للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دورًا.

ولأنَّ المأموم لو ترك قراءة الفاتحة لم يُكرَه له ذلك, والسكوتُ في الصلاة مكروه في الأصل, فكيف يلتزم الإمام (١) فعلَ المكروه، ليحصل ما لا كراهة في تركه؟

ولأنَّ من نازع الإمام القراءة فقد أخطأ السنَّة, فكيف يترك الإمام السنَّة احترازًا من خطأ المخطئ؟

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم -[إن] (٢) كان يسكتها, وأصحابه يقرؤون فيها, لم يصحَّ احتجاج من يحتج لقراءة الفاتحة حين الجهر بما تقدَّم. فلا يبقى شيء يتوكَّد به القراءة على المأموم في حال الجهر. وإذا لم تكن القراءة متوكِّدة في حقِّ المأموم لم يحتج إلى السكوت. وإن كان لا يسكتها فلا وجه لاستحباب سكوتها. فأمَّا أن يقال: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أذِن لهم في قراءتها في حال جهره, مع أنه كان يسكت لهم سكتة بقدرها؛ فهذا لا يجوز.

ولأن أبا هريرة لما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيتَ سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ علِم أنه لم يكن له سكتة بقدر هذه, ولو كانت سكتة بعد الفاتحة بقدرها لكانت أكثر من هذه.

ولأن هذه المذاهب كلَّها من فروع توكيد قراءة الفاتحة على المأموم, وهو ضعيف. ولأن الإمام لو ترك هذه السكتات لم يُكرَه له ذلك, كما قد


(١) في الأصل والمطبوع: «المأموم»، والمعنى على ما أثبت.
(٢) زيادة من حاشية الناسخ. ويدل على سقوطها قوله فيما يأتي: «وإن كان لا يسكتها».