الحَدِيث وَذكر ابْن مَنْدَه فِي (تَارِيخ النِّسَاء) لَهُ: أَن زَيْنَب بنت جَابر أدْركْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وروت عَن أبي بكر، وروى عَنْهَا عبد الله بن جَابر وَهِي عمته، قَالَ: وَقيل: هِيَ بنت المُهَاجر بن جَابر، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل أَن فِي رِوَايَة شريك وَغَيره عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد فِي حَدِيث الْبَاب: أَنَّهَا زَيْنَب بنت عَوْف، قَالَ: وَذكر ابْن عُيَيْنَة عَن إِسْمَاعِيل أَنَّهَا جدة إِبْرَاهِيم بن المُهَاجر، قيل: الْجمع بَين هَذِه الْأَقْوَال مُمكن بِأَن من قَالَ: بنت المُهَاجر، نَسَبهَا إِلَى أَبِيهَا، وَبنت جَابر نَسَبهَا إِلَى جدها الْأَدْنَى، أَو: بنت عَوْف نَسَبهَا إِلَى جدها الْأَعْلَى. قَوْله: (مصمتة) بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل بِمَعْنى: صامتة، يَعْنِي: ساكتة يُقَال: أصمت إصماتاً وَصمت صموتاً وصمتاً وصماتاً، وَالِاسْم: الصمت بِالضَّمِّ، قَوْله: (فَإِن هَذَا) أَي: ترك الْكَلَام (لَا يحل) قَوْله: (هَذَا) أَي: الصمات من عمل الْجَاهِلِيَّة، وَقد احْتج بِهَذَا على أَن من حلف لَا يتَكَلَّم اسْتحبَّ لَهُ أَن يتَكَلَّم، وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ، لِأَن أَبَا بكر لم يأمرها بِالْكَفَّارَةِ. وَقَالَ ابْن قدامَة فِي (الْمُغنِي) : لَيْسَ من شَرِيعَة الْإِسْلَام صمت الْكَلَام، وَظَاهر الْأَخْبَار تَحْرِيمه. وَاحْتج بِحَدِيث أبي بكر وَبِحَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. يرفعهُ: لَا يتم بعد احْتِلَام وَلَا يصمت يَوْم إِلَى اللَّيْل، أخرجه أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: فَإِن نذر ذَلِك لم يلْزمه الْوَفَاء، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَلَا نعلم فِيهِ خلافًا. فَإِن قلت: روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: من صمت نجا. وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا مُرْسلا بِرِجَال ثقاة: أيسر الْعِبَادَة الصمت. قلت: الصمت الْمُبَاح المرغوب فِيهِ ترك الْكَلَام الْبَاطِل، وَكَذَا الْمُبَاح الَّذِي يجر إِلَى شَيْء من ذَلِك، والصمت الْمنْهِي عَنهُ ترك الْكَلَام عَن الْحق لمن يستطيعه، وَكَذَا الْمُبَاح الَّذِي يَسْتَوِي طرفاه. قَوْله: (إنكِ) بِكَسْر الْكَاف لِأَنَّهُ خطاب لِزَيْنَب الْمَذْكُورَة. قَوْله: (لسؤول) أَي: كَثِيرَة السُّؤَال، وَصِيغَة فعول يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذكر والمؤنث، وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. قَوْله: (الْأَمر الصَّالح) أَي: دين الْإِسْلَام، وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْعدْل واجتماع الْكَلِمَة وَنصر الْمَظْلُوم وَوضع كل شَيْء فِي مَحَله. قَوْله: (بقاؤكم عَلَيْهِ مَا استقامت بكم أئمتكم) وَقت الْبَقَاء بالاستقامة إِذْ هم باستقامتهم تُقَام الْحُدُود وَتُؤْخَذ الْحُقُوق وَيُوضَع كل شَيْء فِي مَوْضِعه، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مَا اسقامت لكم، وَقَالَ الْمُغيرَة: كُنَّا فِي بلَاء شَدِيد نعْبد الشّجر وَالْحجر ونمص الْجلد والنوى، فَبعث إِلَيْنَا رب السَّمَوَات رَسُولا منا، فَأمرنَا بِعبَادة الله وَحده وَترك مَا يعبد أباؤنا، وَذكر الحَدِيث وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ على عهد أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من الْأَمر واجتماع الْكَلِمَة، وَأَن لَا يظلم أحد أحدا.
٥٣٨٣ - حدَّثني فَرْوَةُ بنُ أبِي المغْرَاءِ أخْبرَنا علِيُّ بنُ مُسْهِرٍ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ أسْلَمَتْ امْرأةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ العَرَبِ وكانَ لَهَا حِفْأ فِي المَسْجِدِ قالَتْ فَكانَتْ تأتِينَا فتَحَدَّثُ عِنْدَنا فإذَا فَرَغَتْ مِنْ حدِيثِهَا قالَتْ:
(ويَوْمُ الوشاحِ مِنْ تَعاجِيبِ رَبِّنا ... ألَا إنَّهُ مِنْ بَلْدَةَ الكُفْرِ أنْجَانِي)
فلَمَّا أكْثَرَتْ قالَتْ لَهَا عائِشَةٌ وَمَا يَوْمُ الوِشَاحِ قالَتْ خَرَجَتْ جُوَيْرِيةٌ لِبَعْضِ أهْلِي وعلَيْهَا وِشاحٌ مِنْ أدَمٍ فسَقَطَ مِنْهَا فانْحَطَّتْ علَيْهِ الحُدَيَّا وهْيَ تَحْسِبُهُ لَحْمَاً فأخَذَتْ فاتَّهَمُونِي بِهِ فعَذَّبُونِي حتَّى بَلَغَ مِنْ أمْرِي أنَّهُمْ طلَبُوا فِي قُبُلِي فبَيْنَمَا هُمْ حَوْلِي وأنَا فِي كَرْبِي إذْ أقْبَلَتِ الحُدَيَّا حتَّى وازَتْ بِرُؤوسِنَا ثُمَّ ألْقَتْهُ فأخَذُوهُ فقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وأنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ. (انْظُر الحَدِيث ٩٣٤) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْجَاهِلِيَّة من الْجفَاء فِي الْفِعْل وَالْقَوْل، أَلا ترى أَن الَّذين أتهموا هَذِه الْمَرْأَة السَّوْدَاء كَيفَ جفوها وعذبوها وبالغوا فِيهِ حَتَّى فتشوا فِي قبلهَا؟ قَوْله: (وفروة) ، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء ابْن أبي المغراء، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالراء وبالمد: أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ الْكُوفِي من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي أَبْوَاب الْمَسَاجِد فِي: بَاب نوم الْمَرْأَة فِي الْمَسْجِد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام ... إِلَخ، بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (حفش)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute