للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تشبُّه بفعل المجوس في عبادة النيران، ويُخاف معه من ترك تجويد القراءة والذكر والدعاء، لا سيَّما والملك يضع فاه على فيه (١).

وهل يكره التلثُّم على الأنف؟ على روايتين (٢):

إحداهما: يُكرَه، لأنَّ ابن عمر كره تغطيةَ الأنف (٣)، ولأنه عضو في الوجه يسجد عليه، فأشبه الجبهة؛ ولأنَّ مباشرته ــ إذا قلنا بوجوب السجود عليه ــ واجبة أو سنة مؤكَّدة، فإن سجد على الحائل كان مكروهًا؛ وأنَّ حَسْرَ اللِّثام احتاج إلى عمل، ولأنه ربما حصلت معه غنَّة في الحروف، ولأنه من الوجه وهو أبلغ من اللحية.

والثانية: لا يكره [ص ١١٦] تغطيته، لأنَّ النهي إنما جاء في الفم. وقد روى أحمد بإسناده عن قتادة حدَّثني عكرمة عن ابن عباس: كان يغطِّي أنفه. يعني: في الصلاة. قال قتادة: وكان سعيد بن المسيب وعطاء يكرهان ذلك (٤). ولأنه يمكن الإفصاح بحروف القرآن والذكر معه.


(١) أخرجه البزار (٢/ ٢١٤)، من طريق فضيل بن سليمان، عن الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي به.

قال البزار: «هذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي - رضي الله عنه - بإسناد أحسن من هذا الإسناد، وقد رواه غير واحد ... عن علي - رضي الله عنه - موقوفًا»، وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (٢/ ٥١): «رجال المرفوع رجال الصحيح»، وبنحوه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٢/ ٩٩)، والألباني في «الصحيحة» (٣/ ٢١٥).
(٢) «مسائل الروايتين» (١/ ١٥٩) روى الأولى عن صالح ولم أجده في «مسائله» المطبوعة. والثانية عن حنبل، ونحوها في «مسائل الكوسج» (٢/ ٦٢٩).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٤٠٦٢)، وابن أبي شيبة (٧٣٨٤).
(٤) لم أجده بهذا السياق، وأخرجه ابن أبي شيبة (٧٣٩١)، عن همام، عن قتادة في الرجل يغطي أنفه في الصلاة، فقال: حدثني عكرمة، أن ابن عباس كره الأنف.
قال قتادة: وكان سعيد بن المسيب والنخعي وعطاء يكرهونه، وكان الحسن لا يرى به بأسًا.