السفن وَلَا يمس ذَلِك وَلَكِن يُؤْخَذ بعوده فَقلت: يدهن بِهِ غير السفن؟ قَالَ لَا أعلم قلت وَابْن يدهن بِهِ من السفن قَالَ: ظُهُورهَا وَلَا يدهن بطونها. قلت: فَلَا بُد أَن يمس! قَالَ: يغسل يَدَيْهِ من مَسّه. وَقد رُوِيَ عَن جَابر الْمَنْع من الدّهن بِهِ وَعَن سَحْنُون. أَن مَوتهَا فِي الزَّيْت الْكثير غير ضار، وَلَيْسَ الزَّيْت كَالْمَاءِ وَعَن عبد الْملك. إِذا وَقعت فَأْرَة أَو دجَاجَة فِي زَيْت أَو بِئْر فَإِن لم يتَغَيَّر طعمه وَلَا رِيحه أزيل ذَلِك مِنْهُ وَلم يَتَنَجَّس، وَإِن مَاتَت فِيهِ تنجس وَإِن كثر وَوَقع فِي كَلَام ابْن الْعَرَبِيّ: أَن الْفَأْرَة عِنْد مَالك طَاهِرَة خلافًا لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَلَا نعلم عندنَا حخلافاً فِي طَهَارَتهَا فِي حَال حَيَاتهَا.
٢٣٦ - حدّثنا عَلِي بنُ عَبْدَ اللَّهِ قالحدثنا مالِكُ عَن ابنِ شِهابِ عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَتْبَةَ بنِ مَسْعُودِ عَن ابنِ عَبَّاسِ عنْ مَيْمُونَةَ أنَّ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ خُذُوها وَمَا حَوْلَها فَاطْرَحُوهُ
(انْظُر الحَدِيث رقم: ٢٣٥) .
هَذَا هُوَ الطَّرِيق الثَّانِي لحَدِيث مَيْمُونَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوْفِي، وَعلي هُوَ ابْن عبد الله الْمَدِينِيّ، تقدم فِي بَاب الْفَهم فِي الْعلم، ومعن، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخِره نون بن عِيسَى أَبُو يحيى القزار، بِالْقَافِ والزايين المنقوطتين أولاهما مُشَدّدَة، الْمدنِي كَانَ لَهُ علمَان حاكة وَهُوَ يَشْتَرِي القز ويلقي إِلَيْهِم، كَانَ يتوسد عتبَة مَالك، قَرَأَ الْمُوَطَّأ على مَالك للرشيد وبنيه، وَكَانَ مَالك لَا يُجيب الْعِرَاقِيّين حَتَّى يكون هُوَ سائله، مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة.
وفيهالتحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، والعنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِي الطَّرِيق الأولى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ وَفِي هَذِه الطَّرِيق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن فَأْرَة، وَقَالَ بعضم السَّائِل عَن ذَلِك هِيَ مَيْمُونَة، وَوَقع فِي رِوَايَة يحيى الْقطَّان وَجُوَيْرِية عَن مَالك فِي هَذَا الحَدِيث أَن مَيْمُونَة استفتت رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره قلت فِي رِوَايَة البُخَارِيّ من طَرِيقين تَصْرِيح بِأَن السَّائِل غير مَيْمُونَة، مَعَ أَنه يحْتَمل أَن لَا يكون غَيرهَا، وَلَكِن لَا يُمكن الْجَزْم بِأَنَّهَا هِيَ السائلة كَمَا جزم بِهِ هَذَا الْقَائِل.
قَوْله: (خذوها) أَي الْفَأْرَة وَمَا حولهَا أَي: وَمَا حول الْفَأْرَة وَقد قُلْنَا إِنَّه يدل على أَن السّمن كَانَ جَامِدا قَوْله: (فاطرحوه) الضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى الْمَأْخُوذ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ قَوْله: (خذوها) والمأخوذ هُوَ الْفَأْرَة وَمَا حولهَا ويرمى الْمَأْخُوذ ويؤكل الْبَاقِي كَمَا دلّت عَلَيْهِ الرِّوَايَة الأولى فَإِن قلت: من أَيْن يعلم من هَذِه الرِّوَايَة جَوَاز أكل الْبَاقِي؟ قلت: لِأَن الطرح لأجل عدم جَوَاز مأكوليته، وَيفهم مِنْهُ جَوَاز مأكولية الْبَاقِي بِدَلِيل الرِّوَايَة الْأُخْرَى.
قَالَ مَعْنٌ حَدثنَا مَالِكٌ مَا لَا أحْصِيهِ يَقُولُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ عنْ مَيْمُونَةَ رِضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُم
أَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا الْكَلَام إِلَى أَن الصَّحِيح فِي هَذَا عَن ابْن عَبَّاس عَن ميمونةٍ وَإِن كَانَت هَذِه الطَّرِيقَة أنزل من الطَّرِيقَة الأولى وَذَلِكَ لِأَن فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث اخْتِلَافا كثيرا بيَّنه الدَّارَقُطْنِيّ حَيْثُ رُوِيَ تَارَة بِإِسْقَاط مَيْمُونَة من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذِه رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مَالك من غير ذكر مَيْمُونَة وَكَذَا فِي رِوَايَة القعْنبِي عَن مَالك، وَتارَة بِإِسْقَاط ابْن عَبَّاس، كَمَا لم يذكر فِي رِوَايَة ابْن وهب عَن ابْن عَبَّاس، وَمِنْهُم من لم يذكر ابْن عَبَّاس وَلَا مَيْمُونَة كيحيى ابْن بكير وَأبي مُصعب وَرَوَاهُ عبد الْملك بن الْمَاجشون عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله عَن ابْن مَسْعُود، وَقَالَ: عبد الحبار عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه، وَوهم عبد الْملك وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة وَلَفظه: (سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْفَأْرَة تقع فِي السّمن، قَالَ: إِذا كَانَ جَامِدا فالقوها، وَإِن كَانَ مَائِعا فَلَا تقربوه) وَقَالَ أَبُو عمر: هَذَا اضْطِرَاب شَدِيد من مَالك فِي سَنَد هَذَا الحَدِيث. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: هَذَا الحَدِيث مَعْلُول، وَفِي رِوَايَة: سُئِلَ الزُّهْرِيّ عَن الداربة تَمُوت فِي الزَّيْت وَالسمن وَهُوَ جامد أَو غير جامد: فَقَالَ: بلغنَا إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بفأرة مَاتَت فِي سمن فَأمر بِمَا قرب مِنْهَا فَطرح، ثمَّ أكل. وَلما كَانَ الْأَمر كَذَلِك بَين البُخَارِيّ أَن الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا ابْن عَبَّاس عَن مَيْمُونَة هِيَ الْأَصَح أَلا ترى أَن معن بن عِيسَى يَقُول: (حَدثنَا مَالك) يَعْنِي بِهَذَا الحَدِيث (مَا لَا أحصيه) يَعْنِي: أمراراً كَثِيرَة لَا يضبطها لكثرتها: يَقُول عَن ابْن عَبَّاس عَن مَيْمُونَة: وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ معن: هُوَ كَلَام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute