للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهبت طائفة من أصحابنا إلى جواز الصلاة إلى هذه المواضع مطلقًا من غير كراهة. وهو قول ضعيف جدًّا لا يليق بالمذهب.

ومنهم من لم يكره ذلك إلا في القبر خاصّةً، لأن النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صحَّ في الصلاة إلى القبور كما تقدَّم، ولأنها هي التي يخاف أن تُتخذ أوثانًا، فالصلاة إليها شبيهة بالصلاة بين يدي صنم، وذلك أعظم من الصلاة بينها. ولهذا كانوا يكرهون من الصلاة إلى القبر ما لا يكرهونه من الصلاة إلى المقبرة. وهذا (١) حجة من رأى التحريم والإبطال مختصًّا بالصلاة إلى القبر، وإن كره الصلاة إلى تلك الأشياء. وهو قول قويٌّ جدًّا، وقد قاله كثير من أصحابنا.

ووجه الكراهة في الجميع ما تقدَّم عن الصحابة والتابعين من غير خلافٍ علمناه بينهم. ولأنَّ القبور قد اتُّخذت أوثانًا، وعُبِدت، فالصلاةُ إليها تشبه (٢) الصلاة إلى الأوثان. وذلك حرام وإن لم يقصده المرء. ولهذا لو سجد إلى صنم بين يديه لم يجُز ذلك.

والحُشُّ والحمَّامُ موضعُ الشياطين ومستقرُّهم. وقد أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالدنوِّ إلى السُّترة خشيةَ أن يقطع الشيطان على المصلِّي صلاته (٣)، وقال: «تفلَّتَ عليَّ البارحةَ شيطانٌ، فأراد أن يقطع عليَّ صلاتي» (٤) وقال: «الكلب


(١) في المطبوع: «هذه»، والمثبت من الأصل.
(٢) في الأصل والمطبوع: «بالصلاة إليها يشبه»، وأشار كاتب النسخة في هامشه إلى الصواب.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.