الوجه المعتاد، فلا تكون السترة متعذِّرة، فيكون الوقت متسعًا لشرائط الصلاة وأفعالها؛ بخلاف مسألة الواحد بعد الواحد، فإنَّ الوقت متَّسع للسترة لو كانت ممكنة، وإنما السترة متعذرة. وفرقٌ بين تعذُّرٍ ينشأ من ضيق الوقت، وتعذُّرٍ ينشأ من تعذُّر الشرط. فإن نشأ من ضِيق الوقت وسَّعه الشارع، وإن نشأ من تعذُّر الشرط على الوجه المعتاد أسقطه الشارع. ولهذا لو كانوا في سفينة أو موضع ضيِّق لا يمكن جميعَهم الصلاةُ قيامًا صلَّوا واحدًا (١) بعد واحد، إلا أن يخافوا فوتَ الوقت، فيصلِّي واحدٌ قائمًا والباقون قعودًا، تقديمًا للصلاة في الوقت على ركن القيام. وقد تقدَّم مثلُ هذا الكلام في الطهارة، وسيجيء مثله في استقبال القبلة إن شاء الله.
وإن كانت السترة ملكًا لبعضهم لم تصح صلاته إلا فيها، وينبغي له أن يعيرها لسائرهم ليصلُّوا فيها، كما تقدَّم؛ إلا أن يضيق الوقت، فينبغي أن يعيرها لمن هو أحقُّ بالإمامة. وإن أعارها لغيره جاز.
وإن بُذِل الثوبُ لهم مطلقًا، وقد ضاق الوقت، أُقرِعَ بينهم. فمن قرَع فهو أحقُّ به إلا أن يكون أحدُهم أولى بالإمامة فهو أولى به. وإن كانوا رجالًا ونساءً فالنساء أحقُّ.
ومتى لم يستتروا إلا واحدٌ، لضيق الوقت، أو لعدم الإعارة؛ فإنه يؤمُّهم الكاسي، ويتقدَّم أمامهم. قال بعض أصحابنا: يستحَبُّ ذلك، وقياس المذهب: أنَّ إمامته واجبة، لأنَّ الجماعة واجبة على جميعهم، وهي لا
(١) في الأصل: «صلَّى واحدًا»، وفي المطبوع: «صلَّى واحد»، ولعل ما أثبت أنسب للسياق.