للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الترمذي وابن ماجه (١) عن قتادة عن الحسن عن سمُرة قال: سكتتان حفظتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال سعيد: فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته, وإذا فرغ من القراءة. ثم قال بعد ذلك: وإذا قرأ: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يترادَّ إليه نفَسُه.

فأما السكتة الأولى، فهي سكتة الاستفتاح. وهي سكوت عن الجهر والاستماع, لا عن أصل الذكر والكلام, كما في حديث أبي هريرة: أرأيتَ سكوتك بين التكبير والقراءة, ماذا تقول؟ قال: «اللهم باعِدْ بيني وبين خطايايَ ... » الحديث (٢). ولهذا قال: سكتة إذا كبَّر حتى يقرأ. فبيَّن أنه أراد السكوت الذي يلي تكبيرة الافتتاح, وهو محلُّ الافتتاح, لا سكوت محض. وهذه السكتة إنما تكون في الركعة الأولى, فأما في الثانية فلا؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الركعة الثانية استفتح القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ولم يسكت. رواه مسلم (٣).

وأما السكتة الثانية: فقال الإمام أحمد (٤): إذا كبَّر الإمام فليسكت سكتتين: سكتةً إذا كبَّر, وإذا فرغ من القراءة قبل أن يركع, مثل حديث سمُرة


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٧٤٤) ومسلم (٥٩٨).
(٣) برقم (٥٩٩).
(٤) في رواية أبي طالب: انظر «حاشية ابن قندس على الفروع» (٢/ ١٩١).