للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما ينبني على ذلك أنه إذا خرجت الهرَّة أو الفأرة أو الحيّة من مائع يسير لم تنجِّسه في المنصوص. وقيل: تنجِّسه لملاقاة دبرها. والأول أصحّ، لأن من عادة الحيوان جمعَ دبره إذا دخل الماء خوفًا من دخوله فيه، فلا يتحقق التنجُّس (١).

وإذا أكلتْ نجاسةً ثم ولَغت في ماء يسير، فقيل: طاهر، وقيل: هو نجس إلا أن تغيب غَيبةً يمكن أنها وردت فيها ماءً يطهِّر فاها. وقيل: نجس إلا أن تلَغَ (٢) بعد الأكل بزمن يزول فيه أثر النجاسة بالريق (٣).

[١٣/ب] والضرب الثاني من المحرَّم: ما ليس بطوّاف، وهو نوعان: أحدهما الوحشي، وهو سباع البهائم وجوارح الطير وما يأكل الجِيَف، مثل الفهد والنمر والغراب الأبقع والبازي والسَّقر (٤)، فهذا نجس في أشهر الروايتين.

وفي الأخرى: هو طاهر لما روى جابر قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ بما أفضلَت الحُمُر؟ قال: "نعم، وبما أفضلت السباعُ كلُّها". رواه الشافعي والدارقطني (٥). ولأن الأصل في الأعيان: الطهارة، ويفارق الكلب بجواز


(١) في المطبوع: "التنجيس". والمثبت من الأصل.
(٢) في الأصل والمطبوع: "تلغوا". والصواب ما أثبتنا.
(٣) في "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٤٣): "وهو أقوى الأقوال".
(٤) كذا في الأصل بالسين، وهو لغة في الصقر. وفي المطبوع غيِّر إلى "الصقر".
(٥) الشافعي (٢/ ١٩)، والدارقطني (١/ ٦٢)، من طريق داود بن الحصين، عن أبيه، عن جابر - رضي الله عنه -، وتارة من طريق داود، عن جابر، دون واسطة.
وقواه بمجموع طرقه البيهقي في "معرفة السنن" (٢/ ٦٧)، وأعله الدارقطني، وابن التركماني في "الجوهر النقي" (١/ ٢٥٠) بالاختلاف في إسناده وبالكلام في بعض رجاله، انظر: "البدر المنير" (١/ ٤٦٧ - ٤٧١)، "الدراية" (١/ ٦٢).