِي الزَّانِيَة، وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج: فَقَالَت: أَبيت أَن تطلع عَليّ وَجهك؟ لَا أماتك الله حَتَّى تنظر فِي وَجهك زواني الْمَدِينَة، فتعرضت لَهُ امْرَأَة فكلمته فَأبى، فَأَتَت رَاعيا فأمكنته من نَفسهَا. وَفِي رِوَايَة وهب بن جريج بن حَازِم عَن أَبِيه: فَذكر بَنو إِسْرَائِيل عبَادَة جريج، فَقَالَت بغي مِنْهُم: إِن شِئْتُم لأفتننه، قَالُوا: قد شِئْنَا، فَأَتَتْهُ فتعرضت لَهُ فَلم يلْتَفت إِلَيْهَا، فأمكنت نَفسهَا من رَاع كَانَ يؤوي غنمه إِلَى أصل صومعة جريج، وَفِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن: أَنَّهَا كَانَت بنت ملك الْقرْيَة، وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج: وَكَانَت تأوي إِلَى صومعته راعية ترعى الْغنم، وَفِي رِوَايَة أبي سَلمَة: وَكَانَ عِنْد صومعته راعي ضَأْن وراعية معزى فَولدت غُلَاما، فِيهِ حذف تَقْدِيره: فَحملت حَتَّى انْقَضتْ أَيَّامهَا فَولدت. قَوْله: (من جريج) فِيهِ حذف أَيْضا تَقْدِير: فَسُئِلت مِمَّن هَذَا؟ فَقَالَت: من جريج، وَفِي رِوَايَة أبي رَافع فَقيل لَهَا: مِمَّن هَذَا؟ فَقَالَت: هُوَ من صَاحب الدَّيْر، وَزَاد فِي رِوَايَة أَحْمد: فَأخذت وَكَانَ من زنا مِنْهُم قتل، فَقيل لَهَا: مِمَّن هَذَا؟ قَالَت: هُوَ من صَاحب الصومعة. وَزَاد الْأَعْرَج: نزل إِلَيّ فَأَصَابَنِي، وَزَاد أَبُو سَلمَة لي فِي رِوَايَته: فَذَهَبُوا إِلَى الْملك فأخبروه فَقَالَ أدركوه فائتوني بِهِ قَوْله وكسروا صومعته) . وَفِي رِوَايَة أبي رَافع فَأَقْبَلُوا بفؤسهم ومساحيهم إِلَى الدَّيْر فَنَادَوْهُ فَلم يكلمهم، فَأَقْبَلُوا يهدمون ديره، وَفِي حَدِيث عمرَان: فَمَا شعر حَتَّى سمع بالفؤوس فِي أصل صومعته، فَجعل يسألهم: وَيْلكُمْ مَا لكم؟ فَلم يُجِيبُوهُ، فَلَمَّا رأى ذَلِك أَخذ الْحَبل فَتَدَلَّى. قَوْله: (فسبوه) ، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن وهب بن جرير: وضربوه، فَقَالَ: مَا شَأْنكُمْ؟ قَالُوا: إِنَّك زَنَيْت بِهَذِهِ، وَفِي رِوَايَة أبي رَافع عَنهُ: فَقَالُوا: أَي جريج إنزل فَأبى وَأخذ يقبل على صلَاته، فَأخذُوا فِي هدم صومعته، فَلَمَّا رأى ذَلِك نزل، فَجعلُوا فِي عُنُقه وعنقها حبلاً فَجعلُوا يطوفون بهما فِي النَّاس، وَفِي رِوَايَة أبي سَلمَة: فَقَالَ لَهُ الْملك:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute