للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا من يصلِّي عند القبر اتفاقًا من غير أن يقصده، فلا يجوز أيضًا، كما لا يجوز السجود بين يدي الصنم والنار وغير ذلك مما يُعبد من دون الله، لما فيه من التشبُّهِ [ص ١٥٨] بعُبَّاد الأوثان، وفتحِ باب الصلاة عندها، واتهامِ من يراه أنه قصَد الصلاةَ عندها. ولأنَّ ذلك مظِنَّة تلك المفسدة، فعُلِّق الحكمُ بها، لأنَّ الحكمة قد لا تنضبط؛ ولأنَّ في ذلك حسمًا لهذه المادة، وتحقيقَ الإخلاص والتوحيد، وزجرَ النفوسِ (١) أن تتعرض لها بعبادة (٢)، وتقبيحًا (٣) لحال من يفعل ذلك.

ولهذا نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة عند طلوع الشمس، لأنَّ الكفار يسجدون للشمس حينئذ (٤). ونهى أن يصلِّي الرجلُ، وبين يديه قنديل أو نحوه (٥). وكان إذا صلَّى إلى سترة انحرف عنها، ولم يصمُد لها صَمْدًا (٦).


(١) في الأصل: «زجرًا لنفوس»، وقال كاتبه في الحاشية: «لعله: للنفوس». وكذا أثبت في المطبوع.
(٢) في الأصل: «بها لعبادة». والمثبت من المطبوع. وفي الأصل والمطبوع: «أن يتعرض».
(٣) في الأصل: «وتقبيح»، وصوابه من حاشية كاتبه.
(٤) كما في حديث عمرو بن عبسة الذي أخرجه مسلم (٨٣٢).
(٥) لم أقف عليه.
وقد أثر عن بعض السلف كراهة الصلاة إلى ما فيه نار، أخرج ابن أبي شيبة (٧٦٦٥) عن ابن سيرين أنه كره الصلاة إلى التنور، وقال: «بيت نار». وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٢٢٧).
(٦) أخرجه أحمد (٢٣٨٢٠)، وأبو داود (٦٩٣)، من طريق الوليد بن كامل، عن المهلب بن حجر، عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود، عن أبيها.

إسناده ضعيف، الوليد فيه لين، والمهلب مجهول، وقد اضطرب في إسناده ومتنه، وضعفه ابن القطان في «بيان الوهم» (٣/ ٣٥١)، وابن رجب في «فتح الباري» (٢/ ٦٤٦)، وابن حجر في «الدراية» (١/ ١٨١).