للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا، فالصحيح أنه لا إعادة عليه في شيء من ذلك، كما أنَّ الصحيح أن لا إعادة في النجاسة المعجوز عن إزالتها، وكما في المنسيَّة والمجهولة، وأولى؛ فإنَّ طهارة الحدث والسترة تسقط (١) بالعجز، ولا تسقط بالنسيان. ولأن العاجز فعَل ما أُمِر كما أُمِرَ، وامتثالُ الأمر يقتضي الإجزاء بفعل المأمور به. فمن امتثل ما أمره الله به، فلا إعادة عليه البتة، لأنَّ الله تعالى لم يفرض على عباده إلا صلاة واحدة. وقد قال لهم نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - لما فاتتهم الصلاة، وسألوه عن الإعادة مرَّتين: «أينهاكم عن الربا ويقبله منكم- رضي الله عنه -» (٢) فكيف بمن لم يفوِّت، وإنما اتقى الله ما استطاع؟

وطردُ هذا أن لا تجب الإعادة على من تيمَّم في الحضر لعدم الماء، أو لخشية (٣) أذى البرد ونحوهم.

وقد ثبت بالسنة الصحيحة أنَّ المستحاضة تصلِّي مع وجود النجاسة، ولا إعادة عليها (٤). وقد صلَّى عمر - رضي الله عنه - وجُرحُه يثعَب دمًا، ولم يُعِدْ (٥).

ولأنَّا لو أوجبنا عليه الإعادةَ إذا صلَّى في ثوب نجس، ولم نُوجبها إذا صلَّى عريانًا، لكان التعرِّي أحسن حالًا، فكان ينبغي أن يصلِّي عريانًا. وقد تقدَّم تضعيفُ ذلك.


(١) في الأصل: «يسقط» هنا وفي الجملة التالية.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) في المطبوع: «خشية»، والمثبت من الأصل.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.