للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اقتضت المنعَ عن الصلاة فيها وامتازت بتلك المعاني عن غيرها، وإلا كان النهيُ عنها دون غيرها تخصيصًا بغير مخصِّص. ولأنَّ من أنعَمَ (١) النظرَ علِمَ اشتمالَها على معانٍ انفردت بها عن غيرها.

التفسير الثاني: أن يُعنَى بالتعبد أن المكلَّف لم يطَّلِع على حِكمة [ص ١٥٥] الحكم جملةً ولا تفصيلًا، مع أنَّ العمل يكون مشتملًا على وصفٍ لأجله عُلِّق به الحكم، سواء كان الوصف حاصلًا قبل نزول الشريعة وإرسال نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، أو إنما حصل بعد الرسالة.

والحكم المعلَّق به قد يُطلَق على نفس خطاب الله الذي هو الأمر والنهي والإباحة، وعلى موجَبِ الخطاب الذي هو الوجوب والحرمة والحِلّ. والأول إضافة إلى الفعل، والثاني: صفة ثابتة للفعل لكنها صفةٌ أثبتها الشارع له. وقد يطلَق الحكمُ على التعلُّق الذي بين الخطاب وبين الفعل. وقد يعنى بالحكم أيضًا صفة ثابتة للفعل قبل الشرع، أظهرها الشرع، كما يقوله بعض أصحابنا، منهم التميمي وأبو الخطاب. وأكثرهم لا يُثبت حكمًا قبل الشرع، وإنما كان ثابتًا عندهم بعضُ علل الأحكام. فمن قال: إنَّ الحكم في هذه المواضع تعبد بهذا التفسير، فقد ذكر أنه لم يظهر له حكمةُ الحكم على وجه منضبط، فأدار الحكمَ على الاسم. فهذا مسلك سديد (٢) في نفسه، وإن لم يكشِف فقهَ المسألة.

والمسلك الثاني: مسلك طائفة من أصحابنا وغيرهم. علَّلوا الصلاة


(١) في المطبوع: «أمعن» تبعًا لما علَّقه كاتب النسخة في هامشها: «لعله أمعن». وما ورد في النسخة هو كلام العرب.
(٢) في الأصل والمطبوع: «شديد»، تصحيف.