للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخندق، وآية المحافظة نزلت ناسخةً لما فعلوه من التأخير، آمرةً (١) بالمحافظة في الخوف وغيره. فلا يصح الاحتجاج بما فعل من التأخير يومئذ.

وأيضًا: فإن الذين طلبوا بني قريظة لم يكونوا في خوف شديد ولا خفيف. ومثل هذا لا يجوز معه التأخير. وإنما لما أمرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يصلُّوا العصر إلا في بني قريظة مبالغةً في المبادرة إليهم، ولم يكن وُكِّد المحافظة على المواقيت، استخاروا التأخير امتثالًا لظاهر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ رأوه واجبًا عليهم.

فإن قيل: هذه الصلاة تشتمل على المشي والعمل الكثير، قلنا: هذا يجوز للحاجة. وأما اشتغال القلب بالصلاة، فمن أعظم أسباب النصر. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: ٤٥]. فأمَر بالذكر الكثير، والصلاة أفضل الذكر، وليس فيها زيادة على الذكر إلا الإيماء بالركوع والسجود.

فعلى هذا، لو عجز عن اجتناب النجاسة أو ستر العورة لكون العدو فَجِئَه [٢٦٢/ب] صلَّى أيضًا على حسب حاله، كمن عدِم الماءَ والترابَ، ولا إعادة عليه في المشهور، لأن الصلاة لا يجوز تأخيرها عن الوقت بحال.

ويجوز أن يصلُّوا في هذه الحال جماعةً رجالًا وركبانًا، نصَّ عليه، وإن أفضى إلى التقدُّم على الإمام أو عن يساره أو وقوف الفل (٢)، إذا أمكنهم متابعة الإمام. فإن لم يمكن ذلك بأن لا يمكنهم ملاحظة أفعال الإمام ولا


(١) في الأصل: «مَرَّة» مضبوطة. وهي تصحيف ما أثبت.
(٢) كذا في الأصل.