للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي سفيان أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لُبس الذهب إلا مقطَّعًا. رواه أحمد وأبو داود والنسائي (١)، واحتجَّ به أحمد، وفسَّر قوله: «إلّا مقطّعًا» باليسير (٢).

ولأنه أحد الأصناف الثلاثة، فحلَّ منه اليسير التابع لغيره، كيسير الحرير ويسير الفضة في الآنية. والفرق بين يسيرِ الذهب في الآنية ويسيرِه في اللباس ونحوِه ظاهر، لأنَّ الآنيةَ تحرُم من الفضة ومن الذهب على الرجال والنساء، واللباسَ يباح للنساء من الذهب والفضة مطلقًا، ويباح للرجال يسيرُ الفضَّة منه مفردًا كالخاتم ونحوه، ولا يصح إلحاق أحدهما بالآخر.

وعنه رواية ثالثة: أنه يباح اليسيرُ لحاجةٍ، سواء كان مفردًا أو تابعًا، ولا يباح للتزيُّن، وهي المنصوصة عنه صريحًا، وكذلك ذكر القاضي في اللباس. قال في رواية صالح وعبد الله (٣) وأبي طالب وأبي الحارث ــ واللفظ له ــ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لُبس الذهب إلا مقطَّعًا قال: الشيء اليسير، كشدِّ أسنانه، وما كان مثلَه مما لا يتزيَّن به الرجل. فأمَّا الخاتم ونحوه، فلا. وذلك لأنه قد دلَّ ذلك على أن القطع من الذهب ــ وهو اليسير منه ــ مباح مطلقًا، لكن لا بدَّ أن يكون لحاجة، لأنه قد دلَّت النصوص على


(١) أحمد (١٦٨٤٤)، وأبو داود (٤٢٣٩)، والنسائي (٥١٥٠)، من طرق عن خالد الحذاء، عن ميمون القناد، عن أبي قلابة، عن معاوية بن أبي سفيان به.
إسناده ضعيف، قال أبو داود: «أبو قلابة لم يلق معاوية»، وقال الذهبي في «الميزان» (٤/ ٢٣٦): «الحديث منكر». وانظر: «بيان الوهم والإيهام» (٢/ ٤١٢).
(٢) قال أبو عبيد في «غريب الحديث» (٥/ ٣٦١): «فُسِّر لنا أنَّ المقطَّع هو الشيء اليسير منه مثل الحلقة والشذرة ونحوها». فهل قصد الإمام أحمد؟
(٣) لم أجده في «مسائل صالح». وانظر: «مسائل عبد الله» (ص ٤٤٦).